معركة انتخابات اليونيسكو تنطلق اليوم وتحديات كبرى تنتظر المدير الجديد

التنافس الصيني ـ الفرنسي ربما أفضى إلى «مرشح تسوية» والمرشحون العرب الثلاثة ماضون حتى النهاية

مشهد عام لمقر اليونيسكو في باريس (رويترز)
مشهد عام لمقر اليونيسكو في باريس (رويترز)
TT

معركة انتخابات اليونيسكو تنطلق اليوم وتحديات كبرى تنتظر المدير الجديد

مشهد عام لمقر اليونيسكو في باريس (رويترز)
مشهد عام لمقر اليونيسكو في باريس (رويترز)

تجرى بعد ظهر اليوم في باريس الجولة الأولى من انتخابات المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو» وسط تنافس حاد بين المرشحين السبعة «بعد انسحاب المرشح العراقي صالح الحسناوي وقبله مرشح غواتيمالا». وحتى قبل ساعات من بدء التصويت، ما زالت الصورة غامضة وسط سيل من المعلومات والتسريبات التي غالباً ما يكون غرضها التأثير على أعضاء المجلس التنفيذي الـ58 المناطة بهم مهمة انتخاب المدير «أو المديرة» الجديد الذي سيخلف البلغارية إيرينا بوكوفا في المبنى الزجاجي القائم في أحد أجمل الأحياء الباريسية.
وتحل هذه الانتخابات «المفصلية»، وفق توصيف مسؤول كبير في المنظمة الدولية تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، وسط أزمة رباعية الأوجه: ذلك أن اليونيسكو تواجه أزمة مالية عقب توقف الولايات المتحدة عن تسديد حصتها للمنظمة الدولية «20 في المائة من ميزانيتها» بعد قبول فلسطين عضواً فيها. وتترافق هذه الأزمة مع أزمة سياسية حيث الانقسامات بالنسبة إلى مسائل ملتهبة مثل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والمسائل المتصلة به مثل الاستيطان والقدس والمواقع الأثرية تشل عمل اليونيسكو. أما الوجه الثالث للأزمة فيتناول هوية المنظمة الدولية ومهماتها المتشعبة ومدى فاعليتها وتأثيرها في بث ثقافة السلام والتعايش وفي تحديد الأولويات في زمن الشح المالي. وأخيراً تعاني اليونيسكو من أزمة إدارية أبرزتها مجموعة من التقارير التي وضعت الإصبع ليس فقط على علة البيروقراطية بل أيضاً على تعيينات لا حاجة لها أو غرضها إسداء خدمات... وساهم في ذلك سعي المديرة المنتهية ولايتها إلى احتلال منصب الأمين العام للأمم المتحدة وما استتبع ذلك من خدمات ومصاريف وخلافها. وباختصار، فإن المناخ العام المخيم على اليونيسكو يختلف كثيراً عن صورتها الخارجية وعن مهماتها النبيلة.
بيد أن هذه الصعوبات التي تنتظر المدير العام منذ اليوم الأول لتثبيته في منصبه في الجمعية العامة لا تثبط عزم الطامحين وبينهم ثلاثة مرشحين عرب «اللبنانية فيرا خوري لاكوي والمصرية مشيرة خطاب والقطري حمد بن عبد العزيز الكواري». ويقابلهم مرشحان من الوزن الثقيل هما الصيني كيان تانغ والفرنسية أودري أزولاي. والأخيران يمثلان عضوين دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي وبالتالي فإن صورة ونفوذ كل منهما على المستوى العالمي في الميزان. ولذا، فإنه يصعب على أي منهما أن يخسر معركة بهذا الحجم. والجدير بالذكر أن الصين لم تشغل أبداً منصب مدير عام هذه المنظمة الدولية وهو ليس حال فرنسا. وبعكس الاعتقاد السائد، فإن انتخابات اليونيسكو سياسية بالدرجة الأولى وبالتالي فإنها تخضع لحسابات المصالح. والنتيجة المباشرة لهذا الوضع أن برامج المرشحين الطموحة التي عرضت على المجلس التنفيذي المكون من 60 عضوا قبل العطلة الصيفية ليس لها كبير وزن في قرار الاقتراع لهذا المرشح أو ذاك.
