لأنهم لا يختلفون عن الأشخاص الآخرين في أحاسيسهم وآمالهم وتطلعاتهم المستقبلية، فإنّ مبادرة «العمل للأمل» تعطي اللاجئين السوريين فرصة التعبير عن مكنوناتهم كأفراد ومجموعات ضمن مهرجان «أوان».
هذا المهرجان الذي انطلق أمس، من خلال معرض صور فوتوغرافية للفنان حمزة رضا بعنوان «لا بيوت في المخيم»، آثر على تقديم واقع حياة اللاجئين اليوم على طريقتهم، أي في قالب يختلف تماماً عن الذي يحاول البعض تقييدهم فيه. وتضمن المعرض لقطات مصورة عن أحوال النازحين في مخيماتهم الموزعة ما بين لبنان وتركيا والأردن. وتكمن أهمية هذا المعرض الذي رافقه لوحات موسيقية وأخرى مأخوذة من الأصوات التي نسمعها في تلك المخيمات في نقل الأجواء التي يعيش فيها النازحون وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الناس في مشوار مجازي يقومون به من خلال الصور الفوتوغرافية المعروضة.
وتكمن مهمة مبادرة «أوان» التي تأسّست في عام 2015، في العمل مع المجتمعات المنكوبة لمساعدة أفرادها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المفروضة عليهم من خلال إطلاق خيالهم وقدراتهم الإبداعية. فتقدم للمجتمعات التي تعاني من الحرب والتهجير والاضطرابات السياسية العنيفة، والفقر المدقع والظروف المعيشية الصعبة، الأدوات التي تمكنها من حرية التعبير والإبداع الفني، والتواصل والمعرفة والتعافي من الآثار النفسية الناتجة عن هذه الظروف. وتواكب «أوان» أحوال النازحين في لبنان من خلال ورش عمل ومدرسة يجتمعون فيها مرتين في الأسبوع، تقع في بلدة بر إلياس البقاعية، فتحفزهم على التعاطي مع الشؤون الفنية في إطار يناسب بيئتهم وتربيتهم المحافظتين.
«لقد حاولت قدر الإمكان أثناء تدريبي لـ7 نساء لاجئات على مشاهد مسرحية (حمرة)، عدم استخدام عبارات ترتبط ارتباطا مباشرا بالفن المسرحي». تقول سارة زين مخرجة العمل المسرحي الذي يقدم في المهرجان، وأضافت في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قمن بأداء رائع لا سيما وأنهنّ تشاركن في رواية قصص عايشنها فجاءت مشاهد العمل خالية من التصنع ومائلة بشكل أكبر نحو الطبيعية وكأنهن تجتمعن في جلسة حول فنجان قهوة».
وتتضمن مسرحية «حمرة» التي تعرض في 14 و15 من الشهر الحالي في مركز «مانشن» الفني، قصصاً منوعة تخرج فيها النازحات المشاركات عن موضوع الهروب واللجوء والمعاناة التي سببتها لهن الحرب في سوريا، ولينتقلن فيها إلى الفرح والأمل من خلال محطات حلوة عايشنها في مناسبات مختلفة، كحفلات الزفاف والخطوبة وولادة طفل جديد في العائلة، إضافة إلى موضوعات أخرى تتناول مشكلاتهن مع أزواجهن وأولادهن في حياتهن داخل المخيمات.
أمّا لماذا تمّت تسمية العمل بـ«حمرة» فترد سارة: «لأنها بالدرجة الأولى ترمز إلى الأنثوية، ومن ثم إلى الأحمر الذي يلعب دورا أساسيا في حياتهن كونهن أتين من خلفية حرب خلفت دماء شهداء وكون الأحمر يرمز إلى الحب وكذلك إلى حدث مفاجئ تتضمنه المسرحية يحصل على الخشبة ويسوده هذا اللون».
ومن الأعمال الفنية التي يتضمنها المهرجان، حفلة موسيقية بعنوان «زهورات» تشارك فيها مجموعة من الصبايا خريجات «مدرسة العمل للأمل» للموسيقى، ويقدمن فيها أغاني من التراث الفني السوري والعراقي والمصري عزفا وغناء. ويختتم المهرجان فعالياته الأحد 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مع «مال الهوى»، وهو كناية عن حفل موسيقي مدته ساعتان يقدم على مسرح «بيريت» في الجامعة اليسوعية، ويشارك فيه 19 طالبا وطالبة تتراوح أعمارهم ما بين 10 سنوات و18 سنة، وذلك من خلال عزف وغناء مقطوعات موسيقية على الناي والبزق والرق والعود وغيرها من الآلات الموسيقية المعروفة في الموسيقى الشرقية.
فمهرجان «أوان» يعد بنشاطاته فرصة مقدمة لمجتمعات اللاجئين في لبنان التي كانت تعتبر الفن أمراً ثانوياً في حياتهم اليومية، فنقلهم إلى واقع مغاير دفع بمواهب فنية تابعت صفوفا خاصة في مدرسة «مبادرة العمل للأمل» ضمن منهاج مركز يشرف عليه فواز باقر (اختصاصي موسيقي من حلب ويستقر في باريس)، قدم خبراته في هذا المجال من أجل خدمة المبادرة وليساهم كذلك في خلق فرص عمل يتوق إليها اللاجئون. يذكر أنّ المهرجان كان قد افتتح أيامه مع حفل لمغني الراب مازن السيد الملقب بـ(الراس).
«أوان» لسان حال اللاجئين السوريين عن طريق المسرح والموسيقى
مهرجان يتيح الفرصة لاكتشاف المواهب الفنية لديهم
«أوان» لسان حال اللاجئين السوريين عن طريق المسرح والموسيقى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة