«عودة الدولة» إلى الضاحية الجنوبية توتّر علاقة «حزب الله» ببيئته

TT

«عودة الدولة» إلى الضاحية الجنوبية توتّر علاقة «حزب الله» ببيئته

تنتهي الزحمة الخانقة التي تقفل الشارع الرئيسي في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعشرات العناصر التابعة لقوى الأمن الداخلي وشرطة البلدية، الذين يشرفون على إزالة مخالفات وتعديات على الأملاك العامة. فالحملة التي أثارت مشكلة بين «حزب الله» وبعض أنصاره في منطقة حي السلم الأسبوع الماضي، متواصلة، ويتنامى معها الاحتقان ضد الحزب الذي رفع الغطاء السياسي عن المخالفين.
وتحمل الحملة التي بدأت قبل شهر، وعُرفت باسم «ضاحيتي»، مظاهر دخول الدولة اللبنانية إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، مركز نفوذ «حزب الله»، بعد انقطاع، دام لنحو 30 عاماً. لكن خبراء، يشككون بأن الدولة دخلت فعلياً، لكونها «تدخل بإذن من الحزب»، رغم حاجته للدولة في الداخل، «بعدما بات المخالفون عبئاً عليه».
وبعد مشكلة «حي السلم»، بدا أن أمراً واقعاً تم فرضه، استجاب له المخالفون. ففي منطقة الجاموس، يعاون المخالفون القوى الأمنية نفسها على إزالة مخالفاتهم، ما يعكس قناعة بأن الحزب رفع الغطاء عن المخالفين، وهي عبارة تتردد على ألسنة الناس، كما على ألسنة السياسيين، رغم أن تفسيراتها وأسبابها، تتفاوت وفق قراءات مختلفة. واستطاعت الحملة إزالة أكثر من ألف مخالفة، وتوقيف عشرات المطلوبين للقوى الأمنية اللبنانية، وحجز مئات السيارات وحافلات نقل الركاب والدراجات النارية المخالفة، منذ انطلاقتها قبل شهر. ويقول رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، إن الإيجابية في الحملة، تتمثل في كون المخالفين والسكان «باتوا يتعاطون معها بجدية، ولا سبيل لتخطيها». ويرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن ما جرى في حي السلم لجهة تنفيذ القانون رغم الاعتراضات «خلق دافعاً لاتحاد البلديات للاستمرار، وأعطى ضمانة للجميع بأن إزالة التعديات متواصلة». ويؤكد أن الأحزاب الفاعلة في الضاحية، أي «حزب الله» و«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، «رفعت الغطاء عن الجميع، ولا تتدخل في الأمر، وتدعم تطبيق القانون».
وإذ يرى درغام أن الدولة «موجودة في الضاحية قبل هذه الفترة»، أكد أن «عدد القوى الأمنية فيها ليس كافياً». وأشار إلى «أننا ناشدنا الدولة بكتب خطية للوجود في الضاحية وتعزيز القوى الأمنية فيها»، لافتاً إلى «الحاجة لعدد كافٍ يوجد بشكل دائم وثابت».
ويعيش في الضاحية نحو مليون شخص، يتوزعون في أحياء مكتظة تبلغ مساحتها 18 كيلومترا مربعا. وتوجد في الضاحية تقليدياً عدة مفارز تابعة لقوى الأمن الداخلي، تُعرف باسم «المخافر»، كما توجد نقاط للجيش اللبناني في داخل الضاحية وعلى تخومها، لكن القوى الأمنية عززت وجودها عام 2013 إثر التفجيرات التي ضربت الضاحية، وذلك ضمن خطة أمنية أقرها مجلس الوزراء.
ويؤكد وزير الداخلية اللبنانية السابق مروان شربل، أن الدولة كانت موجودة في الضاحية «لكنها لم تكن فاعلة»، مرجعاً السبب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ظروف أمنية شهدتها المنطقة منذ عام 2011، بينها التفجيرات التي ضربت الضاحية، وهو ما جعل هناك «أولويات».
