«مبادرة وطنية» في لبنان لـ«مواجهة الهيمنة الإيرانية»

وثيقتها السياسية تدعو إلى احترام الدستور وعودة لبنان للشرعية العربية

عُلّق في منطقة النبطية بجنوب لبنان إعلان لمجوهرات زغيب فوق صورة للمرشد الأعلى الإيراني الراحل الإمام الخميني.
عُلّق في منطقة النبطية بجنوب لبنان إعلان لمجوهرات زغيب فوق صورة للمرشد الأعلى الإيراني الراحل الإمام الخميني.
TT

«مبادرة وطنية» في لبنان لـ«مواجهة الهيمنة الإيرانية»

عُلّق في منطقة النبطية بجنوب لبنان إعلان لمجوهرات زغيب فوق صورة للمرشد الأعلى الإيراني الراحل الإمام الخميني.
عُلّق في منطقة النبطية بجنوب لبنان إعلان لمجوهرات زغيب فوق صورة للمرشد الأعلى الإيراني الراحل الإمام الخميني.

تعتزم شخصيات سياسية وثقافية ودينية وإعلامية واجتماعية لبنانية، إطلاق حركة سياسية جديدة تحمل اسم «حركة المبادرة الوطنية»، بهدف «حماية الدولة والدستور، ووضع حدّ لاختلال موازين القوى لصالح (حزب الله) ومواجهة مشروع الهيمنة الإيرانية على لبنان». وهي تنطلق من مسلّمة أن التسويات التي شهدها لبنان خلال السنة الماضية، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وما تلاها «مكّنت إيران من التحكّم بالقرار اللبناني، وزادت من مخاوف الجنوح نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري».
ويبدو أن المبادرة التي أطلق نواتها المفكّر والسياسي والأكاديمي اللبناني الدكتور رضوان السيد، والمنسق السابق للأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، وانضم إليها عشرات الشخصيات، لا تقف عند حدود «الوثيقة السياسية» التي ستصدر عن مكونات المبادرة، إنما ستتوسّع نحو إطلاق تيار سياسي عابر للطوائف والمناطق، ويهدف إلى «تحرير لبنان من نفوذ إيران، وإعادته إلى كنف الشرعية العربية، باعتبار أن مهمّة رفع الوصاية الإيرانية عن لبنان، هي مسؤولية وطنية مشتركة».
وينوي مطلقو المبادرة إعطاءها زخماً يختلف عن الحركات التي أطلقت في مراحل سابقة. وأوضح الدكتور رضوان السيد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحركة «تتشكّل من مجموعة من المستقلين من كل الطوائف، بعضهم كان في حركات سياسية ولم يعد جزءاً من تلك الحركات»، مشيراً إلى أن «أكثر من 20 مجموعة إنمائية وخدمية انضمت إلى الحركة، وتشكلت لجنة تنسيق فيما بينها لتوحيد الرؤية ووضع برنامج العمل للمرحلة المقبلة».
وأكد السيد أن «حركة المبادرة الوطنية، تنطلق من أربعة ثوابت: الأول، الحفاظ على الطائف والدستور، والثاني، مكافحة السلاح غير الشرعي وبسط الدولة سلطتها على الأراضي اللبنانية كافة، والثالث، تجديد الشرعية اللبنانية من خلال شرعية الدستور والشرعية العربية والدولية، والرابع، إعادة بناء الدولة ورسم السياسات الداخلية بمعزل عن الفساد، ومحاولات فصل المسيحيين عن المسلمين، تحت عنوان حلف الأقليات».
ولا يتوقف المشروع السياسي للحركة الجديدة، عند حتمية تصحيح ما اعترى الحياة السياسية اللبنانية من أخطاء، إذ اعتبر الدكتور فارس سعيد، أن «حركة المبادرة الوطنية، تهدف إلى إعادة تكوين إرادة وطنية تسبق التيار السياسي، وتؤكد أن استقرار لبنان لا يكون من خلال استسلام لبنان إلى شروط فريق أو حزب أو فئة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستقرار يتأمن باحترام ثلاث شرعيات، الأولى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الطائف، والثانية الشرعية العربية والتزام لبنان بالمصلحة العربية، والثالثة التزام الشرعية الدولية، لا سيما القرارين 1559 و1701». وقال سعيد: «هناك في لبنان من يفتخر بأنه يقدم الاستقرار للبنان، من خلال الاستسلام لشروط (حزب الله) وقوته العسكرية، لكن عليه أن يدرك أن موازين القوى مترجرجة وغير مستقرة، ولبنان لا يحكم بموازين القوى إنما بقوة التوازنات». ورأى أنه «إذا أعطت الظروف الحالية (حزب الله) القدرة على التحكم بالدولة من خلال سلاحه، فهذا لن يدوم».
وتعكف الهيئة التحضيرية لـ«حركة المبادرة الوطنية»، على وضع مشروع وثيقتها التي ستناقشها في لقاء في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهي تركز في عناوينها العريضة، على «ضرورة بسط سيادة الدولة على كامل التراب اللبناني تطبيقاً لاتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية، واستنكار هذا الاستمرار في الخضوع لمنطق التسوية التي أتت برئيس الجمهورية وبالحكومة الحالية، والتصدي لهجمة التطبيع مع النظام السوري، وتوسعة حركة المبادرة الوطنية وتشجيع مجموعات جديدة لتطوير المشروع الوطني الجديد».
وتتوافق مكونات «حركة المبادرة الوطنية» على أن مجرّد الاحتكام إلى صناديق الانتخاب، لا تغيّر في المعادلة القائمة، ما دام أن سلاح «حزب الله» يتحكم بالمعادلة اللبنانية. وأعطى الدكتور السيد أمثلة على ذلك بقوله: «أخذنا الشرعية الشعبية مرتين، الأولى في انتخابات الـ2005. فاجتاحوا بيروت بالسلاح، والثانية في الـ2009 فردوا علينا بالاغتيالات». وأضاف: «الغلبة السياسية يبدو أنها للقوة، بدليل أن (الرئيس) ميشال عون لم تكن لديه الأكثرية النيابية، وجاء رئيساً للجمهورية بخلاف إرادة الأكثرية الحقيقية»، مشدداً على أن الحركة «ستطلق خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، مشروعاً وطنياً، وتبدأ تحركها السياسي على الأرض»، مبدياً تفاؤله بأن هذه الحركة «لن تخيب آمال اللبنانيين».
ولا ينكر الدكتور سعيد البعد السياسي للمبادرة، ولفت إلى أنها «ستشكل هيكلية سياسية تأخذ على عاتقها إدارة الشأن السياسي، لتطلق بعدها تياراً سياسياً على مستوى لبنان، يكون عابراً للطوائف والمناطق».
ومّا إذا كان إطلاق هذه المبادرة ومن ثم التيار السياسي، في الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات، مؤشرا على خوض الانتخابات من خارج اصطفافات القوى والأحزاب الممثلة في السلطة، بما فيها فريق «14 آذار»، أجاب سعيد: «كل الاحتمالات مفتوحة، لكن اختصار مبادرة بهذا الحجم بالشأن الانتخابي خطأ». ورأى أن «أزمة لبنان تكمن في انتزاعه من كنف الشرعية العربية ووضعه في كنف إيران، ومبادرتنا تقوم على استعادة لبنان إلى أهله، وتحرير قراره ومنه أي جهة خارجية أن تستفرد به».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.