معرض «أنوغا» الدولي للأغذية في ألمانيا

المحاصيل العضوية من مجرد «نزعة» إلى «تيار سائد»

من معرض «أنوغا» الدولي للأغذية ({الشرق الأوسط})
من معرض «أنوغا» الدولي للأغذية ({الشرق الأوسط})
TT

معرض «أنوغا» الدولي للأغذية في ألمانيا

من معرض «أنوغا» الدولي للأغذية ({الشرق الأوسط})
من معرض «أنوغا» الدولي للأغذية ({الشرق الأوسط})

حقق قطاع المنتجات الغذائية العضوية (الـ«بيو») في ألمانيا فقط مداخيل ارتفعت إلى 6 مليارات يورو في سنة 2016، ولهذا فقد تحولت هذه المحاصيل العضوية من مجرد «نزعة» في معارض الأغذية الدولية السابقة «أنوغا»، إلى تيار سائد في عالم الأغذية، حسب تصريح روبرت كيكيس من معهد أبحاث السوق الألماني.
وليس «التيار السائد» نحو المنتجات العضوية هو النزعة الأساسية الوحيدة في المعرض الدولي للأغذية «أنوغا» في كولون 7 - 11 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فهناك الكثير من المعروضات العضوية والكثير من المنتجات «الخالية من...» والكثير الكثير من الصويا والمنتجات المشحونة بالبروتين.
ومن جديد سجل معرض «أنوغا»، وهو الأكبر من نوعه في العالم، رقماً جديداً في عدد المشاركين وفي عدد الزوار. وأعلنت إدارة المعرض عن مشاركة 74 ألف عارض من 107 دول في معرض هذا العام يعرضون منتجاتهم على 284 ألف متر مربع من قاعات المعرض. وحضور المعرض مقصور، كما هي الحال دائماً، على المتخصصين، وتتوقع إدارة المعرض أن يرتفع عددهم هذا العام إلى 16 ألف زائر يضاف إليهم عدة آلاف من الصحافيين من مختلف أرجاء العالم.
وشارك 580 عارضاً في أجنحة المشروبات والمرطبات و900 عارض في الأجنحة التي تقدم اللحوم ومنتجاتها بكل أنواعها. وتسري هنا عبارة «سريع ولذيذ»، سواء على وجبات اللحوم المختلفة، أو على عصير البطيخ بالنعنع وعصير بذور الشيا.
في هذه الأثناء، واصلت منتجات الصويا زحفها على أجنحة المعرض الذي بدأته قبل أكثر من 15 سنة. وما عادت أية شركة كبيرة تستغني عن شرائح اللحم ولحم الدجاج وغيره المصنوع من الصويا.
ومع شيوع ستوديوهات اللياقة البدنية، وانتشار الوعي الغذائي الصحي، والنزوع نحو الرشاقة، اشتد نزوع البشر إلى «الأغذية الموزونة» و«الطازجة»، حسب تصريح كريستوف مينهوف من اتحاد صناعة الأغذية الألماني. ويعبر مصطلح «الأغذية الموزونة» عن الأغذية المبرمجة والموزونة من ناحية محتوياتها من الدهون والسكريات والبروتين والمواد الأولية. ويصب هذا الميل في نزعة «التغذية المبرمجة» التي ينتهجها البشر هذه الأيام.
إلى ذلك، يكشف معرض هذا العام عن أنّ تغذية البشر صارت تتعلق بأعمالهم ومدى «ارتباطهم» بالشبكات الإلكترونية ومدى حداثتهم في استخدام الأنظمة الإلكترونية الحديثة. ولهذا، ولأول مرة في «أنوغا» ظهرت تعابير جديدة مثل «الأكل الإلكتروني» و«الأكل الجاهز للأكل». وحل«الأكل تو غو to go» محل«القهوة تو غو» (على الماشي).
ولأن البشر يعانون من أمراض مختلفة، مثل السكري وباركنسون وأمراض القلب...، صارت صناعة الأغذية تقدم لهم ما لا يضر صحتهم. وبعد شيوع الأغذية الخالية من السكر في المعارض الماضية، تشيع اليوم المنتجات «الخالية من» الغلوتين، والخالية من الكولسترول والخالية من اللاكتوز.
ومن الطبيعي أن تسود في معرض هذا العام ظاهرة الأكل النباتي (الفيغاني)، لأن الهند هي ضيفة «أنوغا 2017». ويقال إن في الهند 500 مليون نباتي لا يضاهيهم أحد في ابتكار طرق التغذية النباتية.
وتشارك الهند هذا العام بـ111 عارضاً وترفع شعار «العالم مطبخي» الذي تفوح منه روائح الوجبات المتبلة والبهارات من بعيد. إلا أن الهند تنوي التراجع عن بهاراتها التقليدية المعلبة التي تصدرها إلى العالم، وتتحول إلى تقديم الوجبات الكاملة المتبلة بهذه البهارات. وهذا ما عرضته في معرض هذا العام. علماً أنّ من يزور الأجنحة البريطانية سيعتقد بأنّه يتجول في أحد أجنحة الهند بسبب كثرة العارضين من ذوي الملامح الهندية والباكستانية فيها.
وعبرت الهند أيضاً عن أحد أهم نزعات المعرض، هي عرض المنتجات الغذائية التي يتم إنتاجها من المواد الطبيعية الجديدة مثل بذور الشيا ودقيق البلوط والكوينا وغيرها. وهي منتجات تندرج تحت اسم «سوبر مودرن فوود».
ويفتخر المسؤولون عن جناح الهند في المعرض بأنّ ما يعرضونه يندرج بنسبة 10 في المائة ضمن منتجات «العلامة النظيفة»، وبنسبة 14 في المائة ضمن منتجات «دون مواد حافظة إضافية»، وبنسبة 11 في المائة ضمن المنتجات العضوية. وكانت إدارة المعرض قد اعتبرت «الشفافية» في التغذية من أهم توجهاتها في إطار «العلامة النظيفة» (كلين ليبل).
وصلت العولمة إلى مائدة الطعام، كما يقال، منذ عقود، لكن العولمة الغذائية في كولون تجسدت أيضاً خلال لحم التماسيح القادم من أسفل القارة الأفريقية، ومن قائمة الوجبات المستحدثة التي تمتد بين المشروبات الغازية «الفرعونية» التي قدمتها النمسا، وزيت الأنكا الذي قدمته فرنسا، والكبة الحلبية بالبطاطا من سويسرا، والشاي بالحليب من تركيا. وعلى أية حال فهذه ليست سوى نماذج من أكثر من 3200 منتج مبتكر حديثا قدمته الشرطات في المعرض.
من أهم محاذير التحول إلى حمية الكربوهيدرات، هي الإكثار من الأغذية البروتينية والوقوع في حبائل النقرس. مع ذلك كانت الأغذية المشحونة بالبروتين إحدى النزعات المهمة في معرض الأغذية الدولي. وعرضت الشركات شرائح اللحم الطبيعي، وشرائح الصويا، الغنية بالبروتين، وامتدت النزعة لتشمل المكسرات الغنية بالبروتينات النباتية، بل والبوظة الغنية بالبروتينات. وفضلاً عن الأغذية التقليدية تتفنن الشركات كل سنة في طرح الغريب من المنتجات الجاهزة للأكل. فهناك شطائر الشمندر الأحمر الجاهزة للتحميص في شواية الخبز، وشرائح البطاطا بالنعناع والواسابي، ومسحوق بذور القرع بالكركم، ومعجنات من طحين البلوط، إضافة إلى الجزر بمختلف الألوان.
وكما هو متوقع احتلت «السموثيز» مكانة متقدمة في عروض المرطبات وعصائر الفواكه. وطبيعي لم تستثن هذا السموثيز الخلطات العجيبة بين الخضراوات والفواكه والمنتجات الحيوانية المختلفة.
وعلى الرغم من نزعة الأغذية العضوية والفيغان لا تزال منتجات الأغذية المجمدة والجاهزة تستقطب الملايين. وذكرت مصادر اتحاد صناعة الأغذية الألمانية أنّ قطاع الأغذية المجمدة حقق نمواً قدره 2.5 في المائة سنة 2016 عن سنة 2015. وصدر القطاع الألماني إلى السوق في السنة الماضية 3.6 مليون أطنان من الأغذية المجمدة، وهو ما حقق لها مداخيل ترتفع إلى 13.8 مليار يورو. واستهلك الفرد الألماني في سنة واحدة نحو 45.5 كغم من الأغذية المجمدة.
ونظرا للأهمية الفائقة التي تسبغها المجتمعات المتقدمة على موضوع التغذية الصحية والرشاقة واللياقة فقد كانت هذه الموضوعات من أهم نزعات قطاع التغذية عام 2017.
وعلى هذا الأساس قدمت شركة «روهن شبرودل» الألمانية لأول مرة في المعرض أغذية تحتوي على «الفايتوستيراين». وهي مواد نباتية تشبه الكولسترول الحيواني في عملها وتتحد مع الدهون الخطرة وتحيدها.
كما عرضت لأول مرة مواد غذائية تحتوي على مادة الأنولين، وهو سكر غير ذائب، يعمل مثل الأحماض الدهنية ويعوض عنها، كما أنّه يحفز نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء وملائم جداً لصناعة البوظة والحلويات.
وعرضت شركة روهن شبرودل مياه معدنية اسمها «بينيكول» في زجاجات من سعة 0.33 لتر سعر الواحدة، وذكرت أنّ تأثيرها الخافض للكوليسترين يظهر بعد أسبوعين، ولا تحتوي على أدوية. وتحتوي المياه على مادة «ستانول» المستخلصة من مزيج من عصير الفواكه والقادرة على خفض الكوليسترين في الدم بنسبة 10 في المائة.
ومسلسل الأغذية الجديدة المبتكرة لا يتوقف عند هذا الحد. فهناك بروتين جوز الهند من شركة «سمارت أورغانيك»، وشوربة القرع بالكاري من شركة «ليرو فود»، وشوكولا فيغان بالكامل باللوز وطحين الأرز من شركة «فرانكونيا»، تشبس جوز الهند بالكاراميل من شركة «سمارت أورغانيك».
وكانت نسبة الشركات غير الألمانية المشاركة تشكل 87 في المائة من المجموع، وغطت المنتجات وكانت إسبانيا ثاني أكبر المشاركين في المعرض بفعل مشاركة 467 شركة غطت نتاجاته مختلف فروع المعرض. علماً أنّ معرض «أنوغا» يعقد كل عامين في كولون منذ عام 1924، بعد أن عرض مرة واحدة افتتاحية في شتوتغارت عام 1919.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.