متحف الحرب الإمبراطورية في لندن مكان للتأمل في حقائق النزاعات المسلحة ونتائجها

معلم ومعلومة

متحف الحرب الإمبراطورية من أهم متاحف لندن التي توثق تاريخ الحروب
متحف الحرب الإمبراطورية من أهم متاحف لندن التي توثق تاريخ الحروب
TT

متحف الحرب الإمبراطورية في لندن مكان للتأمل في حقائق النزاعات المسلحة ونتائجها

متحف الحرب الإمبراطورية من أهم متاحف لندن التي توثق تاريخ الحروب
متحف الحرب الإمبراطورية من أهم متاحف لندن التي توثق تاريخ الحروب

كان للحربين العالميتين الأولى والثانية أكبر الأثر وأبلغه على الثقافة والهوية الوطنية في المملكة المتحدة. وليس من المستغرب بعد ذلك أن يُقام متحف في العاصمة لندن لتسجيل ذلك إثر هاتين الحربين وأن يتحول إلى مستودع للقطع العسكرية الكبيرة التي استخدمت في تلك الحروب وغيرها من الصراعات الأخرى التي شهدها القرن العشرون. ويقع متحف الحرب الإمبراطورية على مسافة ميل من محطة واترلو في جنوب لندن. وزيارة المتحف مجانية للجميع طوال أيام الأسبوع، وهو قريب من محطات لامبيث نورث وإليفانت وكاسل لمترو أنفاق العاصمة.
وأول ما يقابل زائر المتحف في الخارج هناك مدفعان كبيران عيار 15 بوصة لإحدى البوارج البريطانية من مخلفات الحرب العالمية الثانية. ويدعو حجمهما الهائل زائر المتحف إلى تقدير القوة الرهيبة لهذه السفن الحربية القديمة. وعند دخول القاعة الرئيسية ترى عرضا مثيرا للمعدات العسكرية المختلفة في صورة الدبابات، والمدافع، والطائرات العسكرية، كمثل الهياكل التي يحلم الصبيان بوجودها في غرف نومهم إن أردنا القول. ومع المضي قدما بين قاعات المتحف يرى الزائر مختلف المعروضات التي تعكس الخبرات الشخصية لأولئك الذين شاركوا في العمليات الحربية منذ الحرب العالمية الأولى.
كانت هذه هي الخسارة غير المسبوقة في الأرواح إبان الحرب العالمية الأولى، وولدت فكرة إنشاء متحف لتخليد ذكرى تضحيات قوات الأمة البريطانية في عام 1917، العام السابق على نهاية الحرب الكبرى الأولى. ولقد افتتح المعرض للمرة الأولى في قصر الكريستال بجنوب العاصمة لندن في يونيو (حزيران) من عام 1920، ثم انتقل المتحف إلى موقع آخر في ساوث كينغستون بالقرب من المتاحف البريطانية الكبيرة في عام 1924. وكانت مساحة المتحف الثاني محدودة نوعا ما ومن ثم كانت الحاجة إلى الانتقال إلى مكان جديد في عام 1936 في الموقع الحالي في جنوب لندن.
وكان المفهوم المبدئي وراء المتحف يدور حول أن القطع والمعروضات ينبغي أن تكون كاملة حيث إن كل من شارك في الحرب، مهما كان غامضا، سوف يجد مثالا أو توضيحا للتضحية التي قام بها، وإن المتحف لا ينبغي أن يكون نصبا تذكاريا للمجد العسكري، ولكنه سجل مفتوح للتضحية والفداء. ولم يوافق الجميع على فكرة إنشاء المتحف، وقال أحد النواب الليبراليين إنه سوف يرفض التصويت بالموافقة على منح فلس واحد من المال العام لإحياء ذكرى الجنون الانتحاري للحضارة كما ظهر في الحرب الأخيرة.
وينقسم المتحف من الداخل إلى عدة معارض مصغرة تغطي الحروب على مدى القرن العشرين. ومن بين المعروضات المهمة في المتحف:
مثال للصاروخ الألماني طراز (في - 1). ولقد أطلقت عدة آلاف من هذه الصواريخ منخفضة الارتفاع على العاصمة لندن في الفترة بين عامي 1944 - 1945. وكانت تطير على ارتفاع منخفض ويمكن سماع الصوت المميز لمحركاتها مقدما مما مكن للمدنيين اللجوء إلى المخابئ للاحتماء منها.
مثال على القنبلة الصاروخية الألمانية (في - 2). وكانت هذه الأسلحة هي النسخة المبدئية الحديثة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وتم تطوير الصاروخ (في - 2) في مراحل لاحقة من الحرب العالمية الثانية، وتم إطلاق أكثر من 1400 صاروخ، منها من ألمانيا أو من أجزاء أخرى من أوروبا المحتلة نازيا، وكانت موجهة نحو العاصمة لندن. وكانت تحمل كميات كبيرة من المتفجرات بأكثر من الصاروخ (في - 1). وكان وقعها شديدا على معنويات المدنيين حيث لم يكن هناك إنذار مبكر باقترابها، وكان أثرها مدمرا وكبيرا، ولم تكن هناك وسائل دفاعية متصورة للحماية منها.
طائرة سبتفاير المقاتلة التي شاركت في معركة بريطانيا عام 1940 (وكانت في صيف عام 1940 عندما حاولت القوات الجوية الألمانية النازية وفشلت في تدمير القوات الجوية البريطانية).
وبما أننا على مسافة زمنية تبلغ مائة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى، فهناك في الوقت الراهن مساحة كبيرة من المعرض مخصصة لهذه الحرب. ويبدأ المعرض بشرح أصول وأسباب نشوب الحرب العالمية الأولى، ثم تغطية كيفية شن الحرب سواء على البر أو البحر أو الجو. وهناك تركيز خاص على حروب الخنادق التي وقعت في فرنسا وبلجيكا، حيث خاضت الجيوش المتحاربة القتال ضد بعضها عبر الخنادق المحفورة في الأرض. وكانت ظروف الجنود عصيبة وقاتمة.
وهناك «فروع خارجية» لمتحف الحرب الإمبراطورية في أربعة مواقع أخرى تستحق الزيارة، وهي: غرف الحرب بمجلس الوزراء (وهي مجمع مشيد تحت الأرض)، وفي وايتهول، سفينة جلالة الملكة «بلفاست» (وهي آخر مثال حي على سفن الحرب العالمية الثانية الكبيرة)، وفي داكسفورد (مطار من حقبة الحرب العالمية الثانية مع مجموعة رائعة من الطائرات الحربية)، ومتحف الحرب الإمبراطورية الشمالي في مانشستر.
والمعرض مفتوح للزائرين طوال أيام الأسبوع من الساعة العشرة صباحا وحتى الساعة السادسة مساء مع الدخول المجاني. وهناك مساحة محدودة لوقوف السيارات في الشوارع القريبة من المتحف، وهي تعمل بنظام عدادات انتظار السيارات، ومن الأفضل الذهاب إلى المتحف بوسائل النقل العامة. ولمزيد من التفاصيل يرجى زيارة الموقع التالي: (https:--www.imw.org.uk-visits-imw - london).


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».