أزمة «توسيع الاختصاصات» تعطل تعديل اتفاق الصخيرات الليبي

6 قتلى في اشتباكات بين ميليشيات مسلحة في طرابلس... وإعلان الغرارات «منطقة عسكرية»

جانب من اجتماع سابق للجنة صياغة تعديل اتفاق الصخيرات في تونس بحضور المبعوث الأممي غسان سلامة (صفحة بعثة الأمم المتحدة لليبيا)
جانب من اجتماع سابق للجنة صياغة تعديل اتفاق الصخيرات في تونس بحضور المبعوث الأممي غسان سلامة (صفحة بعثة الأمم المتحدة لليبيا)
TT

أزمة «توسيع الاختصاصات» تعطل تعديل اتفاق الصخيرات الليبي

جانب من اجتماع سابق للجنة صياغة تعديل اتفاق الصخيرات في تونس بحضور المبعوث الأممي غسان سلامة (صفحة بعثة الأمم المتحدة لليبيا)
جانب من اجتماع سابق للجنة صياغة تعديل اتفاق الصخيرات في تونس بحضور المبعوث الأممي غسان سلامة (صفحة بعثة الأمم المتحدة لليبيا)

دبت خلافات بين أعضاء لجنة صياغة تعديل «اتفاق الصخيرات» المنبثقة عن مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، ما أدى إلى تعطل أعمالها في تونس، وسط اتهامات متبادلة بينهما بـ«رفض التعاطي مع الاتفاق السياسي».
وأطلّت الخلافات بين الفرقاء الليبيين برأسها ثانية، مهددة بانهيار المفاوضات، عقب انسحاب الفريق الممثل للبرلمان من اجتماع لجنة صياغة تعديل الاتفاق، مساء أول من أمس، وأرجع عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب، سبب انسحابهم إلى «إصرار لجنة حوار المجلس الأعلى للدولة على عدم حسم القضايا الخلافية والرجوع إلى نقاط وتفهمات قد حُسمت من قبل».
وقال نصية في كلمة تلفزيونية إنه «قد تم تعليق الحوار للتشاور مع المجلس، ولحين الحصول على صيغ مكتوبة من لجنة مجلس الدولة تتعلق بالقضايا الخلافية». وفي موازاة ذلك، رد المجلس الأعلى للدولة بأنه «لم يطلب أي تعديلات أساساً، ومجلس النواب هو الجهة التي رفضت التعاطي مع الاتفاق السياسي وألح في طلب تعديله»، مشدداً على أنه «بات يتعين على مجلس النواب الآن تقديم صيغ مكتوبة للمواد المعترَض عليها».
وأبدى المجلس الأعلى في بيان، أصدره فجر أمس «استعداده للتعاطي مع الصيغ المكتوبة لمجلس النواب بإيجابية، وتحديد ما يمكن قبوله بشأنها»، مشدداً على «إصراره التام على مواصلة الجهود الحالية للتوصل إلى اتفاق مع مجلس النواب لرفع المعاناة اليومية عن المواطن الليبي، رافضاً استخدام أدوات التعطيل والتسويف والمقاطعة والتعليق، التي تشل عمل مؤسسات الدولة».
وفور رفع جلسة لجنة الصياغة في تونس، مساء أول من أمس، عزا المتحدث باسم البعثة الأممية ذلك إلى «إعطاء الفرصة لكلا الجانبين للتشاور مع لجان الحوار التابعة لمجلسي النواب والأعلى للدولة»، منوهاً بأن الاجتماعات والمشاورات الداخلية ستستمر غداً (اليوم)، وهو ما لم يحدث. وأرجع عضو في لجنة الحوار بمجلس النواب، سبب توقف لجنة الصياغة عن العمل إلى «مطالبة الممثلين للمجلس الأعلى للدولة بنسبة أكبر من الاختصاصات تتعلق بتزكية الشخصيات للمناصب، في مقابل تقليص صلاحيات مجلس النواب التشريعية مستقبلاً، وهو ما رفضناه». وأضاف العضو، الذي تحفظ على اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «فريق المجلس الأعلى طرح أفكاراً في الجلسة الماضية بشأن إسناد رئاسة المجلس الرئاسي كل 3 أشهر لأحد أعضائه الثلاثة، وهو ما أثار موجة من الرفض بين الحاضرين».
وخُصصت الجلسة (المعطلة) لمناقشة إيجاد آلية اختيار رئيس المجلس الرئاسي، والنائبين عن طريق القوائم والتزكية من خلال المجلسين، ومن ثم يتم التصويت.
