عون والمشنوق يتمسّكان بالانتخابات وسط تشكيك بحصولها

عون والمشنوق يتمسّكان بالانتخابات وسط تشكيك بحصولها
TT

عون والمشنوق يتمسّكان بالانتخابات وسط تشكيك بحصولها

عون والمشنوق يتمسّكان بالانتخابات وسط تشكيك بحصولها

تحاول القيادات السياسية في لبنان تبديد الهواجس التي خلّفتها استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، والتخفيف من وطأتها السلبية على الاستحقاقات الدستورية، وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية المقررة في الربيع المقبل. ورغم تشكيك بعض أطراف السلطة بإمكانية إنجاز الانتخابات، في ظلّ عدم الاتفاق حتى الآن على الآلية العملية لتطبيق القانون الجديد، إلا أن رئيس الجمهورية ميشال عون، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، شددا على أن «الانتخابات ستجري في موعدها، مهما كانت طبيعة الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، فإن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها».
وقال وزير الداخلية خلال زيارته عون في القصر الجمهوري: «أياً كانت طبيعة الأزمة السياسية التي نعيشها، فإن الانتخابات ستجري في موعدها، وقد أكد فخامة الرئيس (ميشال عون) على هذا الأمر، كما أكد أن واجبنا الديمقراطي هو أن نحافظ على هذا العنوان ونستمر بالعمل من أجل الانتخابات».
وتباينت الآراء السياسية والقانونية حيال إمكان إنجاز هذا الاستحقاق، إذا اعتبر الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن «ليس ثمة معوقات قانونية أو لوجيستية أو أمنية تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «القانون موجود وهو واضح ومفنّد ويتضمّن آليات تطبيقه، لكن الفقرة المتعلّقة باعتماد البطاقة البيومترية تحتاج إلى تعديل، والمهم أن تتجنّب الأطراف الدخول في تعديلات تشوّه القانون وتؤدي إلى نسفه».
هذه القراءة خالفها النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، الذي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحديث عن إجراء انتخابات، ليس أكثر من مزايدة إعلامية وتطمينات ليست في مكانها». ولفت إلى أن «وزارة الداخلية المعنية بالانتخابات طلبت إدخال 18 تعديلاً على القانون الانتخابي الجديد ليصبح قابلاً للتنفيذ، وهي لاقت رفضاً من رئيس البرلمان نبيه بري، الذي شدد على عدم فتح الباب أمام أي تعديلات»، مشيراً إلى أن «التطمينات تسوّق في العلن، لكن ما يطبخ في السرّ يوحي بأن الانتخابات ذاهبة إلى تأجيل جديد».
وكانت اللجنة الوزارية المكلّفة تفسير آلية إجراء الانتخابات وفق القانون الجديد، انقسمت على نفسها بسبب خلافات جوهرية، بين من يريد إجراء الانتخابات على أساس البطاقة البيومترية لضمان نزاهة الانتخابات بعيداً عن التزوير، وبين من يعتبر أن الوقت يضيق أمام إنجاز هذه البطاقة لأربعة ملايين لبناني، ويطرح العودة للتصويت على أساس الهوية أو جواز السفر.
وقلل الخبير الدستوري صلاح حنين من أهمية الخلافات التي اعترت لجنة قانون الانتخاب، وقال: «القانون قابل للتطبيق بسهولة والتعقيدات التي يتحدث عنها البعض مبالغ فيها»، لكنه استدرك «اللهم إلا إذا كانوا (السياسيون) يخشون مفاجآت من هذا القانون، ويخلقون المبررات للتأجيل»، وحض وزارة الداخلية على «ضرورة دعوة الهيئات الناخبة في الموعد الدستوري (21 فبراير شباط المقبل)، أي قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر»، لافتاً إلى أن «الحكومة وإن بقيت حكومة تصريف أعمال، هي قادرة على إجراء الانتخابات، لأن لا شيء جديداً يطرأ عليها، خصوصاً أن النفقات المالية رصدت للانتخابات، كما أن الوضع الأمني يسمح بإجرائها».
ويعترف وزراء ونواب بأن القانون الانتخابي الجديد شديد التعقيد، ويصعب على السياسيين فهمه قبل المواطنين، ما دفع بوزير الداخلية نهاد المشنوق إلى وصفه بـ«القانون العجائبي»، لكن الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون أشار إلى أن «الانتخابات القادمة، مفصلّة على قياس (حزب الله) لكي يأخذ الأكثرية النيابية في البرلمان، ولذلك هو مصرّ على أن تكون الانتخابات في موعدها، حتى يضمن الأغلبية لتشريع وضعه بالسيطرة على البرلمان»، مذكراً بأن «الانتخابات في محافظتي الجنوب والبقاع، تخضع لسيطرة السلاح، وليس للناخب أي حرية في اختيار من يمثله».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.