عون يدفع نحو خطة لإعادة اللاجئين السوريين

سلم سفراء الدول والمنظمات الدولية رسائل تدعوها لمعالجة الأزمة

في الإطار الرئيس اللبناني ميشال عون - نازحون سوريون في مخيم قرب بلدة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية في نوفمبر عام 2013 (رويترز)
في الإطار الرئيس اللبناني ميشال عون - نازحون سوريون في مخيم قرب بلدة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية في نوفمبر عام 2013 (رويترز)
TT

عون يدفع نحو خطة لإعادة اللاجئين السوريين

في الإطار الرئيس اللبناني ميشال عون - نازحون سوريون في مخيم قرب بلدة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية في نوفمبر عام 2013 (رويترز)
في الإطار الرئيس اللبناني ميشال عون - نازحون سوريون في مخيم قرب بلدة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود السورية في نوفمبر عام 2013 (رويترز)

جمع رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية مع سفراء الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل، أمس، وعرض أمامهم «موقف لبنان من موضوع النازحين»، وشرح انعكاساته على لبنان، محذرا من «الانفجار» وسلّمهم رسائل خطية موجهة إلى رؤساء بلدانهم، اعتبر فيها أنه «أصبح لزاماً على المجتمع الدولي والأمم المتحدة بذل كل الجهود وتوفير الشروط الملائمة لعودتهم الآمنة، لا سيما المناطق المستقرة أو تلك المنخفضة التوتر من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل إلى الحل السياسي».
وفي وقت تؤكد الأمم المتحدة على أنها لن تساهم في عودة النازحين قبل الحصول على ضمانات لحمايتهم، دعا عون «المنظمات الدولية إلى عدم تخويف الراغبين منهم بالعودة طالما أنها تتم بناء على رغبتهم، كالقول لهم إن عودتهم إلى سوريا ستكون على مسؤوليتهم، معتبرا أن هذه التصريحات «بمثابة تحريض للنازحين للبقاء على الأرض اللبنانية».
ونفى مستشار رئيس الحكومة لشؤون النازحين نديم المنلا، علمه بتفاصيل الطرح الذي قدّمه الرئيس عون إلى السفراء، مرجحا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون مستندا إلى الخطة التي سبق أن قدمها باسيل أمام الحكومة، مع تأكيده على أن قضية اللاجئين باتت الأولوية في المرحلة القادمة بالنسبة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري.
ومع بعض علامات الاستفهام التي طرحت حول تقديم الرئيس عون وباسيل موقف لبنان من قضية اللاجئين إلى السفراء قبل إقرارها في مجلس الوزراء، أكدت مصادر رئاسة الجمهورية التي وصفت لقاء عون بالسفراء بـ(البداية العملية للتحرك) في قضية اللاجئين، أن الاجتماع كان لعرض الوضع اللبناني وما يتفق عليه الأفرقاء اللبنانيون من دون التطرق إلى آلية التنفيذ، بل كانت الدعوة للمجتمع الدولي لإيجاد حل قبل أن ينفجر الوضع». ولفتت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عون لم يكن ينتظر جوابا من السفراء الذين أدلى كل منهم بوجهة نظر بلده في هذا الموقف، إنما كان الهدف الأهم هو عرض للواقع.
من جهته، أكد المنلا أن الحريري سيدعو بعد عودته من روما إلى اجتماع للجنة الوزارية التي يرأسها، للبحث في هذا الموضوع ومناقشة خطة باسيل، كما وخطة وزيري الداخلية وشؤون النازحين، نهاد المشنوق ومعين المرعبي، مشددا على «إن سياسة الدولة في أي قضية هي تلك التي ترسمها الحكومة وتصبح قراراتها هي النافذة، ولغاية الآن لم يؤخذ أي قرار نهائي بهذا الشأن والأمور قيد الدرس».
وفي حين لفت المنلا إلى أن هناك نقاطا عدة تتقاطع بين الخطتين، لم ينف الاختلاف في مقاربة موضوع التنسيق مع النظام السوري، موضحا: «قد لا يكون هذا الطرح صريحا في الخطة المقدمة من باسيل والتي قدمها قبل ذلك على طاولة الحكومة، إنما كانت تحت إطار (التعاون مع الجهات المعنية)، لكن مما لا شك فيه أنها واضحة في مواقفه العلنية والتي تدعو إلى هذا الأمر، وهو ما نرفضه رفضا قاطعا ونعتبره سياسيا بالدرجة الأولى ومحاولة لفرض التطبيع مع النظام من باب ملف اللاجئين».
وسأل المنلا: «عند التنسيق مع النظام، ما الذي يمنع أفرقاء آخرون المطالبة بالتنسيق مع المعارضة في وقت لا يقدم النظام نفسه أي خطة أو ضمان لعودة أبنائه؟ لذا نعتبر أن الأمم المتحدة هي المعني الأساسي بعودتهم وفق القانون الدولي الذي ينص على ضرورة الحصول على ضمانات لتأمين سلامة عودتهم».
من هنا أكد المنلا أن موضوع النازحين لا يمكن حلّه مع النظام السوري انطلاقا من عدم القدرة على تجزئة هذه القضية المرتبطة أيضا بدول لجوء أخرى، وبالتالي حلّها يرتبط أيضا بإيجاد حل سياسي في سوريا وعودتهم يجب أن تكون بضمانات دولية. وأضاف: «لعل أبرز ما تحقق في هذا الإطار هو حصول الرئيس الحريري على التزام من روسيا والاتحاد الأوروبي بأن عودة النازحين هي جزء لا يتجزأ من الحل السياسي في سوريا».
وعدّد المنلا نقاط التقارب في الورقتين، وأهمها أن الهدف والعنوان الأساسي هو عودة سريعة للاجئين إلى بلدهم وتسجيل الولادات وإجراء إحصاء دقيق لعدد النازحين وتوزيعهم، وتطبيق قانون العمل اللبناني وسحب بطاقة نازح من كل مواطن سوري يذهب إلى سوريا بشكل دوري.
ووصف عون أمس لقاءه بالسفراء بـ«الوقائي»، مشددا على أن «ما يطالب به لبنان، هو عودة النازحين الراغبين وليس المقصود من لديهم مشاكل سياسية مع السلطة القائمة». وحذّر من انفجار الوضع في لبنان على خلفية كثافة عدد النازحين الذين أصبحت نسبتهم تشكل 153 نازحا في الكيلومتر المربع، متحدثا أيضا عن «الخطر السياسي» للنزوح الذي بدأ يؤدي إلى خلافات داخلية.
وعن الخطر الاقتصادي، قال إن «المساعدات التي تقدم للنازحين في لبنان لا تغطي تكاليف البنى التحتية للدولة التي تتحمل جميع هذه الأعباء التي يقدرها صندوق النقد الدولي بسبعة مليارات دولار بينما لبنان يعاني عجزا اقتصاديا».
وتطرق عون إلى موضوع الحوادث التي تقع أحيانا بين الأهالي والنازحين، والتي من الممكن أن تولد تصادما قد يتطور بعدما فاق عدد النازحين عدد السكان.
وفي بيان، صدر عن مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان عن دعم السفراء «القوي لمساعدة لبنان لتخفيف تداعيات الأزمة السورية».
وعبروا، خلال لقائهم رئيس الجمهورية، عن تقديرهم لكرم وتضامن وضيافة لبنان في استضافة اللاجئين السوريين لسبع سنوات تقريباً. وأعربوا عن تفهمهم الكامل للمخاوف التي يعرب عنها المواطنون اللبنانيون. ومع تأكيدهم على الالتزام بدعم لبنان، أوضح السفراء أن العودة يجب أن تتم «بأمان وكرامة وطوعية، وفقاً لمبادئ القانون الدولي وعلى أن غالبية اللاجئين يريدون العودة وأنهم لا يعتبرون الاندماج المحلي في لبنان خياراً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».