وأبلغ عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب «الشرق الأوسط»، بأنه تم تعليق الجلسات لحين تقديم لجنة حوار مجلس الدولة مقترحاتها مكتوبة حول النقاط الخلافية، التي لم تُحسم بعد، لأن «هناك تغيراً فيما طُرح سلفاً... وقد عادوا للحديث مجدداً حول مسألة رئيس ونائبين، حيث طرحوا أن يكون منصب رئيس المجلس الرئاسي للحكومة المقترحة بالتناوب، وغيرها من الأطروحات فيما انتهى الاتفاق عليه سلفاً».وتابع بليحق: «يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين كانت لها كلمة بعد عودة وفد مجلس الدولة إلى المفاوضات في تونس مجدداً»، لكنه رفض الكشف عن المزيد من التفاصيل.
من جهته، قال عبد النبي الصالحين، عضو لجنة الحوار ممثلاً عن البرلمان، إن سبب انسحاب الوفد البرلماني يعود إلى عدم وضوح مطالب مجلس الدولة بشأن الجيش الليبي وقيادته، في إشارة إلى صلاحيات خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، ووجود مقترح بجعل عمله تحت أنظار السلطة التنفيذية.
وبينما اتهم الصالحين مجلس الدولة بعدم نيته التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، خصوصاً بالنسبة إلى قيادة الجيش، اعتبر مراقبون لسير جلسات الحوار أن انسحاب الوفد الليبي الممثل للبرلمان كان بغاية الضغط على الطرف المقابل (ممثلو المجلس الأعلى للدولة)، ومن ثم الحصول على فوائد سياسية خلال ما تبقى من جلسات الحوار.
وفي غضون ذلك، أطلق ناشطون في المجتمع المدني في ليبيا حملة شعبية تدعو إلى إبعاد متصدري المشهد السياسي الحالي (المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق على وجه الخصوص)، وقالوا إن عنوان الحملة هو رفض أسلوب المماطلة واللامبالاة وتعطيل المسار السياسي الأممي. وفي هذا السياق، أكد أحمد الشركسي، أحد متزعمي هذه الحملة إن الحملة تطالب باتخاذ إجراءات وقرارات تضمن إنجاز مسار الخطة الأممية المتفق عليها في الفترة الزمنية المحددة.
ميدانياً، قُتل 6 أشخاص على الأقل خلال اشتباكات بين «قوة الردع الخاصة» في طرابلس، ومسلحين في منطقة الغرارات بسوق الجمعة (شرق) العاصمة، استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، وقاذفات «آر بي جي»، وفقاً للمرصد الليبي.
وقالت قوة الردع أمس إنها سيطرت على من سمتهم «فلول المجرمين»، واعتقلت عدداً منهم في المنطقة بعد تمشيطها، مبرزة أنها فقدت آمر سرية (العمليات القتالية) بالكتيبة ملازم أول النميري محمد الجمل في المواجهات القريبة من مطار معيتيقة الدولي، بعد تعرض مدرعته لقاذف، كما أعلنت منطقة الغرارات «عسكرية»، وطالبت المواطنين «بتوخي الحذر وعدم التحرك في أماكن الاشتباك لسلامتهم». وتسببت الاشتباكات في توقف حركة الملاحة الجوية لبضع ساعات في مطار معيتيقة الدولي، لكن أُعيد فتح المطار ثانية، حسب إدارة المطار لـ«الشرق الأوسط».
إلى ذلك، تعهد السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني، الذي تفقد ميناء بنغازي البحري، أمس، برفقة عميد بلدية بنغازي عبد الرحمن العبار، بالعمل على جلب الشركات للاتفاق على تطوير الميناء وتحسينه بالشكل الذي يتناسب مع ميناء بحجم مدينة بنغازي.
وقال بيروني في تصريحات صحافية إنه سينقل الصورة لشركات النقل الإيطالية للبدء في التعامل مع الميناء مع ما شاهده من استقرار أمني وعمل مستمر في استقبال سفن شحن البضائع والوقود، لما له مردود اقتصادي للبلدين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.