لماذا اختفى التشاؤم من أسواق النفط فجأة؟

4 عوامل خلف التغير في نفسية المتعاملين

TT

لماذا اختفى التشاؤم من أسواق النفط فجأة؟

قبل ما بين أسبوعين و3 أسابيع كانت الشكوك لا تزال قائمة بأن أسعار النفط قد لا تستمر فوق 60 دولاراً للبرميل لفترة طويلة، ولكن نفسية السوق تغيرت كثيراً وأصبحت التوقعات بأن تصل الأسعار إلى ما يقارب 70 دولاراً متزايدة.
وأصدرت بعض البنوك تحديثات لتوقعات الأسعار خلال العام المقبل أشارت في معظمها إلى أن الأسعار قد تظل فوق 60 دولاراً. وكان آخر هذه البنوك العالمية بنك «أبن أمرو» (Abn Amro) الذي يرى فريق تحليله أن هناك احتمالية بأن يصل متوسط سعر «برنت» في 2018 إلى 70 دولاراً، فيما سيصل متوسط سعر «خام غرب تكساس» إلى 66 دولارا.
وتبدو هذه التحليلات والتحديثات صادمة؛ إذ حتى الأسبوع الماضي لم يكن هناك أي توقع بأن تكون الارتفاعات الحالية مستدامة، فما الذي حدث إذن وجعل المتعاملين في أسواق النفط يغيرون نظرتهم إلى الأسعار بهذا الشكل؟
ورغم الارتفاع الحالي في الأسعار، فإن هناك هشاشة في بقائها عند مستوى ما فوق 60 دولارا. ومع هذا، فإن الأوضاع تمضي حتى الآن بشكل جيد لدعم استقرار النفط عند المستويات الحالية.
هناك 4 عوامل رئيسية خلف التغير في نفسية السوق، ساهمت في رفع الأسعار. وتم احتساب كل هذه العوامل في سعر النفط عند 60 دولارا، وأما الزيادة فوق هذا السعر فتتطلب أموراً أخرى خارجة عن الأساسيات المباشرة للعرض والطلب. وهذه العوامل كالتالي:
أولاً: قوة الطلب
تغيرت توقعات الطلب كثيراً في النصف الثاني من العام الحالي بعد تحسن هوامش تكرير المصافي، وهو ما جعلها تنتج مزيدا من المنتجات للاستفادة من الهوامش القوية. وفي النصف الثاني من المتوقع أن ينمو الطلب بنحو 1.6 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع أن يستمر الطلب في النمو العام المقبل مع دخول مصفاتين ضخمتين في الصين، إضافة إلى مصاف أخرى في أماكن متفرقة من العالم. وحتى الآن، كان أغلب النمو في الطلب على النفط هذا العام قادماً من الصين والهند، كما أوضح مصرف «غولدمان ساكس» الأسبوع الماضي.
ثانياً: توقعات تمديد الاتفاق
لا تزال هناك ضبابية حيال مدة تمديد الاتفاق رغم أن هناك توافقا مبدئيا بين كل كبار المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين المستقلين خارجها على تمديد الاتفاق بعد نهايته في مارس (آذار) المقبل. ولكن الأسعار قد تضعف قليلاً إذا لم يصل المنتجون يوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى تمديد حتى نهاية العام المقبل.
ثالثاً: توقعات تباطؤ نمو النفط الصخري
كانت التوقعات لنمو النفط الصخري في العام المقبل تتراوح بين 800 ألف برميل يومياً ومليون برميل يومياً، ولكن هناك مخاوف من عدم قدرة المنتجين على ترجمة أسعار عند 60 دولارا إلى إنتاج جديد. وهذا ما جعل مصرف كندا «دومنيون» يقول في تقريره عن السلع للعام المقبل إنه لا يتوقع زيادة كبيرة في إنتاج النفط الصخري.
رابعاً: تقلبات إنتاج «أوبك»
لا تزال زيادة إنتاج «أوبك» مصدر قلق للسوق؛ إذ إن التوقعات عالية بألا تتمكن كثير من دول المنظمة من رفع إنتاجها في العام المقبل حتى من دون تمديد أي اتفاق لخفض الإنتاج. وأصدرت شركة «ريستاد» البحثية تقريراً الأسبوع الماضي قالت فيه إن فنزويلا قد تشهد هبوطاً قدره 30 في المائة في إنتاجها العام المقبل بسبب تراجع الاستثمارات في حقولها القديمة. وتوجد مخاوف أخرى حيال العراق وليبيا ونيجيريا، والجزائر التي لا تستطيع المضي قدماً في إنتاجها من دون استثمارات جديدة.
وعادت العوامل الجيوسياسية بشكل كبير لتؤثر في رفع أسعار النفط؛ حيث هناك توقعات بأن تفرض الولايات المتحدة حظراً على إيران، أو تتفاقم المشكلات بينها وبين فنزويلا. كم أن الصراع بين بغداد وكردستان قد يؤثر على إنتاج البلاد، وهناك مخاوف جيوسياسية من أن تزداد المواجهات بين إيران والسعودية.


مقالات ذات صلة

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

الاقتصاد مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الاقتصاد شعار «إينيوس» في المقر الرئيس للشركة (رويترز)

«سينوك» الصينية للنفط تبيع أصولها في الولايات المتحدة لـ«إينيوس» البريطانية

باعت شركة «سينوك» الصينية المحدودة شركتها التابعة في الولايات المتحدة إلى مجموعة الكيميائيات البريطانية «إينيوس».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)

«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

قالت 3 مصادر إن شركة النفط الحكومية الروسية «روسنفت» وافقت على توريد ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة التكرير الهندية الخاصة «ريلاينس».

«الشرق الأوسط» (موسكو - نيودلهي)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.