يتذكر الناس المفجر الانتحاري الأميركي، الذي أعلنت إحدى الجماعات المسلحة أنه فجر 16 طنا من المتفجرات عند مطعم على قمة جبل في سوريا الأسبوع الماضي، في إحدى مناطق فلوريدا، حيث نشأ، لشيء واحد ألا وهو: حبه لكرة السلة.
نشأ الانتحاري، منير محمد أبو صالحة، في منطقة البحيرات في ساندريدج، وهو مجمع سكني تحيط به أسوار في مدينة فيروبيتش التي تقع على مسافة 140 ميلا إلى الشمال من ميامي. والتحق بالمدارس المحلية وانضم للعب في فريق كرة سلة للشباب، على حد قول جيرانه.
وقال مارك هيل، الذي يقطن في المنزل المقابل لمنزل والدي أبو صالحة، إنه «كان يلعب كرة السلة في أي مكان يستطيع أن يعثر فيه على سلة. كان يلعب في الخارج طوال الوقت». وأضاف هيل الذي يسكن بجوار أسرة أبو صالحة منذ عام 2006 أنه لم ير أبو صالحة منذ فترة – حتى ظهرت صورته فجأة في التقارير التلفزيونية بصفته الشخص الذي ساهم في عملية التفجير في شمال سوريا.
لقي أبو صالحة، الذي كان في مطلع العشرينات، حتفه الأحد الماضي في محافظة إدلب، التي سافر إليها بعد أن أمضى شهرين في معسكر تدريب تابع لجبهة النصرة المسلحة. ذكر بيان نشر على شبكة الإنترنت صادر عن جبهة النصرة أن الشاب الأميركي كان واحدا من أربعة انتحاريين أرسلوا لشن هجوم على قوات حكومية. ووفقا لما ورد في البيان، قاد الشاب الأميركي سيارة محملة بـ16 طنا من المتفجرات للهجوم على المطعم، الذي كان يشهد تمركزا للقوات الحكومية.
من جانبهم، صرح مسؤولون في الولايات المتحدة بأن تلك كانت المرة الأولى التي يتورط فيها أميركي في شن هجوم انتحاري في سوريا. لكن في البلدة حيث كان يعيش أبو صالحة قبل أن يتخذ كنية «أبو هريرة الأميركي»، كانت أسرته مشهورة بالمعاملة الطيبة والخروج في زي إسلامي تقليدي.
وتملك أسرة أبو صالحة عدة متاجر للبقالة في المنطقة، وفقا لما ورد في السجلات التجارية لفلوريدا. وأضاف الجيران أن أسرته مكونة من أربعة أبناء، من بينهم ابنة تخرجت في المدرسة الثانوية العام الماضي وابن في الصف السادس. وقال مسؤول أمني رفيع المستوى إن والد أبو صالحة فلسطيني، لكن ليس من الواضح أين كان يقيم قبل مجيئه إلى الولايات المتحدة. أشار عدد من الجيران إلى أنهم كانوا يعيشون في ثلاثة منازل على الأقل في محيط المجمع السكني.
كان والدا أبو صالحة، محمد وميشيل، يمتلكان منزلا قريبا، لكن جرى الحجز عليه بسبب الرهن في عام 2009. وبعد ذلك قاما باستئجار منزل آخر في الشارع ذاته، ولكنهما أجبرا على الانتقال مرة أخرى منذ عام عندما تعرض مالكو المنزل أيضا إلى الحجز، وهما يقيمان حاليا على ناصية شارع «أورانجوود لين» في منزل أصغر به مرأب لسيارتين في منطقة يبلغ إيجار المنزل فيها 1400 دولار في الشهر. وقالت امرأة تحدثت من خلف باب مغلق بأن الأسرة لا تريد أن تتحدث إلى وسائل الإعلام.
وقال مارتين زيكرت، الكولونيل المتقاعد في القوات الجوية الذي يقطن في منزل مجاور لمنزل الأسرة: «إنهم مثل أي جيران لطفاء في الوقت الحالي. ودائما ما تخرج الأم مرتدية زيا لا يكشف سوى عن وجهها. وأراهم يسيرون في الحي مرتدين زيا كاملا – رجالا ونساء – فأقول في نفسي لا بد أنهم يشعرون بالحر».
بدوره، قال مايكل مارين، عضو الفريق السابق الذي لعب مع أبو صالحة في فريق إنديان ريفير واريورز لكرة السلة، إنه كان يحضر إلى مدرسة سبستاين ريفير الثانوية في مدينة سبستيان القريبة. ولعب أبو صالحة هناك لمدة عام في 2007 عندما كان في الصف الثامن أو التاسع. ويذكر مارين أنه لاحظ وجود والدة أبو صالحة في المدرجات مرتدية الحجاب. وأضاف: «كان شابا طيبا، لم يكن هناك أي شيء غريب. وكان الجميع يتعاملون معه، كان شخصا طبيعيا».
وضمن فريق كرة السلة لم يكن أبو صالحة الأكثر تفوقا، لكنه كان اجتماعيا ومرحا، لذلك كان الفريق يسعد بوجوده، على حد قول مارين.
من جهته، قال أورلاندو تايلور، الذي كان يعرف أبو صالحة وذهب معه إلى المسجد مرتين، إنه لم يتحدث مطلقا عن أي معتقدات متطرفة. وأضاف: «لم أجد أي شيء سيئ فيه – ولا حتى أشياء تافهة».
وتشير السجلات إلى أن أبو صالحة أقام في وحدات سكنية في فورت بيرس وحي شرق أورلاندو، ويقول السكان هناك إنه انتقل منها منذ سبعة أشهر.
وصرح طاهر الحسيني، رئيس مجلس الجالية الإسلامية، لموقع «تي سي بالم» الإخباري المحلي أن الوالدين فقدا الاتصال بابنهما منذ عام. ويقول خبراء استخباراتيون إن جماعات الثوار في سوريا تحاول باستمرار تجنيد أميركيين. وقال ريك نيلسون، الذي كان مسؤولا كبيرا سابقا في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي والمركز القومي لمكافحة الإرهاب: «الأميركيون مثل جوهرة التاج بالنسبة لتلك الجماعات. ويشبه ذلك تجنيد عميل سوفياتي أثناء الحرب الباردة».
وتجند الجماعات الإرهابية الأميركيين نظرا لأن جوازات سفرهم تمنحهم القدرة على السفر إلى معظم الدول. وتعمل هيئات إنفاذ القانون والاستخبارات الأميركية وغيرها على دراسة سبب تحول الأميركيين إلى التطرف، لكنها، حسب نيلسون، لم تصل إلى أي إجابات قاطعة. وأضاف قائلا: «لا يوجد نمط معين، فبعضهم يتعاطف مع القضية، بينما يشعر آخرون بالغضب لأن الولايات المتحدة لا تفعل المزيد في سوريا، في حين يتطلع بعض آخر إلى تحقيق القبول الاجتماعي مع الآخرين فقط. نحن لا نعرف السبب وراء ذلك، مما يجعلها قضية صعبة».
* خدمة «نيويورك تايمز»