ويؤكد شربل أن الحملة الأخيرة «تُقام بتوافق مع حزب الله، ذلك أن التعديات على الأملاك العامة باتت تمسّ علاقة المواطن مع الدولة، وتخلق حساسيات بين السكان أنفسهم»، في إشارة إلى المخالفين والسكان الآخرين المتضررين من المخالفات. ويضيف: «لم يعد ممكناً القول إن تطبيق القانون يسري في سائر المناطق اللبنانية باستثناء الضاحية. ما جرى هو تأكيد أن الدولة دخلت إلى الضاحية، والقوى الأمنية تقوم بواجباتها وتؤازر السلطات المحلية» مثل اتحاد البلديات، مؤكداً أنه «بعد الانتهاء من أزمة التوترات الأمنية، بات على الدولة بسط سيطرتها في سائر المناطق اللبنانية».
لكن وجود القوى الأمنية التي تقمع المخالفات في الضاحية، لا يبدو مظهراً كافياً لتأكيد دخول الدولة إلى الضاحية، بحسب ما يقول الباحث السياسي علي الأمين، بالنظر إلى أن «دخول الدولة يأتي بإذن من الحزب»، بينما «نتأكد من وجود الدولة عندما يصل السكان إلى قناعة بأن القوى الأمنية قادرة على الدخول إلى أي مكان في الضاحية من غير التنسيق مع أحد، على غرار جميع المناطق اللبنانية».
ويشرح الأمين في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب، منذ تأسيسه «بنى علاقته مع بيئته على قاعدة نبذ فكرة الدولة، وكان يتعاطى مع الجمهور على أن الدولة عنصر خطر يتربص بنا وهي شيء عدواني، علما بأنه موجود في الدولة ووزاراتها»، مضيفاً أن ذلك «ما يجعل الناس تنتفض تجاه أي خطوة، لأنها تعتبر أنه أمر يستهدفها»، وبالتالي، يضيف الأمين أن «الحزب المعني بأن يكون منسجماً مع طروحاته، لا يسمح للدولة، بالمعنى الحقيقي، لأن تدخل كي لا يثير بيئته ضده»، لافتاً إلى أن «الفوضى كانت أحد أسلحته بمواجهة الآخر، مقابل الحصول على الولاء».
أما الآن، فإن «هذه الفوضى باتت عبئاً عليه، وانقلبت ضده»، يقول الأمين، مشيراً إلى أن الحالات النافرة «صارت عبئاً عليه وتستنزفه وبيئته. صار له مصلحة بإعادة النظر بالمسألة، لأنه بات يتأذى منها وغير قادر على احتمال تفاقم المخالفات». ويؤكد الأمين: «رغم أن الحملة الحالية لم تثر اعتراضات بالغة، فإن هناك مشكلة تتنامى، بعدما ألغى معادلة غض النظر عن المخالفات مقابل الحصول على الولاء، وهو بات معنياً بالتعاطي مع احتقان المحميين السابقين، في ظل معادلة جديدة قائمة على تنفيذ القانون والسماح بدخول الدولة». ويضيف: «المخالفون، على قلة عددهم، هم قوة ضاربة، باتوا عبئاً عليه لأنهم باتوا خارجين عن السيطرة، وهو ما حفزه على تغيير تعاطيه معهم».
ويؤكد الأمين أن ما جرى «ليس دخولاً للدولة، بل معالجة لمشكلة هو مضطر لعلاجها لكونها باتت ضاغطة عليه. فأعباء الفوضى باتت مفتوحة بوجهه»، مضيفاً: «في العمق، لم يخرج الحزب من فكرة الصراع مع الدولة، لكون القوى الأمنية تدخل بإذنه، وليس هناك مؤشرات على أن الحزب غير معادلته السابقة، كما أنه لا قناعة لدى السكان بأن الدولة باتت قادرة على الدخول من دونه».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».