مصر: جماعتان تُعيدان «القاعدة» إلى المشهد

«جند الإسلام» في سيناء... و«المرابطون» على الحدود الغربية

سيارة رباعية الدفع دمرتها القوات الجوية على الحدود الغربية (صفحة المتحدث العسكري)
سيارة رباعية الدفع دمرتها القوات الجوية على الحدود الغربية (صفحة المتحدث العسكري)
TT

مصر: جماعتان تُعيدان «القاعدة» إلى المشهد

سيارة رباعية الدفع دمرتها القوات الجوية على الحدود الغربية (صفحة المتحدث العسكري)
سيارة رباعية الدفع دمرتها القوات الجوية على الحدود الغربية (صفحة المتحدث العسكري)

طرح ظهور جماعتي «المرابطون» على الحدود الغربية لمصر مع ليبيا، و«جند الإسلام» في شبة جزيرة سيناء، كثيراً من الأسئلة عن توقيت ظهورهما، وعودة تنظيم القاعدة للمشهد من جديد، خصوصاً أن الجماعتين تحملان «بصمة القاعدة».
مختصون في الحركات الإسلامية وخبراء أمنيون، قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن سردية «القاعدة» يُعاد لها الاعتبار في المشهد «الجهادي» الآن، وانحسار سردية «داعش» يصب في بروز «القاعدة»... والأشهر المقبلة سوف تشهد خلق هيئة تنظيمية جديدة تحمل أفكار «القاعدة». ورجح الخبراء والمختصون أن تكون هناك أجهزة مخابرات لدول معينة تدعم هذا الاتجاه (أي وجود القاعدة في مصر)، مع تراجع تنظيم ولاية سيناء ذراع «داعش»، والذي ينشط في سيناء.
وأعادت جماعة «جند الإسلام» التي تتبنى أفكار «القاعدة»، التي كانت تنشط في سيناء قبل 4 أعوام، طرح اسمها من جديد بين التنظيمات الإرهابية، عقب تسجيل صوتي أذاعته على الإنترنت توعدت فيه تنظيم «ولاية سيناء» مستقبلاً، وأعلنت تنفيذها أول عملية تصفية ضد عناصر لـ«داعش» الشهر الماضي.
وسبقها إعلان جماعة «أنصار الإسلام أو المرابطون» الموالية لـ«القاعدة» مسؤوليتها عن حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
اسم «المرابطون» ظهر في مارس (آذار) الماضي، عقب انصهار كبرى الجماعات الإسلامية المسلحة النشطة في الصحراء الكبرى ودول الساحل الأفريقي، وأعلن التنظيم الجديد مبايعته لأمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وأبو مصعب عبد الودود أمير تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» المزعوم. ووفقاً للمعلومات المتاحة، فإن جماعة «المرابطون» خليط من جماعات تكفيرية ليبية، أسسها هشام عشماوي (وهو ضابط مصري مفصول) أواخر 2014.
وتشهد الحدود الغربية لمصر بين وقت وآخر، إعلان الجيش المصري إحباط محاولات لاختراقها من جانب «مهربين» أو «إرهابيين» يستخدمون سيارات الدفع الرباعي، نظراً لملاصقة هذه الحدود لليبيا التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت لمسلحين ينتمون إلى تنظيمات إرهابية بالعبور إلى مصر واستخدام الصحراء في الإعداد لهجمات إرهابية... وقبل يومين، أعلنت القوات الجوية في مصر، إحباط محاولة جديدة لاختراق الحدود الغربية، وتدمير 10 سيارات دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر والمواد المهربة عبر الحدود.
