توسعة إسرائيلية في القدس فوق مقبرة إسلامية

اعتصام لمستوطنين في الحرمين القدسي والإبراهيمي

TT

توسعة إسرائيلية في القدس فوق مقبرة إسلامية

تصاعدت نشاطات التهويد في مدينة القدس الشرقية المحتلة؛ فبعد أيام من إعلان وزير الإسكان الإسرائيلي يوآف غالانت إطلاق مشروع بناء 14 ألف وحدة سكنية، أقرت البلدية الإسرائيلية في القدس مشروعاً جديداً لتوسيع شارع في المدينة على حساب المقبرة الإسلامية «مأمن الله»، ومصادرة قسم من المقبرة لأغراض أخرى.
ولم يكتف المستوطنون بهذه التوسعات، فاعتصموا أمام باب الأسباط للحرم القدسي، مطالبين بفتح جميع بوابات الأقصى أمامهم. واحتل مستوطنون آخرون عمارة قرب الحرم الإبراهيمي في الخليل، واعتصموا فيها، مطالبين بطرد عائلة فلسطينية.
وقالت «منظمة الهيكل» الاستيطانية إنه «في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأميركي اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على القدس، لا يجوز أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بفتح كل بوابات جبل الهيكل (باحة المسجد الأقصى) أمام الفلسطينيين، وفتح بوابة واحدة أمام اليهود». وخلال اعتصامهم أمام باب الأسباط المؤدي إلى المسجد الأقصى، طالب ناشطو المنظمة بزيادة ساعات دخول اليهود، وبفتح سائر أبواب المسجد أمامهم بدلاً من قصر دخولهم عبر باب المغاربة.
وقامت طواقم «سلطة الطبيعة» الإسرائيلية، أمس، باقتحام مقبرة «باب الرحمة» الملاصقة للسور الشرقي للمسجد الأقصى لليوم الثاني على التوالي، وشرعت بالعبث بمحتوياتها. وكانت سلطات الاحتلال قد اقتطعت جزءاً مهماً من هذه المقبرة لصالح إنشاء «حدائق تلمودية»، فيما قررت البلدية أمس توسيع الشارع المار قرب مقبرة «مأمن الله» على حساب طمس عشرات القبور فيها.
وأوضح مسؤول العلاقات العامة والإعلام في الأوقاف الإسلامية فراس الدبس أن طواقم «سلطة الطبيعية» اقتحمت برفقة عناصر من شرطة الاحتلال، المقبرة الإسلامية، وشرعت بقص وخلع الأشجار فيها. وأشار إلى أن «سلطات الاحتلال تواصل اعتداءاتها الممنهجة على المقبرة، إذ عمدت الأحد إلى اقتحامها والعبث فيها وتخريب الأشجار وقصها، في انتهاك صارخ لحرمة القبور والأموات».
وحاول المقدسيون التصدي للاعتداء على المقبرة، إلا أن قوات الاحتلال أبعدتهم بالقوة، واعتدت على بعضهم بالدفع، واعتقلت خلال ذلك أمين سر حركة فتح في بلدة سلوان أحمد العباسي والشاب خالد الزير. وأكد رئيس «لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس المحتلة» الحاج مصطفى أبو زهرة أن سلطات الاحتلال تسعى إلى السيطرة على أجزاء من المقبرة، ومصادرتها لصالح إقامة «حدائق توراتية»، في محاولة لطمس المعالم الإسلامية للمدينة.
وقال إن «الاحتلال يمنع المقدسيين منذ سنوات من دفن موتاهم في المقبرة، علماً بأنها من أقدم المعالم الإسلامية في مدينة القدس (منذ 1400 سنة)، وتضم بين جنباتها رفات عدد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، مثل عبادة بن الصامت الأنصاري، وشداد بن أوس، فضلاً عن آلاف الموتى من أبناء العائلات المقدسية».
وتعرضت المقبرة مؤخراً لسلسلة اعتداءات إسرائيلية بهدف الاستيلاء عليها، وحاولت «سلطة الآثار» اقتطاع مساحة 40 في المائة من أراضيها التي تعتبر الحاضنة الشرقية للمسجد الأقصى، وضربت أسلاكاً شائكة حولها.
وفي مدينة الخليل، احتل المستوطنون العمارة القريبة من الحرم الإبراهيمي، واشترطوا لإخلائها هدم مخزن فلسطيني يدعون أنه أقيم حديثاً بجانب العمارة. كما طالبوا بالسماح لرجالهم بحراسة العمارة بعد إخلائها، إلى أن تقرر اللجنة المختصة التابعة للإدارة المدنية في مسألة ملكيتها.
وجاء بيان المستوطنين هذا في أعقاب اقتراح طرحوه أمام المحكمة العليا في الأسبوع الماضي، قالوا فيه إنه «من منطلق احترام المحكمة، سيوافق مقدمو الالتماس على اقتراحها وعلى العمل وفقاً للمخطط، رغم التنازل المؤلم المنوط بإخلاء المبنى مع كل الجوانب النفسية الناجمة عن ذلك، حتى لو كان الإخلاء لفترة قصيرة كما يأمل الملتمسون».
يشار إلى أن هذه العمارة المجاورة للحرم الإبراهيمي في الخليل، تقف منذ سنوات في قلب صراع قضائي لم يتم حسمه حتى اليوم. ويدعي المستوطنون أنهم اشتروا العمارة من فلسطيني قبل ست سنوات، بينما يدعي الفلسطينيون أن الصفقة ليست سارية لأنه حتى لو تم بيع البناية، فقد تم ذلك من قبل أحد الورثة فقط.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.