الميليشيات تواصل ملاحقة شيوخ القبائل وتراقب اتصالاتهم

TT

الميليشيات تواصل ملاحقة شيوخ القبائل وتراقب اتصالاتهم

فرضت ميليشيات الحوثي طوقا أمنيا على القيادات العسكرية وشيوخ القبائل الموجودين في الوقت الراهن بالعاصمة اليمنية صنعاء، وذلك بعد عملية اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وذلك بمراقبة تحركاتهم والتنصت على جميع المكالمات الواردة والصادرة من هواتفهم الجوالة.
وفور عملية اغتيال الرئيس اليمني السابق، وجهت ميليشيات الحوثي تهديدا لشيوخ القبائل الموالية لعلي صالح تطالب فيه شيوخ القبائل بالتأييد المباشر وغير المشروط لكل ما تقوم به الميليشيات داخل صنعاء وخارجها، بما في ذلك عملية الاغتيال، وأن يقفوا في هذه المرحلة مع الحوثيين في صف واحد، وإلا سيكون مصير المعارض لهم الموت.
ورفض عدد من المشايخ الذي طلبوا عدم ذكر أسمائهم، الحديث بإسهاب في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط»، بذريعة أن هواتفهم في هذه الأثناء مراقبة من قبل الميليشيات التي ترصد جميع تحركاتهم، وألمحوا أنهم في هذه المرحلة لا يمكن لهم الحديث عن تفاصيل ما يواجهونه من عمليات مراقبة، الأمر الذي يدفعهم إلى الحرص في أحاديثهم وإغلاق أي مواضيع تتمحور حول الوضع في صنعاء، أو عن عملية الاغتيال.
واقتادت ميليشيات الحوثي أكثر من ألفي شخصية من قيادات الصف الثاني والنشطاء المعارضين لأعمالها في صنعاء، وفقا لعزي هبة الله شريم الوزير في الحكومة اليمنية، الذي قال، إن المعتقلين من مختلف شرائح المجتمع بمن في ذلك القيادات الموالية للرئيس السابق، وهم من يقبعون في صنعاء والمناطق المجاورة لها، فيما نفذت عناصر الميليشيات عمليات اغتيال واسعة في صنعاء.
وأردف، أن الميليشيات تقوم بمجازر في كل المواقع التي تسيطر عليها خصوصا في العاصمة اليمنية، ولا يمكن وقف هذه الأعمال الإرهابية إلا من خلال تقدم الجيش الوطني مدعوما بقوات التحالف العربي، وإن لم يشمل التقدم صنعاء، فعلى أقل تقدير أن يجري وعلى الفور تحرير ميناء الحديدة المنفذ الرئيسي للميليشيات، خصوصا أن التأخير ستكون له عواقب عكسية على المجتمع اليمني الذي يعيش فترة غضب عارم على جميع الأفعال التي تقوم بها الميليشيات.
وعن تهديد مشايخ القبائل، قال الوزير، إن هذا هو السلوك الطبيعي لهذه الميليشيات لكل من يخالفهم الرأي، خصوصا أن هذه الميليشيات تمر بفترة قلق وهستيريا نتيجة تفجر الأوضاع، لذلك هم يجعلون التهديد والقتل خيارهم الأول لكل من يحاول أن يرفع صوته أو يعارضهم، موضحا أن الميليشيات أعلنت أن الأمور ستعود كما كانت قبل الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، وسيكون السبت أول أيام مباشرة الأعمال.
إلى ذلك أكد هادي طرشان، شيخ من مشايخ وايلة، ومحافظ صعدة، أن الميليشيات قامت بعملية تهديد ووعيد لكل من يخالفها خصوصا القبائل في طوق صنعاء، وطالبتهم بالانصياع وعدم التدخل وإلا سيتعاملون معهم كما تعاملوا مع الرئيس السابق، وتقوم الميليشيات الحوثية منذ إعلان مقتل علي صالح بمراقبة دقيقة لتحركات ومحادثات هذه الشخصيات، مشددا على أن الميليشيات تعيش مرحلة تصفية وانتقام من كل أتباع وموالي صالح في العاصمة اليمنية. وأضاف، أن الميليشيات تتعامل الآن مع القبائل والشخصيات الاعتبارية من باب الترغيب والترهيب، فهي تقوم بتذكيرهم أن الموت والعذاب مصير من يخالفها، والنجاة لكل من يسير معها في اتجاه السيطرة على تحركات المواطنين ومنعهم من القيام بأي أنشطة مخالفة، الأمر الذي دفع العديد ممن نتواصل معهم للصمت وعدم الحديث بشكل مباشر عن أي توجهات تخرج عما يطلبه الحوثيون، ومنهم لم يعد يتجاوب في الاتصالات التي ترد عليه مخافة أن يكون مصيره التعذيب والموت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».