الفيلم: The Mountain Between Us
إخراج: هاني أبو أسعد
النوع: أكشن. أميركي (2017)
تقييم:
> في نهاية مقالته عن الفيلم، كتب الناقد ركس ريد (في «نيويورك أوبزرفر»)، أنّ المخرج هاني أبو أسعد هو مخرج فلسطيني كان قد رُشّح للأوسكار، يعيش ويعمل في هولندا، ثم ختم قائلاً: «كان عليه أن يبقى هناك ليسقي الزهور».
إنّها كلمات جارحة من ناقد عُـرف بلذعاته القاسية حيال الأفلام التي لا تعجبه وفيلم هاني أبو أسعد هو أحد تلك الأفلام. لكنّ ركس ليس الناقد الوحيد الذي رفض الفيلم بل هناك عدّة آخرون من بينهم بيتر ترافرز الذي قال إن الفيلم «ملحمة في تضييع الموهبة والوقت».
ومع أنّ هناك نقادا أميركيين أعجبهم الفيلم، إلا أنّ أحداً لم يجده خارقاً للعادة أو متميّـزاً والسبب هو أنّ «الجبل بيننا» هو ليس، بالفعل، خارقاً للعادة ولا متميّـزاً. بل هو خطوة سدّدها المخرج بهدف الانتماء إلى السينما الهوليوودية الكبيرة وأخطأ في اختيار النص الجيد الذي كان يمكن له أن يجعل من ذلك التوجه لمخرج نشأ على تحقيق أفلام لافتة بشأن فلسطين والفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال، كما «عمر» و«الجنة الآن»، بداية ناجحة لمرحلة جديدة. وكان المخرج قد عارض طويلا (منذ أكثر من 15 سنة)، تحقيق أفلام جماهيرية بعيدة عن اهتماماته طويلاً قبل أن يستجيب ويحقق هذا الفيلم.
الفيلم يدور حول الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة، وهو خط شبه دائم في أفلام أبو أسعد السابقة ومنها فيلماه المذكوران. لكنّ السيناريو الذي وضعه كريس فايتز (مخرج آخر) وج. غودلي، عن رواية منشورة لتشارلز مارتن، أضعف من أن يلبّي عمق هذا المحور مكتفياً بظواهره: المصوّرة أليكس (كايت ونزلت) والجراح بن (إدريس ألبا)، على متن طائرة تحط في غير المطار المنشود، بسبب سوء الأوضاع الجوية. يقترح بن على أليكس أن يستأجرا طائرة خاصة صغيرة، لنقلهما إلى مقصدهما طالما أنّهما مرتبطان بموعد خاص لكل منهما: هو مطلوب لعملية جراحية لن ينجزها سواه، وهي مرسلة من قِـبل صحيفتها في مهمة صحافية. يجدان الطيار والطائرة، لكنّ الأول يموت خلال الطيران والثانية تحط بها الطائرة فوق جبال كولمبيا الكندية. عليهما الآن الصراع بعناد للبقاء حيين.
ما هو ضعيف هنا هو ذلك الرصف للأحداث على نحو لا يتوقف عن محاولة التأكيد على أنّ شخصين لم يتسلقا جبلاً في حياتهما ولا خاضا عواصف عاتية وكوارث مشابهة، يستطيعان بالعزيمة هنا، ونتيجة الخوف من الموت هناك، البقاء على قيد الحياة.
إذ يلجان كارثة وراء أخرى، فإنّ شغل المخرج يتوزع بين ناحيتين: منح الآلة الهوليوودية مجالها للسيطرة على النزعة الفنية الفردية واستثمار ممثليه الممتازين لتشكيل ثنائي قابل (ولو وحده) للتصديق. وهما، إلبا وويسنلت، ينجحان في ذلك.
في الناحية الأولى يحافظ أبو أسعد على رغبته في الإمساك جيداً بمهام المخرج الذي عليه تنفيذ سلطة الإنتاج مبقياً على هوامش محدودة تتبع موهبته الفنية. يفهم أنّ العمل لن يتبع شؤون أفلامه السابقة بل هو منهج مختلف تماماً وأنّ عليه أن يحترم هذا الاختيار، طالما هو يريد تحقيق أفلام هوليوودية. في الناحية الثانية، يترك للعلاقة بين الشخصيتين أن تنمو بروية ومن دون استعجال ما يجعلها صادقة أكثر من أي شيء آخر يأتي الفيلم على ذكره.