ليبيا: عودة الجدل حول الدستور... والبرلمان يتحدث عن بدائل لـ«الصخيرات»

مجلس النواب في طبرق أكد دعمه للحوار شريطة عدم المساس بالمؤسسة العسكرية

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في مؤتمر صحافي بمناسبة الحوار الليبي الذي تحتضنه تونس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في مؤتمر صحافي بمناسبة الحوار الليبي الذي تحتضنه تونس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: عودة الجدل حول الدستور... والبرلمان يتحدث عن بدائل لـ«الصخيرات»

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في مؤتمر صحافي بمناسبة الحوار الليبي الذي تحتضنه تونس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في مؤتمر صحافي بمناسبة الحوار الليبي الذي تحتضنه تونس (أ.ف.ب)

أعادت لجنة الصياغة الممثلة لمجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، والمعنية بتعديل «اتفاق الصخيرات»، الجدل مرة ثانية حول «مسودة مشروع الدستور»، بعد تبنيها مناقشة أمور تتعلق بـ«العملية الدستورية» خلال اجتماعاتها في تونس، وذلك في وقت نفى فيه عبد السلام عبد الله نصية، رئيس لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب، أن يكون الوفد الذي يترأسه في الحوار «يتعرض لأي ضغوط سياسية من أي جهة دولية».
وفور الإعلان عن أن لجنة صياغة تعديل «اتفاق الصخيرات» ستطرح «العملية الدستورية» للحوار، عبرت «الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور»، التي وافقت عليه بالإجماع نهاية يوليو (تموز) الماضي، عن «استغرابها واستنكارها» لإعادة مناقشته ثانية، وقالت في بيان، مساء أول من أمس، إنها «صاحبة الاختصاص الوحيد بشأن إعداد مشروع الدستور، ولا ولاية بالمطلق لأي جسم آخر منتخَب أو غير منتخَب بذلك».
وتحدث الدكتور البدري الشريف، عضو «الهيئة التأسيسية» مع «الشرق الأوسط»، عن سبب مخاوفهم، وقال إن «الهيئة لم تُستدعَ لحضور جلسات الحوار المتعلقة بالمسار الدستوري، وهو ما يثير شكوكنا»، وتابع موضحاً «ليس من المنطق مناقشة موضوع الدستور في ظل غياب الهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب بالانتخاب الحر السري المباشر»، وذهب إلى أنها (أي الهيئة) هي «المنوط بها إنجاز مشروع الدستور، أما الأجسام الشرعية الأخرى فمهمتها محددة بإصدار التشريعات للمرحلة الانتقالية وليس لها علاقة بموضوع الدستور الدائم»، حسب تعبيره، ومضى الشريف يقول: «نحن لا نعلم حتى الآن رؤيتهم، وليس لدينا علم بالنقاط التي أثاروها».
غير أن الدكتور إبراهيم هيبة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة تكساس الأميركية، دافع عن لجنة الصياغة التي تستكمل أعمالها في تونس، اليوم (السبت)، وقال إن «أعضاء الهيئة التأسيسية يمارسون تضليلاً إعلامياً لإقناع الناس بالمسودة».
وأضاف هيبة، في بيان عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه يتوجب على الهيئة التأسيسية أن «تعطي فرصة لتنقيح هذه المسودة المعيبة التي ستدمر ليبيا دولةً وشعباً»، مضيفاً أن «بعض إخوتنا في هيئة إعداد الدستور يعتقدون أنهم لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم، والقضية يجب أن تكون وطنية مبنية على أساس علمي لا جهويٍّ ضيق».
في سياق قريب، قالت «كتلة السيادة الوطنية» في مجلس النواب، الذي يمارس عمله من مدينة طبرق، في بيان أمس، إنها تدعم الحوار الدائر في تونس، والخريطة الأممية للحل في ليبيا؛ لكنها أكدت أن دعمها للجهود الأممية «شريطة عدم المساس بالمؤسسة العسكرية، التي هي ثمرة عمل مجلس النواب ونتيجة نضال كل أطياف الشعب». وقد التقت «الكتلة» في تونس، أول من أمس، السفير صلاح الدين الجمالي، المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية لدى ليبيا، وبحثت معه قضايا الحوار السياسي في البلاد.
في غضون ذلك، قال عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحدث أن أي طرف حاول أن يفرض علينا أي وجهات نظر، ولم نجتمع بأي جهة ليست على علاقة بالمفاوضات الجارية، والتي نأمل أن تنتهي بحل سياسي يرضي الليبيين».
وهدد نصية، في المقابل، بأنه في حالة فشل تلك المفاوضات فإن «لدى مجلس النواب، الذي يعد البرلمان الشرعي، خيارات أخرى وبدائل سيتم الإعلان عنها في حينه»، رافضاً الكشف عن تلك البدائل، واكتفى بالقول: «عندما نصل إلى نقطة اللااتفاق سنعلن عنها... ولا يمكن أن نسمح باستمرار هذه الفوضى إلى ما لا نهاية، ويجب أن تعود ليبيا دولة مستقرة وذات سيادة على أراضيها».
وكشف نصية النقاب عن أن وفد مجلس النواب يسعى للحصول على ضمانات بشأن «إجبار الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس على القبول بأي اتفاق يتم التوصل إليه»، مبرزاً أن الخط الأحمر في هذه المفاوضات «هو الدولة الليبية وإعادة بنائها، ونحن لا نتحدث عن أشخاص، وإنما عن تحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية على نحو يحقق طموحات المواطنين»، موضحاً أن لجنة الصياغة ستدرس، اليوم، ما تمت مناقشته على مدى الأيام القليلة الماضية. وأشار في ذات السياق إلى أنه تم حسم بعض الملفات، بينما لا تزال ثلاث أو أربع نقاط فقط هي محور الخلافات بين وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة، وفي مقدمتها المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات، المثير للجدل والمبرم قبل نحو عامين. وأوضح نصية أن «الخلافات تتعلق بهذه المادة، بالإضافة إلى هيكلية المجلس الرئاسي للحكومة الجديدة؛ لكن نأمل أن نتوصل إلى حل يدفعنا إلى توقيع اتفاق... ولدينا تفاؤل بإمكانية الوصول إلى اتفاق وشيك».
معتبراً أن ما يميز غسان سلامة، الذي يتولى رئاسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا حالياً، عن غيره من المبعوثين الذين سبقوه إلى نفس المنصب، هو «أنه فهم أن مشكلة ليبيا الحقيقية والجوهرية ليست في الصراع على السلطة، وإنما غياب الدولة وتدهور الوضع الاقتصادي، واستمرار التشكيلات المسلحة خارج شرعية الدولة».
في شأن آخر، قالت المنظمة الدولية للهجرة، إنها قدمت مساعدات إلى أكثر من 14 ألف مهاجر كانوا محتجزين داخل عدة مراكز إيواء ومخيمات غير نظامية بعد أسابيع من النزاع الذي احتدم وسط مدينة صبراتة الساحلية.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها، أول من أمس، أنه تم تحويل هؤلاء المهاجرين إلى زوارة، وإلى نقطة تجمع في صبراتة، مشيرةً إلى أنه منذ اندلاع الأزمة في الأسابيع الأخيرة تسلم 6700 مهاجر، في 6 مواقع منفصلة في زوارة وصبراتة، مجموعات أساسية من لوازم الإغاثة، كما استجابت المنظمة إلى ما وصفته بالاحتياجات الهائلة المتعلقة بخدمات الصحة وأجرت 1631 تدخلاً طبياً، وعالجت 23 حالة إصابة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».