بالتزامن مع مقتل فلسطيني وإصابة آخر بجروح حرجة إثر اشتباكات مع قوات الاحتلال في بلدة قرب نابلس اقتحمها الجيش ومستوطنون، أمس، نشرت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان، أربعة أشرطة مصورة لحوادث وقعت خلال الشهرين الماضيين، تظهر كيف ينكل جنود جيش الاحتلال بتلاميذ المدارس بالتعاون مع المستوطنين.
وتظهر الأشرطة التي عرضتها المنظمة أمام الصحافيين كيف تم التنكيل بطلاب مدرسة زياد حمودة جابر الابتدائية في مدينة الخليل، وإعاقة حركتهم ومنعهم من الوصول إلى المدرسة. وأوضحت «بتسيلم» أن الوصول إلى المدرسة يتطلب من الطلاب والمعلمين «عبور بوابة حديدية منصوبة على بُعد نحو 30 متراً من المدرسة، تفصل بين حي وادي النصارى وحي جابر، على شارع طريق المصلين الذي يؤدي من مستوطنة كريات أربع إلى الحرم الإبراهيمي. العبور من البوابة مسموح للمشاة فقط، ويُحظر عبور السيارات منها، ويقف في المكان من حين لآخر، وبشكل غير منتظم، جنود يفتشون المارة».
وفي حالة التنكيل الأولى، وثقت «بتسيلم» أنه «في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما أنهى جزء من طلاب المدرسة دوامهم وخرجوا إلى بيوتهم، عاد بعضهم راكضاً، وأخبر المعلمين بأن جنديين ومستوطناً يركضون خلفهم ويصورونهم. ووصف الطالب أ.ج (12 عاماً) ما حدث، قائلاً إنه «في لحظة عبورنا البوابة رأينا نحو ستة جنود، وبجانبهم مستوطن. أخذ هذا يصورنا بواسطة هاتفه النقال. قلت له: لماذا تصورنا؟، وفجأة هجم علي جندي. كان عصبياً وأمسك في يده زجاجة لا أعرف ماذا احتوت داخلها، قد يكون عصيراً أو شيئاً من هذا القبيل. لطمني على مؤخرة رقبتي، وعندها تدخل جندي آخر ودفعني تجاه الحائط. بعد ذلك، تدخل جندي ثالث، أبعدهم عني وسمح لي بمغادرة المكان. منذ ذلك الحين أخاف الذهاب إلى المدرسة وحدي. أحيانا ترافقني والدتي إلى الحاجز، وأحيانا اضطر لعبوره وحيداً. أيضاً بقية الطلاب يخافون مغادرة المدرسة عند الظهر، بسبب تنكيل الجنود».
وأفاد المدرس مهند الزعتري (35 عاماً، متزوج وأب لأربعة) بأنه «في السنوات الأخيرة، دخل الجنود إلى المدرسة مرات كثيرة. إنهم يبعثون الخوف والهلع في قلوب الطلاب، وهذا يؤثر على تحصيلهم الدراسي وحالتهم النفسية. وفي أحيان كثيرة يجري تفتيش حقائب الطلاب، بل واعتقالهم. نحن أيضاً، الهيئة التدريسية، نعاني إجراءات التفتيش، وحصل في الماضي مرات عدة أن جرى احتجازنا حين وصولنا إلى البوابة المؤدية للمدرسة. وهذا كله أثر أيضاً على عدد المسجلين للمدرسة، لأن الأسر تفضل أن تجنب أولادها كل هذا».
وفي حادثتين أخريين وثقتهما «بتسيلم»، جرت كلتاهما بعد ذلك بأيام معدودة، طارد جنود طلاب المدرسة وهم في طريقهم إلى بيوتهم بعد نهاية الدوام المدرسي. في الحالتين احتجز الجنود معلماً كان يرافق الطلاب، وفي إحداهما احتجزوه طيلة ساعة كاملة، ومنعوا خلالها السكان من عبور البوابة. وفي 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان يُفترض أن تقيم المدرسة، خلال الحصة الدراسية الأولى، نشاطاً في مناسبة ذكرى رحيل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. لكن الطلاب والمعلمين لاحظوا في طريقهم إلى المدرسة، وجود عشرات الجنود ومستوطن من كريات أربع قرب المدرسة. طيلة نصف ساعة منع الجنود الطلاب والمعلمين من عبور البوابة. إلى أن سمحوا لهم أخيراً بالعبور، كانت المدرسة قد قررت إلغاء النشاط الذي خططته لذلك اليوم. وفي منتصف اليوم، قرر المعلم مهند الزعتري مرافقة الطلاب الذين أنهوا دوامهم المدرسي، إلى أن يعبروا البوابة. عبر جزء من الطلاب من دون مشكلة، لكن الجنود احتجزوا الزعتري مجدداً. في أعقاب ذلك تجمع عدد من معلمي المدرسة وبعض الطلاب ورفعوا أعلام فلسطين. رداً على ذلك، أخذ الجنود في دفع الحاضرين والصراخ عليهم أن يغادروا المكان.
واعتبرت «بتسيلم» في بيانها أن هذه الأحداث «تُظهر سهولة تمكن الجنود من تهديد وترهيب العشرات من طلاب المدرسة وبعض معلميها وتشويش مجرى التعليم». وأضافت أن «وجود الجنود يمس قدرة الطلاب على التعلم، يؤثر على تحصيلهم الدراسي ويمنع إمكانية لإدارة مجرى دراسي معقول في المدرسة».
وتابعت أن هذه «ليست أحداثاً شاذة أو استثنائية، وإنما هي جزء لا يتجزأ من روتين الحياة في الخليل، حيث أقامت إسرائيل بضع نقاط استيطانية في قلب المناطق السكنية الفلسطينية. تطبق إسرائيل في المدينة سياسة فصل معلنة... أدت إلى نزوح فلسطيني مكثف وإلى انهيار اقتصاد وسط البلد. هكذا تسعى الدولة في تنفيذ ترانفسير هادئ يلغي الوجود الفلسطيني في منطقة وسط البلد».
منظمة حقوقية إسرائيلية توثق تنكيل الاحتلال بأطفال فلسطينيين
منظمة حقوقية إسرائيلية توثق تنكيل الاحتلال بأطفال فلسطينيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة