خطيب مسجد «الروضة» لـ «الشرق الأوسط»: سأواصل فضح الإرهاب

محمد عبد الفتاح إمام وخطيب مسجد قرية «الروضة» («الشرق الأوسط»)
محمد عبد الفتاح إمام وخطيب مسجد قرية «الروضة» («الشرق الأوسط»)
TT

خطيب مسجد «الروضة» لـ «الشرق الأوسط»: سأواصل فضح الإرهاب

محمد عبد الفتاح إمام وخطيب مسجد قرية «الروضة» («الشرق الأوسط»)
محمد عبد الفتاح إمام وخطيب مسجد قرية «الروضة» («الشرق الأوسط»)

قال محمد عبد الفتاح، إمام وخطيب مسجد «الروضة» في قرية «الروضة» غرب مدينة العريش في شمال سيناء، الذي شهد المشهد «الدامي» أول من أمس، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «رأيت الموت بعيني، وسأواصل قول لا للإرهاب، وسأفضح ادعاءات الإرهابيين من على منبري، وأنتظر الشهادة في أي وقت».
مضيفاً أنه بعد الأذان الثاني خلال خطبة الجمعة، سمعت إطلاق نار بكثافة، وبعد ذلك حدثت حالة من الهرج، في محاولة من المصلين للهروب من طلقات الرصاص، والبعض قفز من نوافذ المسجد لتفادي طلقات الإرهابيين.
ومسجد «الروضة» أحد أهم مساجد شمال سيناء ويتبع وزارة الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد في مصر)، ويقع على الطريق الدولي «العريش - القنطرة» في قرية الروضة في منطقة بئر العبد غرب العريش... ويتضمن أعلى مئذنة في شمال سيناء، وتقع بجواره زاوية خاصة بالطرق الصوفية... يقصده المئات من الأهالي من كل القرى المجاورة.
والشيخ عبد الفتاح (26 عاماً)، خطيب مُعين في وزارة الأوقاف المصرية منذ عام 2015، ومن الأئمة الحاصلين على دورات من وزارة الأوقاف ومشهود له بالكفاءة... ويتلقى العلاج في مستشفى الحسينية المركزي بمحافظة الشرقية بدلتا مصر، عقب إصابته في الهجوم الإرهابي بكدمات وجروح.
وقال أمس: «تلقيت قبل ذلك تهديدات من الإرهابيين في سيناء بعدم الخطابة في مسجد (الروضة)، وعدم إقامة الصلاة في المسجد؛ لكني لم أكترث لهذا التهديد، لأنه لا أحد يستطيع أن يثنيني عن أداء رسالتي للمسلمين، وسوف أصلي وألقي الخطب للمصلين في مسجد (الروضة)»... مردداً: «أنتظر الشهادة في أي وقت».
وزار خطيب وإمام المسجد في المستشفى أمس، الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، وقال له: «كل منا يجاهد في مجاله، الضابط يجاهد، والطبيب يجاهد، والإمام يجاهد»، وتلك العمليات الإرهابية لن تنال من عزيمة الشعب المصري، والإرهاب إلى زوال»، مشدداً على أن رجال الأوقاف أئمة ومؤذنين وعمالاً سيكونون دائما إلى جانب الجيش والشرطة في كل موقع للحفاظ على الأمن الفكري للمجتمع.
وقام الوزير في لفتة إنسانية بتقبيل رأس إمام وخطيب مسجد «الروضة» فور دخوله لغرفته بالمستشفى، مؤكداً أن الوزارة على أتم استعداد لتقديم جميع الإمكانيات له، وأهداه مصحفاً وآخر لوالدته، وقرر الوزير صرف مبلغ 10 آلاف جنيه مساهمة في العلاج، كما قررت محافظ الشرقية صرف 10 آلاف جنيه أخرى لإمام المسجد.
واستعاد خطيب المسجد، اللحظات العصيبة التي عاشها أول من أمس، متذكراً الصرخات المدوية، التي كانت تصدر من جميع المصلين بالمسجد وباحته، ودوي الرصاص الذي كان ينهمر عليه وعلى المصلين بغزارة. ويقول: «مشهد الجثث (أجساد الموتى)، والضحايا في المسجد صدمني، وكلما أغمضت عيني تذكرت هذا المشهد الدموي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».