اضطرت روسيا خلال العام الماضي إلى إتلاف آلاف الأطنان من المواد الغذائية أوروبية المنشأ، وذلك في إطار استمرار العمل بحظر غذائي فرضته السلطات الروسية على الصادرات من الدول التي تبنت عقوبات ضد روسيا بسبب ضم القرم والأزمة الأوكرانية. ومن جانب آخر، استعادت العلاقات الاقتصادية - التجارية بين موسكو وأنقرة كامل طاقتها تقريباً، وعاد ملايين السياح الروس إلى المنتجعات التركية، بعد أن قررت موسكو وأنقرة إلغاء العقوبات المتبادلة التي اعتمدها كل طرف ضد الآخر، إثر حادثة إسقاط مقاتلات تركية قاذفة روسية في سوريا خريف عام 2015.
وقال فلاديمير بولافين، رئيس هيئة الجمارك الفيدرالية الروسية، إن فرق الجمارك الجوالة العاملة على الحدود الروسية مع كازاخستان وبيلاروسيا، قامت خلال العام الماضي بإتلاف 5.8 ألف طن من المواد الغذائية التي يشملها الحظر الغذائي الروسي. وأوضح في حديث للصحافة أن هيئة الجمارك الروسية قامت بتشكيل 35 فرقة جمارك جوالة، 14 منها على الحدود مع بيلاروسيا و21 على الحدود مع كازاخستان، وقامت تلك الفرق بتفتيش 102 ألف سيارة شحن، وتحققوا من 2.7 مليون طن من المنتجات الغذائية، بغية الحيلولة دون دخول منتجات من الدول التي يشملها الحظر الغذائي الروسي إلى السوق الروسية عبر دولة ثالثة، وأضاف: «في سياق عمليات التفتيش تلك تمت إعادة 21 ألف طن وإتلاف 5.8 ألف طن، ومصادرة 2.3 ألف طن من المنتجات الغذائية الخاضعة للحظر».
وكانت روسيا بدأت عمليات إتلاف المواد الغذائية أوروبية المنشأ، أو المستوردة بشكل عام من أي دولة من الدول المدرجة على قائمة الحظر الغذائي الروسي. وأثارت صور عمليات إتلاف المواد الغذائية استياء في المجتمع الروسي، وطالب كثيرون بتوزيع تلك المنتجات على المحتاجين عوضاً عن إتلافها.
ومن جانب آخر، أثار الحظر الغذائي الروسي خلافات مع دول الجوار، لا سيما بيلاروسيا، التي اتهمها الجانب الروسي أكثر من مرة بأنها تصدر إلى السوق الروسية منتجات غذائية أوروبية المنشأ، بعد إصدار شهادات منشأ محلية لها. وما زالت السلطات الجمركية الروسية تمنع حتى اليوم دخول المنتجات من الدول المعاقبة، وبحال ضبط أي شحنات بعد دخولها الأراضي الروسية، تقوم السلطات إما بمصادرتها أو إتلافها.
وفي الوقت الذي يأمل فيه الجانبان، روسيا والغرب، تجاوز الخلافات السياسية لإلغاء العقوبات المتبادلة، والتعويض عما تسببته من خسائر للمنتجين الأوروبيين والتجار والمستهلكين الروس، تظهر متسارعة النتائج الإيجابية للتطبيع بين موسكو وأنقرة بعد قطيعة وعقوبات متبادلة منذ مطلع 2016، وحتى شهر أغسطس (آب) من العام ذاته.
وتشكل السياحة أحد أهم مجالات العلاقات بين البلدين، حيث يزور ملايين السياح الروس سنوياً المنتجعات التركية، ويشكلون مصدر دخل رئيسياً لعدد كبير من الشركات السياحية وشركات النقل الجوي الروسية، وكذلك للمنتجعات وجزء مهم من قطاع الخدمات السياحية التركي في الوقت ذاته.
وبعد توقيع رئيس الحكومة الروسية دميتري مدفيديف في أغسطس 2016 قراراً باستئناف الرحلات الجوية الخاصة (تشارتر) لنقل السياح إلى تركيا، أخذ النشاط في هذا المجال يستعيد عافيته بسرعة. وسجل النصف الأول من عام 2017 زيادة عدد السياح الروس في تركيا بعشرة أضعاف. وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، في تصريحات على هامش لقاءات اللجنة الحكومية التركية - الروسية، إن أكثر من 1.6 مليون سائح روسي زاروا تركيا خلال النصف الأول من العام الحالي، بينما لم يزد عددهم خلال الفترة ذاتها من العام الماضي على 168 ألف سائح، ما يعني أن عدد السياح الروس في تركيا ارتفع خلال النصف عام الأول بعد التطبيع بعشر مرات عما كان عليه في فترة القطيعة.
روسيا تتلف على وقع «العقوبات» آلاف الأطنان من الأغذية الأوروبية
روسيا تتلف على وقع «العقوبات» آلاف الأطنان من الأغذية الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة