في وقت تواصل القوات التركية مهماتها «الاستطلاعية» في محافظة إدلب من دون تسجيل أي تطور عسكري يُذكر في الساعات الماضية بخصوص دخولها أو دخول مقاتلين من الجيش الحر في مواجهة مباشرة مع عناصر «هيئة تحرير الشام» التي تشكل «جبهة النصرة» مكونها الرئيسي، يُرجح أكثر من مصدر التوصل لحل «سلمي» بين أنقرة والهيئة، لم تتضح معالمه بعد، في ظل وساطات مكثفة لتفادي «المواجهة العسكرية».
وإن كانت تركيا تبدي ليونة في التعامل مع موضوع «الهيئة» ولا تستبعد الحل السلمي، وهو ما ظهر جلياً في الصور التي تم تداولها قبل يومين والتي أظهرت وفداً تركياً يدخل إلى منطقة دارة عزة بحماية من عناصر «تحرير الشام»، فإن موسكو تتابع عن كثب المجريات في المحافظة متمسكة بما تقول إنه «هدف استراتيجي» لجهة «القضاء على جبهة النصرة». وفي هذا السياق، قال مصدر دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع تتطور سريعا جدا في إدلب»، لافتاً إلى أن «التقييم الروسي للوضع هناك كان منذ البداية واضحاً لجهة أن الأحوال في هذه المحافظة هي الأصعب مقارنة بباقي مناطق خفض التصعيد». وأضاف المصدر: «ما نسعى إليه في إدلب هو حل يثبّت الأمن هناك ويؤدي للقضاء على جبهة النصرة. أما كيفية تحقيق ذلك، فمن شأنه أن يتبلور خلال المرحلة المقبلة».
وبحسب رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن هناك «توجها لحل سلمي لملف إدلب»، مستبعداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول مواجهة كبيرة في المحافظة. وأضاف: «هناك سياسيون مقربون من أنقرة وهيئة تحرير الشام يعملون على هذا الأساس». المعطيات التي يمتلكها عبد الرحمن لا يستبعدها مصدر عسكري معارض في إدلب، لافتا إلى أن «الأتراك أبلغوا قبل فترة من يعنيهم الأمر، أنّهم وفي حال دخلوا إلى المحافظة ولم يعترضهم أحد فهم بدورهم لن يتعرضوا لأي من الفصائل». وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بالحقيقة نشعر وكأنّه سيكون هناك حل سلمي، يقضي على الأرجح بتفكيك الهيئة تمهيداً لانصهارها ضمن الجيش الوطني، وإن كان هناك جناح متشدد في النصرة سيرفض الدخول التركي إلى إدلب، وعندها سوف يتم التعامل معه بالقوة».
من جهته، اكتفى القيادي في الجيش الحر ومسؤول المكتب السياسي لـ«لواء المعتصم» مصطفى سيجري، بالتأكيد أنّه «حتى الساعة لم تدخل أي من القوات المتمركزة على الحدود السورية - التركية إلى إدلب»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأمور لا تزال في طور الاستطلاع، ولكنها تسير بالشكل الصحيح»، رافضا الخوض في تفاصيل المناقشات الجارية لحل أزمة إدلب. إلا أن سيجري كتب سلسلة تغريدات على صفحته على موقع «تويتر» اعتبر فيها أن «عملية إنقاذ إدلب اليوم أشبه بعملية جراحية دقيقة ومعقدة، في ظل تربص أعداء الداخل والخارج بهدف منعنا من إتمام المهمة إلا بشلال من الدماء»، وأضاف: «أرادوا لإدلب سيناريو شبيهاً بالموصل والرقة بحجة الحرب على الإرهاب، وجعلوا من الجولاني أداة، ومرادنا نحن إنقاذ أهلنا والمدينة وحقن الدماء»، وهو ما اعتبرته مصادر تأكيدا على المسار السلمي الذي تسلكه الأمور.
لكن الباحث السوري أحمد أبا زيد، يستبعد من جهته أن يكون الحل المرتقب لإدلب سلميا، معتبرا أن المواجهة العسكرية قادمة عاجلا أم آجلا، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أنقرة لن تعطي ذريعة لموسكو لاقتحام المدينة، وستقوم هي بمهمة مواجهة (جبهة النصرة)، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة إليها، سواء من روسيا أو أميركا بتأمين تغطية للإرهابيين».
ميدانياً، وفيما لم يُسجل أي تطور عسكري يُذكر، أفاد ناشطون عن خروج المئات من المتظاهرين في مدينة إدلب، احتجاجاً على تردي الوضع الأمني، بعد دعوات للتظاهر والإضراب العام في المدينة على خلفية تفاقم عمليات القتل بهدف السرقة. وقد حمّل المتظاهرون «هيئة تحرير الشام» التي تتولى إدارة المدنية مسؤولية تردي الأوضاع.
في هذا الوقت، وفي ريف حماة، تواصلت المعارك بين «هيئة تحرير الشام» وعناصر «داعش» الذين هاجموا مناطق الهيئة في الريف الشرقي مطلع الأسبوع. وأفاد المرصد السوري بمقتل 14 على الأقل من مقاتلي «هتش» خلال هذه المواجهات التي أدّت لسيطرة «داعش» على نحو 15 قرية كانت تحت سيطرة الهيئة. وقال المرصد: «على الرغم من مرور أكثر من 24 ساعة على اندلاع الاشتباكات بين الطرفين، فإن هيئة تحرير الشام فشلت إلى الآن في استعادة السيطرة على كامل القرى التي خسرتها، فيما يحاول داعش تثبيت سيطرته فيها، وإيجاد مكان جديد لنفسه، بعد أن جرى إنهاء وجوده في الريف الحموي الشرقي قبل أيام».
موسكو متمسكة بالقضاء على «النصرة» في إدلب
مظاهرات ضد «هيئة تحرير الشام»
موسكو متمسكة بالقضاء على «النصرة» في إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة