زيادة في الوحدات السكنية المعروضة في دبي

توقعات متفائلة في سوق الضيافة مع استمرار المدينة في الاستثمار بشكل مكثف في السياحة

زيادة في الوحدات السكنية المعروضة في دبي
TT

زيادة في الوحدات السكنية المعروضة في دبي

زيادة في الوحدات السكنية المعروضة في دبي

توقع تقرير عقاري صدر أمس زيادة المعروض في الوحدات السكنية خلال الربع الثالث من العام الحالي في مدينة دبي الإماراتية، مشيراً إلى وجود أكثر من 480 وحدة سكنية، مع احتمالية دخول 80 ألف وحدة سكنية أخرى خلال الثلاث سنوات المقبلة.
وأشارت شركة «جيه إل إل» للاستشارات العقارية، في تقريرها عن السوق العقارية في دبي خلال الربع الثالث من العام، الصادر تحت عنوان «نظرة عامة على السوق العقارية في دبي»، إلى إطلاق عدد من المطورين مشاريع سكنية كبرى جديدة في سيتي سكيب جلوبال، في دبي، أثناء شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، فيما أعلن كبار المطورين، مثل شركتي «نخيل» و«ديار»، عن مشاريع بقيمة 3.2 مليار درهم (871 مليون دولار)، ومليار درهم (272 مليون دولار)، على الترتيب.
وقال كريغ بلامب، رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة «جيه إل إل»: «إن هذه المعنويات المتحمسة تزيد من إمكانية زيادة المعروض عن الحاجة، ولا سيما في ظل اعتماد المبيعات المحققة على تقديم شروط دفع أكثر جاذبية».

المساحات الإدارية
ستظل سهولة الحركة من وإلى المكان عامل تفاضل رئيسياً في قطاع المساحات الإدارية، وتؤكد تجربة المدن العالمية الأخرى (مثل نيويورك ولندن وسنغافورة) أن سهولة الوصول إلى شبكة المواصلات تُعد عاملاً رئيسياً في تحديد مدى جاذبية مختلف الأسواق الفرعية. وينطبق الأمر ذاته على دبي، إذ تكون الأفضلية للأماكن التي تستفيد من قربها من شبكة المترو.
وتُعد سهولة الحركة والاتصال عاملاً رئيسياً في ظهور الأحياء التجارية الجديدة، وهي ما سيحدد موعد نضج دبي الجنوب، وتحولها من وضعها الحالي كسوق يركز على الوحدات السكنية لمتوسطي الدخل إلى حي تجاري جديد، كما هو متصور في الخطط المُعلن عنها أخيراً لمنطقة «دستركت 2020». ويجري حالياً إنشاء شبكات الطرق والمترو اللازمة لدعم هذه المنطقة، كما أن التوسع المستمر في مطار آل مكتوم سيعزز من جاذبية «دستركت 2020» لشاغلي المساحات الإدارية في المستقبل.

المعروض
شهد الربع الثالث تسليم نحو 35 ألف متر مربع من إجمالي المساحات الإدارية القابلة للتأجير في مختلف أنحاء دبي، وتعتقد «جيه إل إل» أن ثمة بعض المخاطر المرتبطة بإنجاز مشاريع معينة بسبب تقلب الأسواق العالمية والظروف الجيوسياسية، وهو ما قد يؤدي إلى قيام الشركات بإرجاء خطط نموها في المستقبل أو تقليصها. ومن بين الاتجاهات الأخرى التي لوحظت أخيراً زيادة المساحات المؤجرة من الباطن في دبي، إذ يسعى المستأجرون لتأجير المساحات الفائضة عن حاجاتهم، الناتجة عن خطط التوسع السابقة الأكثر طموحاً.

الأداء

شهدت إيجارات المساحات الإدارية هدوءاً نسبياً في المباني المميزة من الدرجة «أ»، إذ يقوم الملاك في جميع أنحاء منطقة الأعمال المركزية بتقديم شروط تجديد مواتية للحفاظ على المستأجرين، ولمواجهة المنافسة الزائدة من الجيل الجديد من المشاريع «المميزة»، ويتوقع أن تستمر حالة الهدوء هذه خلال الربع الرابع بسبب تنافس ملاك العقارات على تخفيض سقف المتطلبات، خصوصاً عندما يقترن ذلك بالمساحات الضخمة الجديدة المرتقب تسليمها، فيما حافظت نسبة الشواغر في المساحات الإدارية داخل منطقة الأعمال المركزية على استقرارها بدرجة كبيرة خلال الربع الماضي عند 8 في المائة تقريباً.

الوحدات السكنية
شهد معرض «سيتي سكيب» للمرة الأولى في تاريخه، الممتد على مدار 10 سنوات، السماح بعمليات «البيع المباشر» للعقارات أثناء المعرض، مما أثار اهتمام المشترين، وأتاح لهم فرصة المقارنة بين مختلف العروض في مجموعة متنوعة من العقارات.

المعروض
تألفت غالبية المشروعات التي تم إنجازها خلال الربع الثالث من شقق سكنية (إذ تم تسليم 3300 وحدة جديدة)، فيما بلغ نصيب الفيلات والمنازل 660 و75 وحدة على الترتيب، وكان أكبر مشروع تم إنجازه هو برج دُجى في المركز التجاري الأول، الذي أضاف 679 وحدة، ويليه مشروع ذا بولو ريزيدنس في ميدان، الذي أضاف 598 وحدة، بينما أضاف مشروعا دستركت ون ومجمع ليلا في المرابع العربية 267 و219 وحدة، على الترتيب.
وطبقاً لقاعدة بيانات «بيزنس نيوز فور كونستركشن»، فمن المرتقب أن تزداد أنشطة البناء في أنحاء دبي على مدار العامين المقبلين، مع توقع ترسية عقود بقيمة 350 مليار درهم قبل معرض «إكسبو 2020». ويواصل المطورون العقاريون في دبي نشاطهم، خصوصاً في قطاع الوحدات السكنية، وتشير بيانات «جيه إل إل» إلى إمكانية تسليم ما يصل إلى 80 ألف وحدة قبل نهاية عام 2019، رغم أن ما سيتم تسليمه فعلياً قد يقل عن هذا المستوى.

الأداء
حافظت أسعار البيع لكل من الفيلات والشقق على استقرارها إلى حد بعيد على مدار هذا الربع، فيما استمرت الإيجارات في تراجعها الطفيف. وهناك أقوال متواترة عن وجود كثير من المباني السكنية (حتى داخل المناطق المميزة، مثل الداون تاون ومارينا) التي تشهد ارتفاعاً في نسب الشواغر، وهكذا استطاع المستأجرون إعادة التفاوض على تخفيض أسعار الإيجار بمعدل 5 في المائة، و7 في المائة.
وارتفعت كذلك القيمة الإجمالية للتعاملات الخاصة بالعقارات السكنية الحالية (باستثناء الأراضي) على مدار عام 2017، إذ تجاوزت قيمة المبيعات في الفترة من بداية العام حتى شهر أغسطس (آب) 13.7 مليار درهم (3.7 مليار دولار)، بزيادة 28 في المائة عن القيمة المسجلة خلال الفترة نفسها من عام 2016، البالغة 10.7 مليار درهم (2.9 مليار دولار).
ويأتي هذا الارتفاع مدعوماً باستمرار الطلب القوي من جانب المستثمرين من دول مثل الهند وباكستان، وقد بلغت إجمالي مبيعات الوحدات السكنية القائمة في شهر أغسطس وحده 2.7 مليار درهم (734 مليون دولار)، منها 20 في المائة في دبي مارينا، و20 في المائة أخرى في منطقة الخليج التجاري، بالقرب من برج خليفة.

قطاع التجزئة
استحوذت مجموعة ماجد الفطيم على امتياز «جيان». ومن المقرر الآن تغيير اسم سلسلة جيان، التي تمتلك نحو 30 منفذاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى «كارفور»، ليزيد بذلك عدد متاجر كارفور من 67 إلى 80 متجراً في أنحاء دولة الإمارات، وسيعزز هذا أيضاً مركز مجموعة ماجد الفطيم، باعتبارها لاعباً رئيسياً في مجال منافذ التجزئة.
ونظراً للمنافسة الزائدة التي يشهدها السوق، يعكف عدد من مراكز التسوق الأصغر حجماً على إعادة النظر في استراتيجياتهم، ومراجعة قاعدة المستأجرين لديهم، في مسعى لزيادة الإقبال.

المعروض
شهد الربع الثالث من عام 2017 إنجاز توسعة دبي فيستيفال سيتي، التي أضافت نحو 20 ألف متر مربع من المساحة القابلة للتأجير، إضافة إلى إنجاز مركز تجاري صغير وآخر محلي في الحبيه الأولى ووادي الصفا 2، أضافا معاً 18600 متر مربع من المساحة القابلة للتأجير، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المتبقية من عام 2017 إنجاز 101 ألف متر مربع أخرى من المساحة القابلة للتأجير، مع وجود مشاريع بارزة من المقرر تسليمها خلال الربع الرابع، من بينها المرحلة الثانية من دبي مول والسوق في قرية الثقافة.