مرة جديدة، يذهب العرب إلى هذه الانتخابات متنافسين مشتتي الأصوات. وكان هذا الوضع أحد الحجج التي استندت إليها باريس لكي يرشح الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند مستشارته وزيرة الثقافة السابقة وهو ما يخالف الأعراف التي تقول إن البلد المضيف يمتنع عن تقديم مرشحين لمنظمة دولية مقيمة على أراضيه. لكن باريس لا تقيم وزنا لهذه الحجة لا بل إنها تركز على «مهمتها الثقافية عبر العالم» وعلى شخصية مرشحتها. وبطبيعة الحال، فإن باريس تعتمد على حضورها السياسي في العالم وعلى قدرتها على التأثير على الكثير من أعضاء المجلس التنفيذي. وأول هؤلاء الأفارقة المنقسمون على أنفسهم: فمن جهة هناك أفريقيا الفرنكوفونية التي تقابلها مجموعة أفريقيا غير الفرنكوفونية وعلى رأسها جنوب أفريقيا ونيجيريا. ويشكل الأفارقة قوة وازنة من 13 صوتاً تتبعها الكتلة الآسيوية «12 صوتاً» فأميركا اللاتينية «10 أصوات» تليها الكتلة الغربية «9 أصوات بينها الولايات المتحدة الأميركية». أما روسيا فتنتمي إلى المجموعة رقم 2 وهي تضم بلدان شرق أوروبا «7 أصوات». وتجد فرنسا في مواجهتها «الأفريقية» الصين الضالعة في مشاريع اقتصادية واسعة واستثمارات ضخمة في القارة السوداء وعلى حضور سياسي متنام. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ تؤكد أوساط المرشحة المصرية الوزيرة السابقة مشيرة خطاب أنها تحظى بدعم الاتحاد الأفريقي وأنها مرشحة أفريقيا ودول حوض المتوسط فضلاً عن العرب.
حقيقة الأمر أن مرشحين أو ثلاثة يراهنون على «المصادمة» الفرنسية - الصينية وعلى اعتبار أن فرص فوزهم تكمن في حاجة «الكبيرين» إلى التفاهم في نهاية المطاف على «مرشح تسوية». وهذا الأمر يصح على المرشحة اللبنانية فيرا الخوري لاكوي التي تتمتع بخبرة عميقة في شؤون المنظمة الدولية بالنظر للوقت الطويل الذي أمضته فيها. وخلال الأشهر الأخيرة، زارت 43 بلداً وقادت حملة قوية وساعدتها في ذلك البعثة اللبنانية لدى اليونيسكو. ويرأس المندوب اللبناني خليل كرم المجموعة العربية في المجلس التنفيذي. وتؤكد مصادر دبلوماسية في باريس أن واشنطن «ليست راغبة بفوز المرشحة الفرنسية أو المرشح الصيني» وأنها تعمل على تعطيل ترشيحهما والبحث عن مرشح بديل. غير أن لواشنطن التي يريد الجميع عودة مساهمتها المالية إلى ميزانية اليونيسكو، «سلسلة مطالب» وعنوانها العريض «وقف تسييس اليونيسكو» وترشيق عديد موظفيها وحوكمة مختلفة وأن تعود إدارتها إلى شخصية «قوية» قادرة على إجراء الإصلاحات الضرورية. إلا أن النقطة المركزية تكمن في المطالب السياسية. وخلال السنوات الماضية، سعت بوكوفا إلى توفير الأرضية لعودة الدولارات الأميركية لكن مساعيها لم تكلل بالنجاح.
ويجمع العارفون بشؤون اليونيسكو، استناداً إلى التجارب السابقة، على أن عملية الاقتراع الأولى «من أصل خمس عمليات كحد أقصى» «ليست حاسمة» وليس من المقدر لها أن تفضي إلى انتخاب المدير الجديد. وجل ما تأتي به هو مؤشرات على توزع الأصوات وترتيب أولي للمرشحين. أما العامل الحاسم فهو انسحاب الأقل حظاً. والحال بالنسبة للمرشحين العرب ولأسباب سياسية بالدرجة الأولى، أن أيا من المرشحين الثلاثة غير عازم على الانسحاب. ولذا، فمن المرجح ألا يخرج اسم المدير «أو المديرة» الجديد قبل الدورة الخامسة التي ستجرى يوم الجمعة القادم. وفي أي حال، فإن الأمور «الجدية» ستبدأ بعد الدورة الثالثة التي ستحصل يوم الأربعاء. وبحسب القانون الداخلي، فإن المرشحين اللذين يحتلان المرتبتين الأولى والثاني في الدورة الرابعة هما الوحيدان المؤهلان للتنافس في الجولة الخامسة.
هكذا تنطلق الانتخابات اليوم في ظل ضبابية كثيفة ووسط أخبار لا يمكن التأكد من صحتها. المعركة حامية وتتطلب أعصاباً قوية وأوراقاً رابحة مثل القدرة الاقتصادية والمالية أو التأثير السياسي والاقتصادي. لكن يبقى في الميزان العامل الشخصي الذي لا يستهان أبداً بتأثيره.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.