محللون: صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه

أكدوا حاجة دول عربية إلى إعادة النظر في مواقفها بعد اغتياله

محللون: صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه
TT

محللون: صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه

محللون: صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه

قال محللون إن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه العروبية، ووقوفه - وإن في اللحظات الأخيرة - ضد مشروع ولاية الفقيه الإيراني في اليمن، مشيرين إلى أن الشرارة التي أشعلها صالح قبل اغتياله على يد الحوثيين لن تنطفئ وستستمر بقوة.
ورأى المحللون في حديثهم مع «الشرق الأوسط» أن التطورات الأخيرة واغتيال رئيس سابق لدولة عربية ولأحد أكبر الأحزاب السياسية في اليمن، يؤكد حاجة الدول العربية إلى إعادة النظر في موقفها من إيران، وأن تنظر إلى ما يجري في اليمن بعين مختلفة، وإدراك أن التحالف العربي الذي يخوض المواجهات ضد الحوثيين لا يدافع عن حدود السعودية فحسب، وإنما يقوم بالدفاع عن كافة الدول العربية، في وجه محاولات التمدد الفارسي.
ويرى الدكتور هادي اليامي الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية، أن الأحداث التي تشهدها اليمن في الوقت الحالي، وبعد إقدام المتمردين الحوثيين على تصفية الرئيس السابق علي عبد الله صالح، توضح بجلاء حجم المعاناة التي تعيشها اليمن في الوقت الحالي. وأضاف أن ذلك «يظهر مستوى التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتجرؤها على إصدار تعليمات لحليفها الحوثي بتصفية رئيس سابق لدولة عربية، وزعيم لأكبر أحزابها السياسية، والجميع يعلم أن المخابرات الإيرانية هي التي أمدت الميليشيات الحوثية بخطة تحرك صالح، بعد أن ظلت ترصده، وأعطت تعليمات واضحة بتصفيته ومرافقيه، بدم بارد».
وتابع: «هذه التطورات تؤكد أن على الدول العربية إعادة النظر في موقفها من إيران، وأن تنظر إلى ما يجري في اليمن بعين مختلفة، وعليها إدراك أن التحالف العربي الذي يخوض المواجهات ضد الحوثيين لا يدافع عن حدود المملكة فقط، إنما يقوم بالدفاع عن كافة الدول العربية، في وجه محاولات التمدد الفارسي، بعد أن تدخلت طهران في سوريا والعراق ولبنان، وتحاول إيجاد موطئ قدم لها في البحرين والكويت واليمن، تمهيدا للانطلاق نحو عواصم عربية أخرى، فالتخطيط الإيراني يرمي لابتلاع كافة الدول العربية ولا يقف عند دولة بعينها».
الدكتور هادي طالب بوقفة جادة وحازمة، وتحرك على كافة المستويات، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، وتشكيل جبهة عربية موحدة، والبدء باستعادة الشرعية في اليمن، وتمكين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من العودة لتسلم السلطة على كافة أنحاء اليمن، للقيام بواجباتها، والقضاء على ميليشيات التمرد، محذراً من أنه في حال عدم القيام بذلك، فلن يكون غريباً أن نرى قريباً آثار التدخل الإيراني، من صراعات مذهبية، وحروب عرقية، ودمار شامل في دولة عربية أخرى.
من جانبه، أكد نجيب غلاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، قدرة الشعب اليمني على اجتثاث الحركة الحوثية الإيرانية، وأنه لن يقبل بها مهما كانت الظروف، وأردف: «يجب اجتثاث هذه الحركة، إذا مددت يدك للحوثيين أكلوا الثانية، الرئيس السابق صالح دفع حياته ثمناً لمواقفه العروبية، وقد اضطر لمسايرة الحوثيين عندما احتلوا صنعاء لينجو بنفسه خلال الفترة الماضية، كان مجبراً على كل الخطابات، وبمجرد أن حدد موقفه قاموا باغتياله فوراً، وقد ذكر ذلك الأمير محمد بن سلمان، عندما قال لو أن صالح كان خارج سيطرة الحوثيين سيكون له موقف آخر».
إلى ذلك، اعتبر فيصل العواضي، الكاتب والمحلل اليمني، أن علي عبد الله صالح دفع حياته ثمناً لخطأ التشارك مع الحوثيين أولاً، ومن حسن حظه دفع حياته وهو في الموقف الصحيح، وأكمل: «من كان يتابع مجريات الأحداث ويعرف طبيعة هذه الحركة الإرهابية، يدرك منذ البداية أنهم سيقضون عليه، وسبق أن تلقى تحذيرات على اعتبار أنهم لا يفون بالعهود، كما أن لديهم ثأراً معه».
لكن العواضي يؤكد أن «الشرارة التي أشعلها صالح قبل اغتياله سوف تستمر، المطلوب الآن التفرغ لمواجهة وباء ميليشيات الحوثي، فالناس وصلت لمرحلة من القهر لأفعال هذه الميليشيات، ومقتل صالح زاد الغضب الشعبي عليهم، أعتقد يتم التحضير الآن لمعركة حاسمة لن تستغرق حرباً طويلة مع الحوثيين (...) خلال الأيام القادمة سنشهد تطورات إيجابية»، مضيفاً أن «مشروع ولاية الفقيه خطر مكشوف منذ زمن؛ لكنهم الآن يقدمون الأدلة على خبث هذا المشروع، وحالياً على كل من كان يناصر هذا المشروع أن يقتنع بأن هؤلاء لا يمكن التعايش معهم بأي حال، وهذا ما يدركه الشارع العربي بوضوح».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.