بريطانيا لم تقيّم رسمياً تأثير الانفصال على قطاعاتها المختلفة

زعامة تيريزا ماي أصبحت قابلة للتحدي... وربما قبل نهاية العام

تيريزا ماي تفقد السيطرة على المشهد السياسي (إ.ب.أ)
تيريزا ماي تفقد السيطرة على المشهد السياسي (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا لم تقيّم رسمياً تأثير الانفصال على قطاعاتها المختلفة

تيريزا ماي تفقد السيطرة على المشهد السياسي (إ.ب.أ)
تيريزا ماي تفقد السيطرة على المشهد السياسي (إ.ب.أ)

اعتراف الوزير البريطاني ديفيد ديفيز المسؤول عن ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي أمام لجنة برلمانية أمس الأربعاء بأن الحكومة لم تجر بعد تقييما دقيقا لمعرفة الآثار السلبية للطلاق المحتمل مع التكتل الأوروبي تزامن مع آخر استطلاعات الرأي التي أظهرت عدم رضا شريحة كبيرة من البريطانيين على أداء الحكومة لإدارة مفاوضات بريكست مع بروكسل، وأن أي صفقة ستوقعها الحكومة لن تكون لصالح بريطانيا. وعبر 19 في المائة فقط عن اعتقادهم بأن بريطانيا ستحصل على صفقة جيدة، مقارنة بنسبة 61 في المائة عبرت عن تشاؤمها إزاء الخروج.
وقال ديفيز أمام لجنة تابعة لمجلس العموم تعني بشؤون الخروج من الاتحاد «على حد علمي لا يوجد تقييم منهجي للتأثير»، مضيفا أنه سيكون من الأنسب إجراء مثل هذا التحليل في وقت لاحق من عملية التفاوض. وأضاف ديفيز أن حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي لم تجر تحليلا رسميا لكل قطاع من القطاعات لمعرفة تأثير الانفصال على الاقتصاد البريطاني، مشيرا إلى أنه لا ضرورة لذلك في الوقت الراهن.
وأفاد الاستطلاع الذي أجراه المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية بأن شريحة البريطانيين الذين يعتقدون أن الحكومة تدير المفاوضات بشكل سيء ارتفعت من 41 في المائة في فبراير (شباط) إلى 55 في المائة في يوليو (تموز) وصولا إلى 61 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول). كما ارتفع عدد البريطانيين الذين يعتقدون أن بلادهم ستحصل على صفقة سيئة في بروكسل من 37 في المائة في فبراير إلى 44 في المائة في يوليو و52 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول).
وقال أبرز معدي الاستطلاع جون كورتيس: «قد يكون التشاؤم المتزايد بشكل أساسي نتيجة عدم رضا الذين صوتوا لصالح البقاء ضمن الاتحاد، عن عملية بريكست». وأضاف، في تصريحات نقلتها الصحافة الفرنسية: «لكن التشاؤم تزايد بشكل أساسي أيضا لدى شريحة الذين صوتوا لصالح الخروج» من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء. لكن كورتيس أضاف أن الناخبين ينتقدون عملية التفاوض «ولا يستخلصون نتائج بأن قرار المغادرة كان مضللا». وخلص إلى القول إن «عملية بريكست صعبة قد يتبين أنها مكلفة سياسيا لرئيسة الوزراء تيريزا ماي وحكومتها بدلا من تكون محركا لتغيير المواقف حول بريكست».
حالة التفاؤل التي سادت قبل أيام منيت بنكسة هذا الأسبوع بسبب الخلاف حول الحدود الفاصلة بين جمهورية آيرلندا، عضو الاتحاد الأوروبي، وآيرلندا الشمالية التي هي جزء من المملكة المتحدة. وسعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي جاهدة الثلاثاء إلى إنقاذ اتفاق الحدود غداة رفضه من قبل حلفائها في الحزب الديمقراطي الوحدوي، ما كشف ضعف موقفها. وزادت انتكاسة الرفض من الضغط على ماي من جانب كل من البرلمانيين الموالين للاتحاد الأوروبي وأيضا مؤيدي خروج بريطانيا من التكتل في حزبها المحافظ، وذلك قبيل انتهاء المهلة التي حددها الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل لإحراز تقدم كبير فيما يتعلق بهذه النقاط الرئيسية: الحدود الآيرلندية والتسوية المالية البريطانية وحقوق مواطني الاتحاد الأوروبي، قبل بدء محادثات حول مستقبل التجارة. ونقلت صحيفة «التايمز» عن سياسي بارز من المحافظين القول إن ماي يمكن أن تواجه تحديا قياديا قبل عيد الميلاد (كريسماس) ورأس السنة الجديدة إذا حاولت تقديم أي امتياز كبير للحكومة الآيرلندية. ومن جانبه، قال البرلماني المحافظ المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد
الأوروبي، جاكوب ريس - موغ، للصحيفة إن بريطانيا وآيرلندا الشمالية «لا بد أن تغادرا (الاتحاد الأوروبي) على الأساس نفسه، ولا يمكن لآيرلندا الشمالية البقاء بالفعل في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي».
قال وزير الخروج ديفيس إن آيرلندا الشمالية لن تحظى بمعاملة مختلفة عن بقية المملكة المتحدة بعد خروج بلاده من الاتحاد. جاء ذلك في كلمة ديفيس في البرلمان عندما سئل عما إذا كانت جهود الحكومة لتلافي وجود حدود «صلبة» تخضع لرقابة مشددة بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا، يمكن أن تشهد بقاء آيرلندا الشمالية في السوق الأوروبية أو الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي. وأضاف: «هذا الأمر لا تدرسه قطعا حكومة المملكة المتحدة». وقال ديفيس: «لن نتعامل مع جزء من المملكة المتحدة بشكل مختلف عن أي جزء آخر».
وقالت زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي في آيرلندا الشمالية، أرلين فوستر، حليفة ماي في بيان إن حزبها: «لن يقبل أي شكل من أشكال الاختلاف التنظيمي الذي يفصل آيرلندا الشمالية اقتصاديا أو سياسيا عن بقية المملكة المتحدة».
وكانت قد وافقت لندن على أن تحافظ آيرلندا الشمالية على نوع من «التنسيق التنظيمي» مع جمهورية آيرلندا بعد بريكست حتى مع انسحاب بريطانيا ككل من سوق التكتل الموحدة واتحاده الجمركي. وطلبت دبلن ضمانات بألا يؤدي بريكست إلى عودة التفتيش على الحدود وتؤثر سلبا على اتفاق السلام في شمال آيرلندا، أي اتفاق الجمعة العظيمة. لكن بينما سعت ماي للتوصل إلى اتفاق مع رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر في بروكسل الاثنين، لم يخف الحزب الديمقراطي الوحدوي معارضته. وقال النائب نايجل دودز الثلاثاء إن حزبه الديمقراطي الوحدوي لم ير مسودة الاتفاق قبل صباح الاثنين واعتبره «غير مقبول». وقال: «لن نسمح بالاتفاق على أي تسوية يمكن أن تتسبب بتباعد سياسي أو اقتصادي بين آيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».