تأكيد مسيحي ـ درزي على حماية «مصالحة الجبل»

TT

تأكيد مسيحي ـ درزي على حماية «مصالحة الجبل»

لا يزال السجال الذي بدأ حول «مصالحة الجبل»، إثر كلام وزير الخارجية جبران باسيل الأحد الماضي الذي اعتبره المقربون من النائب وليد جنبلاط ضرباً بالمصالحة المسيحية - الدرزية في أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية، مستمراً، ما استدعى توضيحاً منه أمس، وتأكيداً من الأفرقاء المسيحيين كما الدروز على التمسك بالمصالحة التي رعاها البطريرك نصر الله بطرس صفير عام 2001.
وبعدما كان باسيل قد قال من بلدة رشميا في جبل لبنان: «آن أوان العودة السياسية إلى الجبل بفعل قانون الانتخاب الجديد، ثم يأتي الإنماء والاقتصاد والأمور الأخرى، ولا نسعى لنبش الماضي، لكن حق المعرفة طبيعي وكل إنسان حقه أن يعرف أهله أين.... ترابهم أين.... عظامهم أين.... وهذا ليس محاسبة بل علاج»، ما استدعى ردود فعل رافضة لكلامه، كتب أمس عبر حسابه على «تويتر» موضحا: «أنا قلت في رشميا وأكرر أن المصالحة لا خوف عليها، لأنها بين الناس وهي أقوى من أن تسقطها القوى السياسية، ولكن العودة لا تكتمل إلا متى كانت نفسية وسياسية إدارية واقتصادية... وهي لم تكتمل بعد وهذه هي الحقيقة، ونحن سنعمل بالمصالحة على استكمالها».
ومن سيدني حيث يقوم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بجولة انتخابية أكد التمسك بـ«مصالحة الجبل»، واصفا إياها بـ«أهم خطوة حصلت في آخر 50 عاما، لأنه في كل المعارك والحروب التي دارت في لبنان وبعد انتهاء الحرب لم يحصل على أثرها أي مصالحة فعلية، بينما المكان الوحيد الذي حصلت فيه مصالحة حقيقية هو في الجبل، وبمبادرة طيبة من الطرفين اللذين كانا على علاقة بها وهما الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية تحت مظلة كبيرة هي البطريرك مار نصر الله بطرس صفير»، مضيفاً: «من يقاتل هو من يصالح، وبالتالي نحن متمسكون بهذه المصالحة حتى النهاية، وسنبذل كل شيء للحفاظ عليها انطلاقا من أهميتها والوضع الذي وصل إليه الجبل من بعدها»، وأضاف: «نحن مسرورون جداً بهذه المصالحة التي تحتاج إلى عمل إضافي كي يعود كل أهل الجبل إلى الجبل، وهذا مطلب الجميع من مسيحيين ودروز على حد سواء، لذا أتمنى من كل السياسيين في لبنان أخذ هذا الواقع بعين الاعتبار لنعمل سوياً في هذا الاتجاه».
من جهته، أعلن الرئيس أمين الجميل في حديث لـ«وكالة الأنباء المركزية»، أن «المصالحة التاريخية التي تحققت بمباركة أعلى السلطات الروحية وأهم الشخصيات السياسية لا يمكن أن تضرب، خصوصا أنها نابعة من وجدان أهل الجبل، وهي تصب في مصلحة الوطن ككل، وما دام الوضع في الجبل مستقرا، لذلك، فإن كل الأقاويل عكس ذلك خارجة على المنطق والواقع والمصلحة».
وكان «الحزب الاشتراكي» على لسان عدد من مسؤوليه رد على كلام باسيل، واكتفى رئيسه النائب وليد جنبلاط بنشر صورة للبطريرك صفير مذيلة بعبارة: «السلام عليك يا بطريرك السلام». وأكد النائب في «اللقاء الديمقراطي» وائل أبو فاعور «أن مصالحة الجبل راسخة وأهم من كل المقاعد النيابية»، مضيفا: «أهل المصالحة في الجبل وفي تنوعهم لن ينصتوا لأي خطب تحريضية، لأن المصالحة باتت واقعا لن ينال منه أحد، وسنستمر في تكريسها ولن نستدرج إلى منطق الكراهية ونبش القبور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».