عزل قائدي المخابرات والشرطة بعد هجوم مقديشو

25 قتيلاً بينهم مسؤولون حكوميون في اعتداء تبنّته «حركة الشباب»

TT

عزل قائدي المخابرات والشرطة بعد هجوم مقديشو

أعلنت الحكومة الصومالية أمس، عقب اجتماع مفاجئ لها، عزل قائدي المخابرات والشرطة الوطنية من منصبيهما، على خلفية الهجوم الذي استهدف فندقاً في العاصمة مقديشو، ما أسفر عن 27 شخصاً بينهم مسؤولون حكوميون وتبنته «حركة الشباب» المتطرفة.
وأفادت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية، بأن مجلس الوزراء الذي ترأسه نائب رئيس الحكومة مهدي جوليد، وافق على اقتراح قدمه وزير الأمن الداخلي محمد أبو بكر أسلو بإقالة قائد المخابرات الوطنية عبد الله محمد، وقائد الشرطة الوطنية عبد الحكيم ساعد، مشيرة إلى أن المجلس وافق على الاقتراح بشكل جماعي، بعد إجراء عملية تصويت في الاجتماع الذي ناقش تعزيز أمن العاصمة، التي شهدت خلال الفترة الماضية هجمات إرهابية نفذتها «حركة الشباب» المتمردة. وأفاد بيان رسمي بأن الوزير أبو بكر استعرض خلال الاجتماع تفاصيل الهجوم الذي استهدف فندق «ناسا هبلود2»، حيث «قتل 27 شخصاً»، فيما أنقذت القوات الأمنية «عدداً كبيراً» ممن كانوا في الفندق لحظة وقوع الهجوم.
كذلك، أعلن أبو بكر اعتقال 5 أشخاص بشبهة تورطهم في الهجمات الإرهابية التي استهدفت «فندق سفاري» بالعاصمة مقديشو، بالإضافة إلى 5 آخرين كانوا من بين منفذي الهجوم على فندق «ناسا هبلود2». وكانت قوات الأمن الصومالية أعلنت أنها قتلت مسلحين اثنين واحتجزت 3 غداة هجمات منسقة باستخدام سيارتين مفخختين على مقربة من فندق يقطنه مسؤولون حكوميون، بعد أسبوعين بالضبط على أسوأ اعتداء شهدته البلاد في تاريخها، ويعتبر الأكثر دموية، إذ خلف 358 قتيلاً على الأقل و228 جريحاً.
واعتبر الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو الذي أدان الهجوم الإرهابي، أن «ميليشيات الشباب الإرهابية تحاول يائسة ترويع المواطنين، لكن الشعب توحّد من أجل تصفية الإرهابيين». وأكد الرئيس فرماجو في برقية عزاء إلى أسر الضحايا أن «الأفعال والتصرفات الجبانة التي تمارسها ميليشيات الشباب لن تخيب آمال ومهام الدولة التي تسعى جاهدة إلى إنهاء وجود الإرهاب في ربوع البلاد».
واجتمع فرماجو، ورئيس حكومته حسن علي خيري، أمس، مع رؤساء الولايات الإقليمية، بالإضافة إلى محافظ إقليم بنادر ثابت عبدى، في إطار المؤتمر التشاوري الوطني الذي يستهدف تعزيز التعاون والتنسيق القائم بين الدولة الفيدرالية والإدارات الإقليمية وتفعيل الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب. وقال عبد العزيز إبراهيم المتحدث باسم وزارة الأمن الداخلي، إن «قوات الأمن ضبطت 3 من المهاجمين كانوا يحاولون الفرار من الفندق»، مشيراً إلى أنه تم إنقاذ عدة أشخاص من الفندق الذي تحصن فيه مسلحو «حركة الشباب» في مقديشو عقب تبادل لإطلاق النار.
وأوضحت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية أن مدوبي نونو وزير داخلية حكومة إقليم جنوب الغرب، وعبد الناصر غارني عضو برلماني سابق، وقائد بشرطة مديرية حي داينيلي، قتلوا في الهجوم الإرهابي الذي استهدف «فندق ناسا هبلود2». وكان ضابط الشرطة الرائد محمد حسين قد ذكر أن عدد القتلى قد يرتفع، كما عبر عن اعتقاده أن «بعض المتشددين الآخرين تخفوا وفروا مع السكان الذين تم إنقاذهم». وأضاف لوكالة «رويترز» أنه «تم اعتقال 3 متشددين أحياء، بينما فجر اثنان آخران نفسيهما بعد إطلاق النار عليهما».
وكان الهجوم قد بدأ في نحو الساعة الخامسة مساء أول من أمس بسيارة ملغومة، ثم اقتحم مسلحون بعد ذلك المبنى بعد أن دمرت القنبلة دفاعاته. ودمر الانفجار واجهة الفندق المؤلف من 3 طوابق وألحق أضراراً أيضاً ببوابة فندق مجاور، علماً أن مسؤولين صوماليين كثيرين يقيمون في فنادق محصنة، لأنها توفر حماية أفضل من الهجمات. ووقع انفجار ثانٍ بعد فترة وجيزة من الأول في المكان نفسه، عندما كانت شاحنة تحاول سحب مركبة صغيرة من موقع الحادث، حيث كانت فرق الإنقاذ تحاول دخول الموقع، وفقاً لما رواه شهود عيان.
وتحولت الهجمات على الفنادق التي تبدأ عادة بتفجير انتحاري باستخدام سيارة مفخخة متبوعاً باقتحام للمبنى من قبل مسلحين، إلى استراتيجية معتادة لحركة الشباب خلال معركتها الممتدة منذ عقدٍ للإطاحة بالحكومات المتعاقبة المدعومة دولياً في مقديشو. ولاحقاً تبنى متمردو الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة التفجيرين والهجوم على الفندق، حسبما أورد موقع قريب من المتمردين نقلاً عن إذاعة «الأندلس» التابعة لهم، معلناً أن «المقاتلين المجاهدين هم داخل فندق ناسا هبلود حيث ينزل كثير من الكفار».
واعترفت «حركة الشباب»، التي شنت عشرات الهجمات المشابهة خلال الحرب الأهلية الطويلة في البلاد، بأنها نفذت تفجيري أول من أمس، حيث قال عبد العزيز أبو مصعب المتحدث باسم العمليات العسكرية للحركة، إن وزراء ومسؤولين أمنيين كانوا داخل الفندق. وتقاتل هذه الحركة المتشددة، الحكومة الصومالية الضعيفة التي تحظى بدعم المجتمع الدولي بالإضافة إلى 22 ألف جندي هم قوام قوة الاتحاد الأفريقي (أميصوم). وطُردت «الشباب» من مقديشو في أغسطس (آب) عام 2011، ثم خسرت العدد الأكبر من معاقلها، لكنها لا تزال تسيطر على مناطق ريفية مترامية تشن منها هجمات انتحارية غالباً ما تستهدف العاصمة وقواعد عسكرية، صومالية أو أجنبية. وتسعى الحركة إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية المدعومة دولياً وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».