تعتزم شخصيات سياسية وثقافية ودينية وإعلامية واجتماعية لبنانية، إطلاق حركة سياسية جديدة تحمل اسم «حركة المبادرة الوطنية»، بهدف «حماية الدولة والدستور، ووضع حدّ لاختلال موازين القوى لصالح (حزب الله) ومواجهة مشروع الهيمنة الإيرانية على لبنان». وهي تنطلق من مسلّمة أن التسويات التي شهدها لبنان خلال السنة الماضية، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وما تلاها «مكّنت إيران من التحكّم بالقرار اللبناني، وزادت من مخاوف الجنوح نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري».
ويبدو أن المبادرة التي أطلق نواتها المفكّر والسياسي والأكاديمي اللبناني الدكتور رضوان السيد، والمنسق السابق للأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، وانضم إليها عشرات الشخصيات، لا تقف عند حدود «الوثيقة السياسية» التي ستصدر عن مكونات المبادرة، إنما ستتوسّع نحو إطلاق تيار سياسي عابر للطوائف والمناطق، ويهدف إلى «تحرير لبنان من نفوذ إيران، وإعادته إلى كنف الشرعية العربية، باعتبار أن مهمّة رفع الوصاية الإيرانية عن لبنان، هي مسؤولية وطنية مشتركة».
وينوي مطلقو المبادرة إعطاءها زخماً يختلف عن الحركات التي أطلقت في مراحل سابقة. وأوضح الدكتور رضوان السيد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحركة «تتشكّل من مجموعة من المستقلين من كل الطوائف، بعضهم كان في حركات سياسية ولم يعد جزءاً من تلك الحركات»، مشيراً إلى أن «أكثر من 20 مجموعة إنمائية وخدمية انضمت إلى الحركة، وتشكلت لجنة تنسيق فيما بينها لتوحيد الرؤية ووضع برنامج العمل للمرحلة المقبلة».
وأكد السيد أن «حركة المبادرة الوطنية، تنطلق من أربعة ثوابت: الأول، الحفاظ على الطائف والدستور، والثاني، مكافحة السلاح غير الشرعي وبسط الدولة سلطتها على الأراضي اللبنانية كافة، والثالث، تجديد الشرعية اللبنانية من خلال شرعية الدستور والشرعية العربية والدولية، والرابع، إعادة بناء الدولة ورسم السياسات الداخلية بمعزل عن الفساد، ومحاولات فصل المسيحيين عن المسلمين، تحت عنوان حلف الأقليات».
ولا يتوقف المشروع السياسي للحركة الجديدة، عند حتمية تصحيح ما اعترى الحياة السياسية اللبنانية من أخطاء، إذ اعتبر الدكتور فارس سعيد، أن «حركة المبادرة الوطنية، تهدف إلى إعادة تكوين إرادة وطنية تسبق التيار السياسي، وتؤكد أن استقرار لبنان لا يكون من خلال استسلام لبنان إلى شروط فريق أو حزب أو فئة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستقرار يتأمن باحترام ثلاث شرعيات، الأولى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الطائف، والثانية الشرعية العربية والتزام لبنان بالمصلحة العربية، والثالثة التزام الشرعية الدولية، لا سيما القرارين 1559 و1701». وقال سعيد: «هناك في لبنان من يفتخر بأنه يقدم الاستقرار للبنان، من خلال الاستسلام لشروط (حزب الله) وقوته العسكرية، لكن عليه أن يدرك أن موازين القوى مترجرجة وغير مستقرة، ولبنان لا يحكم بموازين القوى إنما بقوة التوازنات». ورأى أنه «إذا أعطت الظروف الحالية (حزب الله) القدرة على التحكم بالدولة من خلال سلاحه، فهذا لن يدوم».
وتعكف الهيئة التحضيرية لـ«حركة المبادرة الوطنية»، على وضع مشروع وثيقتها التي ستناقشها في لقاء في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهي تركز في عناوينها العريضة، على «ضرورة بسط سيادة الدولة على كامل التراب اللبناني تطبيقاً لاتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية، واستنكار هذا الاستمرار في الخضوع لمنطق التسوية التي أتت برئيس الجمهورية وبالحكومة الحالية، والتصدي لهجمة التطبيع مع النظام السوري، وتوسعة حركة المبادرة الوطنية وتشجيع مجموعات جديدة لتطوير المشروع الوطني الجديد».
وتتوافق مكونات «حركة المبادرة الوطنية» على أن مجرّد الاحتكام إلى صناديق الانتخاب، لا تغيّر في المعادلة القائمة، ما دام أن سلاح «حزب الله» يتحكم بالمعادلة اللبنانية. وأعطى الدكتور السيد أمثلة على ذلك بقوله: «أخذنا الشرعية الشعبية مرتين، الأولى في انتخابات الـ2005. فاجتاحوا بيروت بالسلاح، والثانية في الـ2009 فردوا علينا بالاغتيالات». وأضاف: «الغلبة السياسية يبدو أنها للقوة، بدليل أن (الرئيس) ميشال عون لم تكن لديه الأكثرية النيابية، وجاء رئيساً للجمهورية بخلاف إرادة الأكثرية الحقيقية»، مشدداً على أن الحركة «ستطلق خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، مشروعاً وطنياً، وتبدأ تحركها السياسي على الأرض»، مبدياً تفاؤله بأن هذه الحركة «لن تخيب آمال اللبنانيين».
ولا ينكر الدكتور سعيد البعد السياسي للمبادرة، ولفت إلى أنها «ستشكل هيكلية سياسية تأخذ على عاتقها إدارة الشأن السياسي، لتطلق بعدها تياراً سياسياً على مستوى لبنان، يكون عابراً للطوائف والمناطق».
ومّا إذا كان إطلاق هذه المبادرة ومن ثم التيار السياسي، في الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات، مؤشرا على خوض الانتخابات من خارج اصطفافات القوى والأحزاب الممثلة في السلطة، بما فيها فريق «14 آذار»، أجاب سعيد: «كل الاحتمالات مفتوحة، لكن اختصار مبادرة بهذا الحجم بالشأن الانتخابي خطأ». ورأى أن «أزمة لبنان تكمن في انتزاعه من كنف الشرعية العربية ووضعه في كنف إيران، ومبادرتنا تقوم على استعادة لبنان إلى أهله، وتحرير قراره ومنه أي جهة خارجية أن تستفرد به».
«مبادرة وطنية» في لبنان لـ«مواجهة الهيمنة الإيرانية»
وثيقتها السياسية تدعو إلى احترام الدستور وعودة لبنان للشرعية العربية
«مبادرة وطنية» في لبنان لـ«مواجهة الهيمنة الإيرانية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة