بعد الفوز الساحق لمانشستر سيتي على ستوك سيتي، يوم السبت الماضي، بسبعة أهداف مقابل هدفين، الذي جاء بعد ساعات قليلة من الأداء الدفاعي والمتحفظ من جانب مانشستر يونايتد أمام ليفربول على ملعب «آنفيلد»، سُئل جوسيب غوارديولا عما إذا كان يصر على أن يلعب مانشستر سيتي كرة قدم جميلة وممتعة.
وجاءت الإجابة غير متوقعة إلى حد ما، حيث قال: «لا، أنا لست هنا من أجل تقديم كرة قدم ممتعة، لكنني هنا من أجل تحقيق الفوز». وكانت الإجابة مثيرة للدهشة لأنه لا يمكن لمدير فني أن يبني فريقاً حول كيفين دي بروين وديفيد سيلفا، ويدفع بليروي ساني ورحيم سيرلينغ على الأطراف وغابريل خيسوس أو سيرجيو أجويرو في وسط الملعب، وتتوقع أن يلعب هذا الفريق كرة قدم مملة! وكانت الإجابة مفاجئة أيضاً لأن غوارديولا دائماً ما عودنا على تقديم كرة قدم جميلة وممتعة مع برشلونة الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني. ورغم أنه يمكن القول بأن غوارديولا كان واقعياً عندما اعترف بأن مهمة أي مدير فني هي تحقيق الفوز في المباريات، فيجب أن نعترف أيضاً بأن هذا المدير الفني تحديداً ليس من نوعية المديرين الفنيين الذين يتأثرون بكلام العامة، ويسيرون وراء الأشياء التقليدية.
ومع ذلك، أكد غوارديولا، في تصريحاته بعد المباراة التي فاز فيها فريقه على نابولي الإيطالي بهدفين مقابل هدف، على أن الهدف الأساسي هو الفوز وليس المتعة. وبدا المدير الفني الإسباني وكأنه يحذر من أن المتعة ليست هي الهدف في حد ذاتها، ولكنها شيء ثانوي لطريقة لعب معينة يتبعها الفريق من أجل تحقيق الفوز. وقد يكون غوارديولا محقاً في ذلك بكل تأكيد. وبعد فوز فريقه الساحق على ستوك سيتي، وهي المباراة التي شهدت تسجيل أهداف من جانب ستة لاعبين من لاعبي مانشستر سيتي، أكد غوارديولا على نقطة أخرى، وهي أن هذا الأداء هو أفضل أداء لمانشستر سيتي منذ قيادته للفريق، وذلك لأن الفريق «لعب كرة قدم بسيطة وسريعة»، وهذه هي الوصفة السحرية لتسجيل الأهداف، وتقديم كرة قدم ممتعة، بحسب اعتراف المدير الفني لستوك سيتي مارك هيوز أيضاً.
ومن السهل أن تنظر إلى النتيجة المتقاربة بفوز مانشستر سيتي على نابولي بهدفين مقابل هدف، وتعتقد أن هذا الفارق البسيط في النتيجة يعود إلى حقيقة أن نادي نابولي الذي يتصدر جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز كان نداً قوياً لمانشستر سيتي في المباراة التي جمعتهما بدوري أبطال أوروبا، وأنه أكثر قوة من ستوك سيتي. هذا صحيح إلى حد ما، لأن نابولي لعب بشكل جيد، وأظهر صلابة دفاعية واضحة، وكان قادراً على الخروج بنقطة التعادل، لكن يمكن القول أيضاً بأن مانشستر سيتي كان قادراً على حسم الأمور تماماً في شوط المباراة الأول، حيث اصطدمت كرة دي بروين بالقائم، وأخرج دفاع نابولي أكثر من تسديدة من على خط المرمى. وقدم مانشستر سيتي أداءً هجومياً رائعاً في شوط المباراة الأول وأحرز هدفين، لكن نابولي نجح في التماسك في شوط المباراة الثاني وأحرز هدفاً، وقلت الفعالية الهجومية لمانشستر سيتي كثيراً.
ربما تأثر مانشستر سيتي بحالة ساني الذي لم يقدم أداءه المعتاد وبإصابة سيلفا، لكن بمجرد تماسك نابولي بعد البداية القوية لمانشستر سيتي، تمكن النادي الإيطالي من نقل الكرة بسرعة للدرجة التي جعلته يحاصر مانشستر سيتي في نصف ملعبه في بعض فترات اللقاء. وقد دخل الفريقان المباراة، وهما يعتزمان الاعتماد على الضغط المتواصل، وقدم مانشستر سيتي أداءً أكثر من رائع في أول نصف ساعة، قبل أن يصبح نابولي هو النادي الأكثر خطورة في الشوط الثاني. وكلما اندفع مانشستر سيتي للهجوم من الخلف، كلما وجد صانع ألعاب نابولي ماريك هامسيك وزملاؤه الفرصة لخلق فرص على مرمى الفريق الإنجليزي، وبالفعل نجحوا في ذلك أكثر من مرة. ونتيجة لذلك، اضطر غوارديولا للدفاع عن طريقة اللعب التي اعتمد عليها في المباراة، قائلاً إن الاعتماد على الكرات الطويلة أمام نابولي كان سيعني «الانتحار»، على حد قوله، وذلك «لأنهم يعودون لشن الهجمات خلال ثانيتين». ورغم أن ذلك قد يكون صحيحاً تماماً، فإن نقل الكرة نحو ست مرات في الخلف بين لاعبين لا يبدو أنهم يتمتعون بالثقة اللازمة يبدو أيضاً وسيلة مماثلة لوضع نابولي مرة أخرى في الوضعية الهجومية، وهذه المرة يكون لاعبو النادي الإيطالي أقرب للتسجيل.
وتكمن المعضلة هنا في أن لعب الكرات الطويلة أمام الفرق التي تعتمد على الضغط المتواصل، لا يعد إشارة على أن الفريق الذي يلعب هذه الكرات الطويلة هو فريق ذو قدرات محدودة، أو لا يملك الحلول الإبداعية اللازمة، لكنه يعد وسيلة مشروعة يمكن أن تكون فعالة للغاية أمام الفرق التي تعتمد على الضغط المتواصل من أجل الاستحواذ على الكرة. وما يجب القيام به في هذه الحالة هو لعب الكرة الطويلة بشكل صحيح، وليس تشتيت الكرات بلا هدف، ومن الممكن أن تنجح الكرات الطويلة في قطع مسافات كبيرة من الملعب يعجز اللاعبون عن قطعها بالتمريرات القصيرة. لقد جاء كل من غوارديولا ويورغن كلوب إلى إنجلترا، والجميع يعرف أنهما يعتمدان على الضغط المتواصل، لكن يتعين على كل منهما أن يتكيف مع ظروف اللعب في إنجلترا، ربما لأن وتيرة المباريات هنا تتسم بالسرعة الشديدة مقارنة بأي مكان آخر، وربما لأن فرقاً مثل وست بروميتش ألبيون قد نجحت في مواجهة الفرق التي تعتمد على الضغط المتواصل من خلال لعب الكرات الهوائية الطويلة.
لذا كان من الغريب بعض الشيء أن يصر غوارديولا على اتباع طريقة لعب لا تجدي في مثل هذه المباريات. فإذا كان الفريق جيداً بالدرجة التي تمكنه من الضغط المتواصل على المنافسين فهذا ميزة كبيرة، لكن لو كنت متردداً في القيام بذلك، فإن الأمر سينطوي على خطورة كبيرة ستستغلها الفرق المنافسة. وما لم يعمل مانشستر سيتي على معالجة هذه المشكلة، فإن الفرق التي ستواجهه في دوري أبطال أوروبا سوف تعمل على استغلال هذه المشكلة الدفاعية، رغم أن التعاقد مع الحارس البرازيلي إيدرسون قد ساعد خط دفاع الفريق كثيراً منذ الموسم الماضي.
ولعل الشيء المثير للدهشة في مباراة مانشستر سيتي ونابولي الثلاثاء الماضي هو أن غوارديولا كان هو من تطرق من تلقاء نفسه للحديث عن الاعتماد على الكرات الطولية. لقد تحدث المدير الفني الإسباني عن الكرات الطويلة، وكأنها شيء مشين، رغم أن الحقيقة هي أن الفريق يتعين عليه أن يلعب الكرة بالشكل المناسب والصحيح، سواء كانت هذه الكرات قصيرة أو متوسطة أو طويلة. ولن يتهم أي شخص غوارديولا بأنه مدير فني يلعب الكرات الطويلة، لمجرد أن مدافعي فريقه قد اعتمدوا في مباراة معينة أو فترات معينة على الكرات الصريحة والطويلة بدلاً من تناقل الكرات القصيرة فيما بينهم! ويفترض على أي مدير فني يعتقد بأن مهمته هي تحقيق الفوز، وليس المتعة، أن يؤمن بهذا، أليس كذلك؟ وقد أدرك معظم المديرين الفنيين في الدوري الإنجليزي الممتاز هذه النقطة قبل سنوات من الآن.
«الكرات الطويلة» أفضل من القصيرة أحياناً
بعد تجربتي مانشستر سيتي ومدربه غوارديولا أمام ستوك ونابولي
«الكرات الطويلة» أفضل من القصيرة أحياناً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة