قال ألكسندر لافرينتيف المبعوث الرئاسي الروسي إلى الأزمة السورية، إن المحادثات التي أجراها الأسبوع الماضي في دمشق مع الرئيس بشار الأسد كانت ترمي إلى التأكد من أن دمشق ما زالت متمسكة بالتزاماتها السابقة بشأن إطلاق العملية السياسية بعد مرحلة انتهاء العمليات القتالية ضد الإرهاب. واعتبر أن الأسد عازم على بحث سبل المصالحة الوطنية، ووصف المطالبة برحيله بأنه «شرط يعكس انفصالا عن الواقع». وأشارت صحف روسية أمس إلى احتمال تقليص روسيا قواتها العسكرية في سوريا، وقال برلمانيون روس إن هذه الخطوة ممكنة.
وقال لافرينتيف في حديث أمس لوسائل إعلام روسية إن المحادثات التي أجراها مع الأسد الأسبوع الفائت في دمشق كانت موسعة وتفصيلية، لافتاً إلى أن الهدف منها كان «الاطلاع على مزاجية الحكومة السورية وما إذا كانت ما زالت متمسكة بالتزاماتها السابقة في الانتقال إلى الحل السياسي بعد الانتهاء من المرحلة الرئيسية من الحرب على الإرهاب». وقال إنه لمس لدى الأسد إدراكا بضرورة حوار سياسي عميق، ومحاولات إيجاد الدرب الصحيح للمصالحة في سوريا.
ومع أن النظام السوري أصدر بيانا عقب المحادثات، قال فيه إن الأسد أكد استعداده إدخال تعديلات على الدستور وإجراء انتخابات برلمانية، ذهب لافرينتيف إلى الترحيب بذلك البيان ورأى أنه «يؤكد تمسك دمشق بإطلاق إصلاحات سياسية وبالتالي إعداد مشروع دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وفق ما نص عليه القرار الدولي 2254». واعتبر المبعوث الرئاسي الروسي إلى الأزمة السورية أن التمسك بشرط رحيل الأسد لا يساعد على التسوية، وقال إن روسيا تدعو المعارضة إلى التخلي عن هذا الشرط، واعتبر أن «هذا الشرط غير واقعي بالمطلق ومنفصل عن الواقع. وإن استمرت عملية المفاوضات مع شرط كهذا فلن تأتي بنتائج جيدة».
إلى ذلك، رفض لافرينتيف تقييد هذا المسار ببحث مسائل عسكرية فقط. وقال إن عملية آستانة مستعدة للمساعدة بحال يمكن أن تكون مفيدة للجهود على المسارات الأخرى.
كما عبر عن أمله بتحقيق تقدم في ملف المعتقلين خلال الجولة الحالية من المفاوضات في العاصمة الكازاخية التي انطلقت أمس الاثنين وتستمر اليوم الثلاثاء، وقال: «نأمل، الآن خلال الجولة السابعة، بتحقيق تقدم في هذه الملفات (المعتقلين والمخطوفين والمفقودين وملف نزع الألغام)، على الأقل تقدم في جزء منها كي نتمكن من المضي قدما في تعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة». وفي إجابته على سؤال حول العملية التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وموقف النظام السوري من تلك العملية، شدد لافرينتيف على أن «قرار إقامة مناطق خفض التصعيد حل صحيح بالمطلق»، لافتاً إلى «بعض المشاكل والأعمال الاستفزازية»، وقال إن «الوضع معقد أكثر من في منطقة إدلب حيث لم يقم الشركاء الأتراك بعد بإقامة كل نقاط المراقبة»، معبرا عن أمله في أن يتمكن الجانب التركي من تنفيذ التزاماته وإحلال الاستقرار في منطقة إدلب.
