شرع البرلمان التونسي في مناقشة قانون المالية للسنة المقبلة، وقانون المالية التكميلي لسنة 2017، وسط انتقادات وضغوط حادة من قبل نقابة العمال، واتهامات من جانب أحزاب المعارضة بالرضوخ لتوصيات وتعليمات صندوق النقد الدولي على مستوى الخيارات الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة خلال سنة 2018.
ومن المنتظر الانتهاء من مناقشة كل مكونات قانون المالية الجديد وعرضه للتصويت أمام البرلمان، والمصادقة عليه في أجل أقصاه العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي نطاق ردود الأفعال تجاه قانون المالية الجديد، جدد نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، تأكيد رفض الاتحاد القاطع تفويت المؤسسات العمومية، قائلاً إن أمام هذه الخطوة «70 ألفاً، بل مائة ألف خط أحمر»، وهو ما يتعارض مع سعي الحكومة لإعادة هيكلة مجموعة من المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات اقتصادية، وتلتهم قسطاً مهماً من مداخيل الدولة لضمان بقائها».
وضخت الدولة سنة 2015 قرابة 900 مليون دينار تونسي (نحو 400 مليون دولار) لفائدة 3 بنوك عمومية في نطاق الإصلاحات الموجهة إلى المنظومة البنكية.
في السياق ذاته، اعتبر المجلس الإداري للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال) أنّ ما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2018، لم يأخذ بتاتاً بعين الاعتبار المقترحات والتوصيات التي تتضمن رؤية نقابة رجال الأعمال. وأكدت وداد بوشماوي، رئيسة الاتحاد، استياء منظمة الأعراف، لما تضمنه هذا المشروع من نصوص وإجراءات من شأنها «أن تثقل كاهل المؤسسات المنظمّة بعدد من الأداءات الإضافية والمساهمات الاجتماعية المرتفعة، والضغوطات الجبائية الكبيرة التي تؤثر سلباً على نشاط المؤسسة، وعلى قدرتها التنافسية، وقدرتها على الاستثمار وخلق مواطن شغل جديدة»، محذرة من أن ما جاء في مشروع قانون المالية 2018 يمس المؤسسة الاقتصادية، ويهدد استقرارها ووجودها، على حد تعبيرها. وبينما تعوّل الحكومة على ما ستحققه من نتائج اقتصادية واجتماعية خلال السنة المقبلة، تتحدث قيادات سياسية عن سنة «إقلاع اقتصادي» في تونس بعد نجاحها في الانتقال السياسي. ومن بين الأولويات التي ستحظى باهتمام الحكومة خلال السنة المقبلة، دفع الاستثمار وتشجيع الادخار، والتحكم في عجز الميزانية، وترشيد نفقات الأجور ومنظومة دعم المواد الاستهلاكية، وإصلاح الصناديق الاجتماعية، والتصدي للتهرب الجبائي، ومكافحة التهريب، وترشيد التوريد. ووفق ما قدمته وزارة المالية من معطيات، فإن حجم ميزانية السنة المقبلة لن يقل عن 35 ملياراً و851 مليون دينار تونسي (نحو 10 مليارات دولار)، وقد سجلت زيادة بنسبة 4.3 في المائة مقارنةً بميزانية السنة الماضية. وتطمح الحكومة من خلال هذه الميزانية إلى كبح مستوى عجز الميزانية في حدود 4.9 في المائة، وستعمل من خلال مشروع الموازنة الجديدة على تعبئة موارد ذاتية بقيمة 26 ملياراً و415 مليون دينار، تنقسم إلى 23 ملياراً و484 مليون دينار من المداخيل الجبائية (الضرائب)، و2.931 مليار دينار من المداخيل غير الجبائية. ومن المنتظر أن تحافظ نسبة الضغط الجبائي على النسبة نفسها المعتمدة في سنة 2017. أما حاجيات التمويل فستكون في حدود 12.9 مليار دينار تونسي، موزّعة على 7.4 مليار دينار على شكل تمويلات خارجية، ونحو 5.5 مليار دينار ستعمل الحكومة على تعبئتها من السوق الداخلية.
من ناحية أخرى، عرضت وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مشروع قانون أساسي لمناهضة التمييز العنصري على استشارة جماعية، تنتهي في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفي هذا السياق قال مهدي بن غربية، وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، إن هذا المشروع الذي يُعرض لأول مرة في تونس، يهدف إلى مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري لتحقيق العدالة في جميع الحقوق، والوقاية من التمييز العنصري وحماية الضحايا وزجر الانتهاكات. وتضمّن القانون الجديد مجموعة من العقوبات، من بينها السجن لمدة تتراوح بين شهر وشهرين، وغرامة مالية من 500 إلى ألف دينار لكل من ارتكب فعلاً أو أدلى بقول عنصري. وترتفع العقوبة لتتراوح بين سنة و3 سنوات سجناً مع غرامة مالية من ألف إلى 3 آلاف دينار لكل من يحرض على الكراهية والعنف والتفرقة، والفصل والعزل والتهديد على أساس تمييز عنصري.
تونس: بوادر خلافات حادة بين الأحزاب والحكومة حول قانون مالية 2018
مشروع قانون لتجريم التمييز العنصري لأول مرة في البلاد
تونس: بوادر خلافات حادة بين الأحزاب والحكومة حول قانون مالية 2018
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة