امتنع أصحاب محال بيع مواد غذائية في دمشق عن خفض أسعار بضائعهم، ما اعتبر إشارة إلى «تمرد» مواطنين على قرارات النظام السوري.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام، أصدرت أخيراً عدداً من القرارات نصت على تخفيض أسعار بيع كيلو غرام «المسبحة» (حمص مطحون) إلى 550 ليرة سورية، بعد أن كان ما بين 600 إلى 700 ليرة، و«الفول المسلوق» إلى 300 بعد أن كان ما بين 400 إلى 500 ليرة، وساندويتش «الفلافل» إلى 150 بعد أن كان بـ250 ليرة (الدولار الأميركي يساوي 500 ليرة).
ويلاحظ في أسواق العاصمة دمشق، أن أصحاب المحال، وبعد صدور تلك القرارات، لم يجروا أي تعديل على أسعار تلك المواد، وواصلوا بيعها بالأسعار القديمة. ويُرجع السبب في عدم تقيدهم بالقرارات الجديدة إلى أن أسعار المواد الأولية «لم تتغير»، ويقول أحد الباعة في رده على اعتراض أحد الزبائن على الأسعار: «يجب أن يخفضوا أولاً أسعار الحمص اليابس والفول اليابس والغاز والطحينة... وكلفة إيصالها لنا».
ولم يطرأ أي تخفيض على أسعار المواد الأولية التي تصنع منها «المسحبة»، وبقي سعر الكيلو غرام الواحد من الحمص اليابس بنحو 600 ليرة والطحينة بنحو 1200 ليرة، كما بقي الفول اليابس بنحو 600 ليرة.
وتشهد الأسواق غياباً شبه تام لموظفي الرقابة التابعين لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مع استفحال الرشوة بشكل كبير بين الموظفين، وتحولها خلال سنوات الحرب إلى ما يشبه قانوناً غير معلن في دوائر النظام. وتقول لـ«الشرق الأوسط»، موظفة في شركة خاصة، كانت تبتاع بعض المواد الغذائية من أحد المحلات: «سعر المادة ذاتها وبنفس المواصفات بات يختلف من سوبر ماركت إلى آخر، ويعود الأمر لمزاج صاحب المحل بسبب غياب التموين (موظفي الرقابة) الذين ليس لديهم أي مانع في قلب الباطل إلى حق، والحق إلى باطل، مقابل مبلغ يختلف وفق اختلاف القضية وأهميتها».
وجاءت تلك القرارات الجديدة بعد تحسن بسيط في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، وذلك أنه يصل حالياً إلى نحو 490 ليرة مقابل الدولار، بعد أن كان في سبتمبر (أيلول) الماضي نحو 525 ليرة، علماً بأن سعر صرف الليرة كان قبل الحرب ما بين 45 إلى 50 ليرة مقابل الدولار.
ورغم التراجع الكبير في سعر صرف الليرة، بقيت المرتبات الشهرية للموظفين لدى النظام تراوح مكانها ما بين 50 إلى 60 دولاراً، في وقت تحتاج العائلة المؤلفة من خمسة أشخاص إلى أكثر من 800 دولار شهرياً لتعيش في مستوى وسط.
وبسبب الغلاء غير المسبوق الذي تشهده الأسواق الدمشقية، وتراجع دخول غالبية العائلات وغياب الطبخ عن منازلها، باتت «الفلافل» و«الفول» و«المسبحة» تشكل وجبات رئيسية وشبه يومية للكثير منها. وشملت القرارات تخفيض سعر الكيلو غرام الواحد من «شاورما الدجاج» إلى 2800 ليرة، بعد أن كان ما بين 4500 إلى 6000 ليرة، والساندويتش الذي يحتوي على 80 غرام لحم إلى 300 ليرة بعد أن كان بـ600.
جاء ذلك وسط انخفاض ملحوظ في سعر الكيلو غرام الواحد من «الفروج» المذبوح إلى 750 ليرة، بعد أن كان وصل إلى 1300 ليرة. لكن بعض المحلات لم تجر أي تعديل على أسعار البيع. ويقول أحد الزبائن: «باتوا يضعون نسبة 25 في المائة من الكمية التي يجب وضعها»، بينما يقول آخر لأحد أصحاب المحال: «هذا ليس ساندويتش شاروما... هذا ساندويتش مخلل ومايونيز»، بينما يرد أصحاب المحل: «ادفع لكي تأكل ساندويتش جيد».
وانطبق هذا على محلات بيع المعجنات. ويعتبر أصحاب محل لصناعتها أنه «من المستحيل» تطبيق تلك القرارات «من دون خفض سعر مادتي المازوت» التي تستخدم لتشغيل الفرن ومادة الطحين الأبيض (سعر الكيلو يصل إلى 250 ليرة)، يرى من يرتادون تلك المحال أن ما يتذرع به أصحاب تلك المحال ليست سوى «ذرائع واهية»، لأنهم يعتمدون بشكل كامل على «الطحين الذي يوزعه برنامج الغذاء العالمي»، الذي يباع في السوق السوداء بربع قيمة الطحين الذي يدعون أنهم يستخدمونه.
ويلاحظ خلال سنوات الحرب، أن الامتناع عن تنفيذ قرارات النظام لا يقتصر على أصحاب محال بيع «الساندويتش» والمواد الغذائية، بل شمل أيضاً الكثير من الأمور بدءاً من رفض دفع فواتير الماء والكهرباء، والاعتداء على الجباة، وكذلك الاعتداء على شرطة المرور والمخافر.
أصحاب محلات غذائية في دمشق يرفضون قرار خفض أسعارهم
أصحاب محلات غذائية في دمشق يرفضون قرار خفض أسعارهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة