«ملف اللاجئين» محور المواجهة المقبلة بين «القوات» و«الوطني الحر»

الطرفان يعتبران المصلحة الانتخابية في عدم تحالفهما

ميشال عون وسمير جعجع عند إعلان اتفاق معراب شهر يناير 2016 («القوات اللبنانية»)
ميشال عون وسمير جعجع عند إعلان اتفاق معراب شهر يناير 2016 («القوات اللبنانية»)
TT

«ملف اللاجئين» محور المواجهة المقبلة بين «القوات» و«الوطني الحر»

ميشال عون وسمير جعجع عند إعلان اتفاق معراب شهر يناير 2016 («القوات اللبنانية»)
ميشال عون وسمير جعجع عند إعلان اتفاق معراب شهر يناير 2016 («القوات اللبنانية»)

يواجه تحالف «حزب القوات» و«التيار الوطني الحر» المعروف بـ«اتفاق معراب»، المرحلة الأصعب منذ التوقيع عليه في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2016، بعد تراكم التباينات، وأبرزها اليوم تلك المتعلقة بالخلاف حول مقاربة موضوع اللاجئين السوريين، واعتبار «القوات» أن «التيار» خرج عن مضمون التفاهم.
وما يحاول مسؤولو الطرفين إخفاءه، وعدم إظهاره إلى العلن، تكشفه «المواجهات» بين المناصرين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وصلت إلى حد «نبش قبور الحرب»، بعدما كان هذا الموضوع شبه محظور، وهي التي كانت قد بدأت بتغريدة للنائب في «الوطني الحر» زياد أسود، منتقداً ما اعتبره مبالغة باحتفال «القوات» في الفوز بانتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية.
وفي حين يضع رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، كلام «أسود» في إطار «القصة الداخلية»، لأن الأخير يطلق مواقفه بعد الاستغناء عن خدماته العونية، وإزاحته عن الملف الانتخابي؛ لا ينفي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة بين الطرفين تمر بمرحلة من التوتر السياسي، ومن التباينات بملفات عدة». أكثر من ذلك، هو يعتبر أن التيار الوطني الحر خرج عن مضمون التفاهم مع معراب. ثم يستدرك بالقول: «هناك حرص مشترك على أن لا تعود العلاقة إلى ما قبل المصالحة، أي إلى ما قبل تفاهم معراب. العودة إلى القطيعة بين الطرفين غير ممكنة، والعودة إلى ما قبل المصالحة و(اتفاق معراب) غير ممكن».
من جهته يرفض عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون الحديث عن تقدم للخلاف على حساب «اتفاق معراب»، بل يصف المرحلة بأنها «نوع من الاختبار للعلاقة بين الحزبين»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك توقعات كبيرة من الاتفاق، لكنني شخصياً لا أرى أمراً صادماً فيما يحصل اليوم. هناك تباينات على الملفات. نحن وحزب الله نتباين أيضاً في بعض الملفات. التباينات لا تعني إعادة النظر بكل العلاقة»، واضعاً الكُرة في ملعب الذين توقعوا أن الاتفاق سيكون «سمنة على عسل»، وهو ليس على هذه الحال أبداً.
وفي هذا الإطار، يرى الصحافي مروان المتني العلاقة بين الحزبين المسيحيين، هي اليوم في أدق مراحلها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «كل الملفات تشير إلى الخلاف، منها الكهرباء وإدارة تلفزيون لبنان والبطاقة البيومترية وقطع الحساب والتعيينات القضائية، حيث تعتبر (القوات) نفسها مغبونة نوعاً ما، فيما يعتبر (التيار) أن (القوات) حصلت على حصة وازنة في الحكومة».
واعتبر المتني أن هذا التفاهم لم يدخل إلى تفاصيل عملية تسهّل عملية مشاركة الحكم بين «القوات» و«التيار»، واقتصر الموضوع على كلمة «شراكة تامة»، من دون أي صيغة تنفيذية، لذلك عند كل استحقاق داخلي تحصل الخلافات.
ويتطابق كلام المتني مع جبور الذي يقول إن الطرفين في مرحلة «تنظيم الخلاف، والتفاهم لا يعني التطابق إطلاقاً»، مضيفاً: «نتقاطع في مكان ونختلف في مكان، أي أن العلاقة عالقِطعة».
ويتابع جبور الذي يشدد على أن العلاقة ستبقى «تحت سقف التفاهم»، قائلاً: «أي ملف نحن ضده لا نساير أحداً فيه على حساب قناعاتنا ومقارباتنا للشأن العام. نريد تكريس مبدأ التعامل وفق الآليات الدستورية من خلال مؤسسات الرقابة».
ومع اشتعال العلاقة حيناً بين الطرفين وهدوئها حيناً آخر، يبدو أن المواجهة المقبلة ستكون على ملف اللاجئين، بعدما فتح رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل باب العلاقة مع النظام السوري من أروقة القرار في نيويورك والتقى «المعلم»، في حين تتجه «القوات» إلى الرد عبر طرح مشروع متكامل لهذا الملف في جلسة مجلس الوزراء اليوم (الاثنين).
وهنا، يرى جبور أن هذا اللقاء «نقطة سلبية جداً، خصوصاً أنه أتى بطلب من الوزير باسيل وليس من المعلم»، مشيراً إلى أن «الجلوس مع نظام يعتبره معظم الشعب اللبناني، عدواً، هو أكبر استفزاز»، رافضاً «تحدي العرب والشرعية العربية».
وتابع جبور: «التنسيق الإداري التقني موجود من 5 سنوات بين البلدين، خصوصاً عند الحدود، ولكن القفز من التقني إلى التنسيق السياسي لا نقبل به إطلاقاً».
وفي هذا الموضوع، سيتقدم وزراء «القوات» بمشروع لإعادة اللاجئين إلى سوريا، يقتضي بخطوة أولى تعيد 25 في المائة منهم من الموالين للنظام، فوراً، إلى بلادهم من دون أي تنسيق، وإعادة الـ75 في المائة الباقين من المعارضين بطريقة أخرى، وهي إما عبر تركيا إلى شمال سوريا، أو عبر الأردن إلى جنوبها، وذلك برعاية الأمم المتحدة.
أما النائب ألان عون فيقول: «لدى (القوات) وجهة نظر مختلفة في موضوع النازحين. أما نحن فمع أي خطوة تعيد النازحين، لأنها تمثل مصلحة لبنان. إذا كان هذا الأمر (التنسيق مع النظام) يفيد فلا مانع لدينا من السير به».
وفي كل الأحوال، إن استقالة وزراء «القوات» مستبعدة «إلا في حال ذهب رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مشروع التطبيع مع النظام، وحينها طبعا لن نبقى فيها»، يقول جبور.
أمام هذا التأرجح في العلاقة، لا يبدو أن التحالف سينسحب على الانتخابات النيابية، وهو ما يشير إليه الطرفان. إذ ورغم تأكيد النائب عون على عدم وجود «عقبة سياسية أمام التحالف مع القوات»، لا ينفي أن «التحالف في الانتخابات محكوم بالحسابات وليس بالتحالفات السياسية»، حاسماً بالقول: «كلٌّ لديه حساباته سيأخذها بعين الاعتبار». ومن جهته، يعتبر جبور أن «المصلحة الانتخابية هي أن لا نكون متحالفين»، مضيفاً أن «التحالف ليس ضرورة في الانتخابات، وهو لن يكون معياراً للعلاقة، خصوصاً أن كل طرف سيسعى لأن يحصل على كتلة سياسية وازنة وكبيرة من أجل المصلحة العامة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.