وقال أحمد بان، المختص في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، إن «طبيعة التيارات والجماعات المتشددة حدوث تشظٍ وخلافات وصراعات داخلية بينها تحت لافتات التكفير المتبادل، فـ(داعش) كان تطوراً طبيعياً لـ(القاعدة)، وحاول التهامه في مرحلة من المراحل، و(داعش) بدأ فكرة التكفير داخله بين (الحازمين)»، لافتاً إلى أنه «من الطبيعي الآن أن تحدث انشقاقات بين التنظيمات المتشددة في هذا التوقيت، نتيجة هزائم (داعش) في سوريا والعراق... فسردية (القاعدة) يُعاد لها الاعتبار في المشهد (الجهادي) الآن، وانحسار سردية (داعش) يصب في بروز (القاعدة)»، موضحاً أنه قد تكون هناك أجهزة مخابرات لدول معينة تدعم هذا الاتجاه داخل مصر مع تراجع نشاط «ولاية سيناء».
بينما قال العميد السيد عبد المحسن، الخبير الأمني في مصر، إن «الفترة الماضية شهدت ظهور جماعتي (جند الإسلام) و(المرابطون)، والأشهر المقبلة سوف تشهد اندماج التنظيمات القاعدية فكرياً مرة أخرى وخلق هيئة تنظيمية جديدة تحمل أفكار تنظيم القاعدة، لكن قد لا تتبعها بشكل رئيسي».
ويشار إلى أن «جند الإسلام» قد اختفت من الساحة لسنوات بعد تنفيذها عدداً قليلاً من العمليات ضد القوات المسلحة المصرية، كان أبرزها عملية في 2013 حين استهدفت عناصرها مقراً تابعاً للمخابرات الحربية في رفح المصرية، ما أدى إلى مقتل 6 عناصر من الجيش المصري. لكنها طالبت في تسجيلها الأخير (الليلة قبل الماضية) قيادات «داعش» في سيناء بتسليم أنفسهم، والخضوع للحكم الشرعي جراء ما اقترفته أيديهم من جرائم بحق المسلمين - على حد وصف الجماعة -، وهم «أبو أسامة، وأبو صالح، وأبو صخر، وفهد».
ويعد تنظيم ولاية سيناء الذي بايع أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش في عام 2014، وغير اسمه لـ«داعش سيناء»، واحداً من أقوى التنظيمات المتشددة التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، حيث كان يستهدف في البداية إقامة «إمارة» في شبه جزيرة سيناء، لكن خبراء أمنيين أكدوا «استحالة ذلك بالنظر إلى موازين القوى على الأرض».
وعن شكل الجماعات الجديدة الموالية لـ«القاعدة» في مصر، قال عبد المحسن: «سوف تكون أكثر عنفاً بسبب انضمام كثير من العناصر التي عملت تحت راية تنظيم داعش، وسوف يَحدث بينهم جدل بشأن نظرية العدو القريب والبعيد، حيث تتبنى (القاعدة) مفهوم العدو البعيد، أما (داعش) فيتبنى مفهوم العدو القريب فيستهدف الجيوش في الدول».
وقال أحمد بان إن «القاعدة» كانت تختلف مع أبو مصعب الزرقاوي (أحد قيادات «داعش» في العراق) على أنه «لم يأن الأوان بعد لإعلان الدولة - المزعومة -، لعدم توافر شروطها، وكان رأي (القاعدة) في هذا الصدد أن الطريق الوحيدة هي أن ينشط (الجهاد الفردي)، أو ما يعرف باسم الذئاب المنفردة». وأضاف أن فكرة «داعش» انتصرت في مرحلة، لكن انكسار «داعش» أعاد الاعتبار لأفكار «القاعدة» واستراتيجيتها، لكنه أكد في هذا الصدد أن «جميع الجماعات التي تظهر تخرج في ظل عدم وجود قيادة صارمة مثل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، بعدما أصبح تنظيم القاعدة لا مركزياً، وأصبح هناك نوع من الاجتهاد من الجماعات المتطرفة».
وعن التنظيمات الموجودة في مصر الآن، قال بان: «هناك أربع تنظيمات؛ (داعش) الذي ينشط في الوادي والدلتا ونجحت أجهزة الأمن في تحجيم حركته، و(أنصار بيت المقدس) أو (ولاية سيناء) الموالي لـ(داعش) أيضاً، و(أنصار الإسلام أو المرابطون) الموالي لـ(القاعدة)، و(حسم) الموالية لجماعة الإخوان، التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، والتي خفت صورتها خلال الفترة الماضية».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.