عباس: أي حكومة فلسطينية مقبلة ستعترف بإسرائيل

ما قاله يسحب الذرائع الأميركية والإسرائيلية... و«حماس» تتجنب الرد

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عباس: أي حكومة فلسطينية مقبلة ستعترف بإسرائيل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه لن يقبل بتعيين أي وزير في حكومة الوحدة الفلسطينية المرتقبة لا يعترف علناً بإسرائيل.
وأضاف عباس أمام وفد من الوزراء والمشرعين الإسرائيليين السابقين أن «أي حكومة يجب أن تكون ملتزمة باتفاقات منظمة التحرير».
وأثارت تصريحات عباس التي نشرتها صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، جدلاً كبيراً، وسربت مصادر فلسطينية بأنها غير دقيقة، لكن الرئاسة لم تنفِ بشكل رسمي.
ويسحب تصريح عباس البساط من تحت أقدام الأميركيين والإسرائيليين، الذين اشترطوا على أي حكومة جديدة أن تعترف بإسرائيل، لكنه قد يثير اشتباكاً داخلياً مع حركة حماس التي يفترض أنها ستشارك في الحكومة الفلسطينية المقبلة وترفض الاعتراف بإسرائيل.
وامتنعت حركة حماس عن التعقيب على تصريحات عباس، متجنبة، كما يبدو، خلق توتر داخلي في وقت تُجرى فيه التحضيرات لتسلم الحكومة الفلسطينية معابر قطاع غزة، كخطوة أولى مهمة نحو تمكين الحكومة في القطاع.
وهذه ليست أول مرة تتجنب فيها حماس الرد على تصريحات لعباس كان يمكن أن تشكل، في السابق، سبباً للهجوم عليه أو تبادل الاتهامات.
والأسبوع الماضي وصف عباس أي كتائب مسلحة خارج إطار التشكيلات العسكرية للسلطة بالميليشيات. وقال إنه لن يقبل بوجودها في غزة، وامتنعت حماس عن الرد.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» تريد تجنب مواجهة مبكرة. وأضافت: «الحركة قررت تجنب أي توتر، على قاعدة أنها تريد للمصالحة أن تنجح، وأنها في النهاية لن تعترف بإسرائيل».
وكان قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أكد مراراً، أن زمن الاعتراف بإسرائيل قد ولى، وأن لا أحد لديه القدرة على ذلك، لأن هدفنا هو محوها من الخريطة، معتبراً نزع سلاح حماس «حلم إبليس في الجنة».
وكان السنوار يرد على إعلان لجيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق، قال فيه إن «أي حكومة فلسطينية يجب أن تلتزم التزاماً لا لبس فيه، بنبذ العنف والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة الموقعة بين الطرفين، بما في ذلك نزع سلاح الإرهابيين والالتزام بالمفاوضات السلمية».
وهذه المطالب أكدتها إسرائيل كذلك، وأضافت عليها «التخلي عن الإرهاب وفقاً لشروط الرباعية، وتفكيك سلاح حماس، وإعادة قتلى الجيش الإسرائيلي والمواطنين الموجودين في غزة، والسيطرة الأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة، بما يشمل المعابر ومنع التهريب، والاستمرار بتدمير البنية التحتية الإرهابية لحماس في الضفة الغربية من قبل السلطة الفلسطينية، وقطع علاقات حماس مع إيران».
وقالت مصادر في حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، من حيث المبدأ، فإن أي حكومة ستكون حكومة منظمة التحرير وستلتزم بالتزاماتها، لكن لن يطلب أحد من حماس كحركة أن تعترف بإسرائيل.
وتابع: «أي حكومة مستقبلية هي حكومة الرئيس محمود عباس، والأميركيون والإسرائيليون يدركون ذلك، ويدركون أنه ليس مطلوباً من كل حكومة أن تعترف لأن هذا شأن الدول، وفي حالتنا منظمة التحرير اعترفت وانتهى الأمر».
ويعتقد أن تلجأ حماس إلى الدفع بمقربين منها أو ممثلين لها ليسوا معروفين لتجنب إفشال الحكومة المقبلة.
وستناقش فتح وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى تشكيل الحكومة في اجتماعات في القاهرة الشهر المقبل.
ويتعامل الأميركيون بحذر مع المصالحة، ويتطلعون إلى نجاحها إذا كانت ستضمن عودة غزة إلى السلطة بما يمهد للوصول إلى تسوية في المنطقة.
وقال عباس لضيوفه الإسرائيليين إن الأميركيين أكدوا له أنهم سيعلنون دعمهم لحل الدولتين قريباً.
واتهم عباس رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإحباط محاولات استئناف محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية.
وقال عباس لأعضاء الوفد الذي ضم رئيس حزب العمل سابقاً، عمرام ميتسناع، والوزيرين السابقين أوفير بينس وغالب مجادلة، بالإضافة إلى عضوي الكنيست السابقين، كوليت أفيتال وطلب الصانع: «نتنياهو لا يرغب في تجديد العملية السلمية، هو يعتقد أنني سأبقى هنا وأقوم بحراسة الاحتلال (إذا بقي الوضع كما هو) أنا يمكن أسلمه المفاتيح قريباً وليأتي لإدارة المنطقة».
وأكد عباس دعمه الكامل لأي جهد يبذل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية، لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وأشار عباس إلى أن الجانب الفلسطيني كان حريصاً على إنجاح المساعي الدولية التي بذلت لإحياء العملية السياسية القائمة على قرارات الشرعية الدولية، لأنه يعتبر السلام هدفاً استراتيجياً لكل شعوب المنطقة.
وتحدث عباس عن المصالحة، وقال إن «تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي، سيعمل على دفع الجهود الرامية لتحقيق السلام وإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».