الأداء
كان ملاك العقارات أكثر استعداداً للتفاوض على الإيجارات مع المستأجرين الحاليين، ولذلك شهدنا تراجعاً آخر في متوسط مستويات الإيجار خلال الربع الثالث. وسجلت المراكز التجارية الإقليمية الكبرى تراجعات تراوحت بين 3 في المائة و5 في المائة في الإيجارات، مقارنةً بالربع الماضي، وهي نسبة قد لا تعبر بشكل كامل عن مدى التراجعات الحقيقية. وقد سجلت المراكز التجارية الصغيرة والمحلية الأصغر حجماً تراجعات أكبر مما هو مسجل في المراكز الأكبر بصفة عامة.
وارتفعت مستويات الشواغر بصفة عامة خلال العام الماضي، واستمر هذا الاتجاه خلال الربع الثالث، مما وضع المزيد من الضغط على الإيجارات. ومن المتوقع أن تظل الإيجارات واقعة تحت هذا الضغط على مدار الاثني عشر شهراً المقبلة، نظراً لكبر حجم المعروض الجديد المحتمل المقرر أن يدخل إلى السوق.

الفنادق
يطرح التقرير تساؤلاً حول قدرة الفنادق المتوسطة الحجم على تغيير ملامح سوق دبي، حيث أشار إلى أنه خلال الأعوام المقبلة، سيشهد افتتاح عدد من الفنادق المتوسطة الحجم، مما سيؤدي إلى تنوع سوق الفنادق، وزيادة جاذبية المدينة لمجموعة واسعة من الزوار. غير أنه من المرجح أيضاً أن يؤدي ذلك إلى حدوث تراجعات في متوسط العائدات المالية في المستقبل.

المعروض
شهد الربع الثالث دخول 1800 غرفة جديدة إلى السوق، مما رفع إجمالي المخزون من الغرف الفندقية المميزة في دبي إلى 82.200 ألف غرفة تقريباً. ومن بين المشروعات البارزة التي تم إنجازها فندق ريكسوس جميرا بيتش ريزيدنس (414 غرفة)، وفندق دبل تري من هيلتون (238 غرفة)، الواقع في باي سكوير في الخليج التجاري. وثمة اتجاه آخر سائد في السوق يتمثل في تجديد الغرف الحالية، ومن ذلك على سبيل المثال تجديد فندق أتلانتس (نخلة جميرا)، الذي ستعود منه إلى السوق 1539 غرفة خلال ربع العام الحالي. وعلى الرغم من الإقبال الأخير على الفنادق المتوسطة الحجم، لا يزال المعروض مركزاً في الغالب على الفنادق فئة 4 و5 نجوم.
ومن المحتمل أن يدخل إلى السوق 4100 غرفة خلال الربع الأخير من العام، إذ توجد عقارات كثيرة أوشكت على الانتهاء في الخليج التجاري، من بينها فندق رينيسانس دبي داون تاون من ماريوت (312 غرفة)، وباي سنترال من سنترال هوتل (284 غرفة).

الأداء
استمرت الضغوط التي يواجهها أداء قطاع الفنادق، وكان العائد لكل غرفة متاحة المسجل في الفترة من بداية العام حتى شهر أغسطس 503 درهم (136 دولار)، هو أدنى مستوى يتم رصده خلال العقد الماضي. ومن جهة أخرى، سجلت نسبة الإشغال ارتفاعاً جيداً، لتصل إلى 75 في المائة منذ بداية العام. ورغم أن استراتيجية كثير من الفنادق في أنحاء المدينة تركز حالياً على الحفاظ على ارتفاع مستويات الإشغال على حساب الأسعار اليومية، تجدر الإشارة إلى أن دبي لا تزال إحدى أسواق الفنادق التي تتمتع بأداء قوي على مستوى العالم، من حيث العائد لكل غرفة متاحة، وغيره من المؤشرات المالية.
ويُنظر إلى الانخفاض في أداء سوق الضيافة في دبي على أنه تعديل لأوضاع السوق، وليس على أنه مؤشر للمرور بشدة أو ضيق. ولا تزال التوقعات الخاصة بدبي باعثة على التفاؤل، خصوصاً مع استمرار المدينة في الاستثمار بشكل مكثف في البنية التحتية للسياحة، والتنويع بالتوجه نحو أسواق جديدة مصدّرة للسائحين، مثل جنوب شرقي آسيا. وقد شهدت دبي نمواً بنسبة 55 في المائة في أعداد السائحين القادمين من الصين، عقب تخفيف قواعد استخراج التأشيرات في نهاية عام 2016.

شهد معرض «سيتي سكيب» للمرة الأولى في تاريخه السماح بعمليات «البيع المباشر» مما أتاح للمشترين فرصة المقارنة بين عروض العقارات («الشرق الأوسط»)


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».