وثائق مزيفة، أنظمة قرصنة معروضة أحيانا مجانا وحتى هجمات إلكترونية جاهزة، هذا بعض ما تعرضه سوق الإنترنت الإجرامية والذي كان محور تقرير نشر منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وكشف خلاله خبراء الأمن المعلوماتي أسرار المواقع السرية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
ويقول خبراء شركة «تراند ميكرو» اليابانية للأمن المعلوماتي، إنهم وجود بعض الأمثلة على الصفقات الجيدة عبر الإنترنت في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مثل جواز سفر مزيف أو بطاقة ائتمان بسعر 33 دولارا.
وقضى الخبراء ستة أشهر بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) 2016 في دراسة الإنترنت المظلم «دارك ويب» للمنطقة، تلك المواقع التي لا تصنفها محركات البحث على غرار «غوغل». وحلل الخبراء في تقرير بعنوان «سوق رقمية» أصدر في 16 أكتوبر الحالي، عروض الخدمات والمنتوجات التي يمكن لمجرم إلكتروني أن يجدها في هذه الأسواق الافتراضية بنحو 15 بلدا مثل تركيا وإيران والجزائر وسوريا والمغرب.
ويذكر أن أول استنتاجات الخبراء أفضت إلى ضرورة كسب الثقة لاقتحام هذه العوالم السوداء. يقول لويك غيزو الخبير في الأمن المعلوماتي بتراند ميكرو لوكالة الصحافة الفرنسية: «الأمر أكثر تعقيدا مما هو عليه في مناطق أخرى من العالم، فالعملية تستغرق عادة عدة أسابيع ويجب غالبا أن يتكفل بك أحدهم». دون الحديث عن حاجز اللغة فمعظم المواقع بالعربية.
ويتابع الخبير أن المواقع التي تم تحليلها «ليست حتى الآن أسواقا ناضجة، بمعنى أن المال ليس محركها الوحيد». فلا يوجد، على غرار روسيا أو الصين، بحث مهووس عن الربح. وتقدم بعض المواقع أنظمة خبيثة مجانا و«يتكلف القدامى بمرافقة الوافدين الجدد ومساعدتهم على تحسين مستواهم» وفق قول غيزو.
هذه «الأخوة»، وهي كلمة مستعملة كثيرا في التقرير، تشدد على القرصنة الإلكترونية المبنية على آيديولوجيا. فالكثير من المنتديات تقترح أنظمة لطمر المواقع (أي الإضرار أو تحوير محتوى الموقع المستهدف) أو لشن هجمات «ديدوس» (إثقال شبكة الموقع لجعله خارج الخط)، وهي تقنيات كثيرة الاستخدام في عالم القرصنة الإلكترونية.
فيوضح خبير تراند ميكرو أن «المطالب من هذا النوع من العمليات تهدف بصفة عامة إلى بث رسالة ضد الأنظمة القائمة في تلك المنطقة أو في الغرب».
وعلى الجانب الآخر، يؤكد التقرير أن السياق السياسي والجيوسياسي المحلي يؤثر على العرض والمنتوجات.
وتمكن خبراء تراند ميكرو من الحصول على بطاقة هوية فرنسية مزيفة، ويمكن أيضا الحصول على شهادات ميلاد مفبركة وفواتير غاز أو كهرباء لإثبات الإقامة. ويؤكد غيزو «جودة الوثائق التي عثرنا عليها تظهر أن في حال استخدم إرهابيون ماكينة الاستخراج هذه قد تطرح مشاكل أمنية جدية». وتجسد هذه النقطة أهم مخاوف أصحاب التقرير أن تستخدم هذه الموارد المتوفرة أحيانا مجانا وغير الخاضعة للمراقبة، في تحضير هجمات.
فتعرض مثلا أحد المنتديات مجانا على روادها قائمة الثغرات الأمنية لأحد الأنظمة الصناعية. وهو ما قد يتيح لإرهابي مبتدئ أن يجد وسيلة لتعطيل تجهيزات إلكترونيا، على غرار محطات كهربائية. لكن يبدو حسب التقرير أن قراصنة الإنترنت المظلم في الشرق الأوسط ليسوا متعصبين بل وحتى إنهم عبروا في المنتديات عن تحفظهم من المتشددين.
عالم «الإنترنت المظلم» دهاليز خفية مليئة بالأسرار

تظهر الأسواق الافتراضية الخفية في أكثر من 15 بلداً في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (أ.ف.ب)
عالم «الإنترنت المظلم» دهاليز خفية مليئة بالأسرار

تظهر الأسواق الافتراضية الخفية في أكثر من 15 بلداً في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة