المجلس الأعلى للأمن في تونس يقرر إجراءات جديدة ضد الإرهاب

سياسيون تحدثوا عن اختلالات أمنية أدت إلى هروب منفذي الهجوم على منزل وزير الداخلية

المجلس الأعلى للأمن في تونس يقرر إجراءات جديدة ضد الإرهاب
TT

المجلس الأعلى للأمن في تونس يقرر إجراءات جديدة ضد الإرهاب

المجلس الأعلى للأمن في تونس يقرر إجراءات جديدة ضد الإرهاب

وافق المجلس الأعلى للأمن أمس في تونس، بحضور الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان)، والقيادات الأمنية والعسكرية ووزراء الداخلية والعدل والخارجية، على اتخاذ إجراءات قانونية جديدة ستعرض على النقاش بين أطراف المجتمع التونسي، تتعلق بمجالات مكافحة الإرهاب، لا سيما بعد استهداف عائلة لطفي بن جدو، وزير الداخلية، في عملية إرهابية أدت إلى مقتل أربعة عناصر من الشرطة.
وكان المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) قد عرض على النواب أول من أمس مشروع قانون جديدا لمكافحة الإرهاب، سيعوض في معظم فصوله القانون القديم، الصادر في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2003.
وركز المجلس، وهو جهاز جرى تأسيسه بعد الثورة لمجابهة الأزمات الأمنية، على ظاهرة الإرهاب، وكيفية اتخاذ إجراءات ردعية ضد المجموعات التي تتخذ من الإرهاب طريقا لاستهداف رموز الدولة، من أمنيين وعسكريين.
وقال رضا صفر، الوزير المكلف الأمن لدى وزير الداخلية عقب الاجتماع، إن جدول أعمال المجلس تناول مواضيع وملفات على اتصال بموضوع الإرهاب وطرق مكافحته، إثر العملية الإرهابية التي استهدفت منزل عائلة وزير الداخلية. وأضاف صفر أن المجموعة الإرهابية انطلقت من جبال القصرين، ولم تتسرب إلى البلاد من أي قطر عربي مجاور، وعد العملية التي طالت رمز إحدى وزارات السيادة «مرحلة جديدة في معركة تونس ضد الإرهاب، تتطلب مجموعة جديدة من الإجراءات الردعية». وبخصوص آخر المعطيات المتعلقة بالعملية الإرهابية التي استهدفت مقر عائلة وزير الداخلية، وجه سياسيون وخبراء في مجال الأمن عدة انتقادات إلى وزارة الداخلية، بسبب ما عدوه «اختلالات أمنية أدت إلى نجاح الإرهابيين في قتل عناصر أمنية».
وفي هذا السياق، كشف اعلية العلاني، الخبير في الجماعات الجهادية لـ«الشرق الأوسط» أن عملية إطلاق النار تواصلت لربع ساعة على بعد أمتار من مركز للحرس الوطني، وهو ما يطرح تساؤلا ملحا حول عدم التدخل الفوري في منطقة معروفة منذ أشهر طويلة بارتفاع عدد العمليات الإرهابية. وتساءل عن تعذر وجود خلية طوارئ وحواجز أمنية على الطرقات المؤدية إلى منزل عائلة الوزير. وقال العلاني إن هروب كل العناصر الإرهابية (يقدر عددهم بما بين 15 و20 إرهابيا)، سيزيد من تعقيد تعامل السلطات التونسية مع ملف الإرهاب.
على صعيد متصل، ذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن العناصر الإرهابية، التي جرى اعتقالها ضمن مجموعة مدنين بعد تسلل معظم أفرادها من ليبيا، كانت تنوي اغتيال عدة قيادات سياسية تونسية. وأوردت أسماء حمة الهمامي القيادية في الجبهة الشعبية (تحالف يجمع أحزاب يسارية وقومية) والباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، وعلي العريض القيادي في حركة النهضة، ضمن قائمة المهددين بالاغتيال، وذلك بعد العثور على صورهم في حاسوب أحد الإرهابيين، ومعلومات دقيقة حولهم وحول الأماكن التي يترددون عليها ومواعيد دخولهم وخروجهم من منازلهم. وقالت نفس المصادر إن القيادات الأمنية كانت بدورها مستهدفة، بحجة الانتقام من الشخصيات التي قضت على العناصر الإرهابية خلال المواجهات التي وقعت بداية السنة الحالية (قتلت سبعة قيادات إرهابية من بينها كمال القضقاضي المتهم باغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد).



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».