وتنوي روسيا بحث الفكرة بعقد مؤتمر شعوب سوريا مع الضامنين التركي والإيراني خلال «آستانة - 7». وقال لافرينتيف بأن الدول الضامنة ستبحث المؤتمر، وأكد «الموضوع ما زال في مرحلة الإعداد»، وأطلق لأول مرة على المؤتمر صفة «مؤتمر الحوار الوطني»، مؤكدا سعي موسكو لاستقطاب أوسع مشاركة من جميع الأطياف السورية، وأضاف أن مكان وتوقيت انعقاد المؤتمر لم يتم تحديدهما حتى الآن، موضحا أن الحديث دار حول انعقاد المؤتمر في حميميم، لكن في الوقت الراهن يجري النظر في احتمال انعقاده في أماكن أخرى، بما في ذلك في روسيا. وفي وقت سابق نقلت وسائل إعلام عن مصادر مطلعة قولها إن المؤتمر سيجري في القاعدة الروسية في حميميم. ويوم أمس نقلت «ريا نوفوستي» عن مصدر مطلع قوله إن المؤتمر سينعقد في مدينة سوتشي في روسيا على البحر الأسود منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، بمشاركة أكثر من ألف شخصية، وقال إن المؤتمر سيركز بصورة خاصة على مناقشة الدستور السوري الجديد، وأكد أن روسيا اقترحت على ستيفان دي ميستورا أن يترأس المؤتمر، غير أنه قدم شروطا، ولذلك تبحث معه موسكو الآن مشاركته فقط.
وترى موسكو أن تكثيف الجهود السياسية باتت حاجة ضرورية، لا سيما بعد الإنجازات الكبيرة على الأرض في مجال القضاء على الإرهاب. وقال لافرينتيف إن هذه العملية قد تنتهي في سوريا خلال الأسابيع القادمة. وقالت صحيفة «كوميرسانت» نقلا عن مصادر دبلوماسية - عسكرية روسية إن السلطات الروسية تدرس إمكانية تقليص قواتها وعتادها في سوريا. ولفتت إلى تقديرات وزارة الدفاع الروسية حول سيطرة قوات النظام على 95 في المائة من الأراضي السورية، وقالت إن الوزارة ترى أن الهجوم النهائي على مواقع الإرهابيين لم يعد يتطلب كل هذا الدعم الروسي الضخم. وأكدت الصحيفة أنه بحال تم تنفيذ خطة تقليص القوات فسيتم الحفاظ في سوريا على قوات كافية لحماية القواعد الروسية هناك، وعلى وحدات الشرطة العسكرية والمستشارين العسكريين الروس. وقد يتم تقليص عدد المقاتلات والمروحيات، بينما ستبقى منظومات الدفاع الجوي الروسي في قواعدها في سوريا.
وعبر برلمانيون روس عن قناعتهم بأن القوات الروسية نفذت مهامها الرئيسية في سوريا، ولم يستبعدوا احتمال تقليص القوات الروسية هناك. وقال فلاديمير شامانوف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي (مجلس النواب)، خلال اجتماع أمس: «بشكل عام، يمكننا أن نعتبر أن المهام الرئيسية للعملية العسكرية الروسية في سوريا قد تم تحقيقها عمليا، ونتوقع أنه بحلول نهاية هذا العام سوف تستعيد القوات الحكومية السيطرة على الحدود الشرقية للجمهورية العربية السورية، وأن تنظيم (داعش) الإرهابي سيزول كهيكل عسكري منظم».
في دمشق، أثارت تسمية «مؤتمر شعوب سوريا» حفيظة سوريين من مختلف الأطياف المعارضة والموالية، إذ لم يسبق أن تم تداول مصطلح «شعوب» كصفة للسوريين منذ بدء الثورة ضد النظام وتأزم القضية السياسية.
موسكو تعلن استعداد النظام لإصلاح دستوري وانتخابات
مبعوث الرئيس الروسي يتحدث عن لقائه بالأسد
موسكو تعلن استعداد النظام لإصلاح دستوري وانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة