موسكو تنتقد قاعدة التنف... والتحالف يقصف رتلاً موالياً للنظام

وزارة الدفاع الروسية وصفت القاعدة الأميركية بـ«الثقب الأسود»

القاعدة الأميركية في منطقة التنف
القاعدة الأميركية في منطقة التنف
TT

موسكو تنتقد قاعدة التنف... والتحالف يقصف رتلاً موالياً للنظام

القاعدة الأميركية في منطقة التنف
القاعدة الأميركية في منطقة التنف

وصفت وزارة الدفاع الروسية القاعدة الأميركية في منطقة التنف على الحدود السورية –الأردنية بـ«ثقب أسود» يتسلل عبره الإرهابيون، واتهمت القوات الأميركية في القاعدة باستغلال اللاجئين في معسكر «الركبان» على الحدود السورية - الأردنية «درعا بشرية». واعتبرت أن الوجود الأميركي هناك «مشكلة تتزايد».
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مفاوضات جنيف «ما زالت معطلة» وحمل المعارضة المسؤولية عن ذلك، وأشاد بدور المملكة السعودية ومصر في التسوية السورية.
وكان إيغر كوناشينكوف الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسي قال في بيان أمس: «كلما تقدمت القوات الحكومية السورية بدعم من القوات الجوية الروسية نحو الشرق محطمة (داعش) في دير الزور، يصبح الوجود الأميركي في الخطوط الخلفية، في قاعدة التنف مشكلة متزايد». وأشار إلى أن الولايات المتحدة بررت نشر قواتها في تلك المنطقة بضرورة تنفيذ عملية عسكرية ضد «داعش»، واتهم تلك القوات بأنها لم تنفذ أي عملية ضد «داعش» منذ نصف عام على تأسيس القاعدة في التنف. ووصف كوناشينكوف فقاعدة التنف التي تقول الولايات المتحدة إنها تعمل فيها على تدريب «جيش سوريا الجديد» بأنها تحولت إلى «ثقب أسود» طوله 100 كلم على الحدود السورية – الأردنية، «تشن عبره مجموعات من داعش هجمات ضد قوات النظام السوري والمدنيين». وأشار إلى مشكلة أخرى نتيجة الوجود الأميركي في المنطقة. وقال إن معسكر الركبان للاجئين موجود في الصحراء بالقرب من «المنطقة الأمنية» حول قاعدة التنف، لافتاً إلى وجود نحو 60 ألف لاجئ في ذلك المعسكر بينهم نساء وأطفال من دير الزور والرقة، واتهم الأميركيين بأنهم يمنعون وصول المساعدين إلى المعسكر إن كانت تلك التي يرسلها النظام السوري أو الأردن، أو الأمم المتحدة على حد زعمه.
ويرى المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع أن مثل هذه الممارسات تعني من حيث المبدأ أن «اللاجئين تحولوا إلى رهائن لدى الأميركيين، أو (درع حية)، إن جاز التعبير». وختم إن «أحدا في سوريا لا يستخدم مثل تلك الدروع البشرية باستثناء أولئك الذين أتى الأميركيون إلى سوريا لقتالهم»، ويقصد «داعش». وفي ردها على تعليق كتبه الصحافي الأميركي مايكل بوم، وقال فيه إن قوات التحالف الدولي حررت 90 في المائة من الأراضي السورية من «داعش»، قالت الوزارة إن الإرهابيين يسيطرون حاليا على أقل من 10 في المائة من الأراضي السورية، وأكد كوناشينكوف عدم وجود أي مساهمة أميركية فعلية في استعادة السيطرة على 90 في المائة من الأراضي السورية. وفي تطور لافت، يتوقع أن يزيد من حدة التوتر بين القوات الأميركية والروسية في سوريا، قامت مقاتلات تابعة للتحالف الدولي بقصف رتل عسكري تابع لقوات النظام وحلفائه في منطقة التنف جنوب سوريا. وقالت مصادر من المعارضة السورية إن طائرات التحالف استهدفت رتلا يضم أربع دبابات وخمس عربات مدرعة، وثماني سيارات دفع رباعي مزودة برشاشات في المنطقة، وأكدت أن سبعة من قوات النظام السوري والميليشيات الحليفة لها قتلوا، بينما أصيب أكثر من 16 آخرين بجروح. وأوضحت المصادر أن الرتل تم استهدافه قرب معسكر كبد، 13 كيلومتراً غرب قاعدة التنف العسكرية الأميركية. من جهته، قال «جيش مغاوير الثورة» إن مقاتليه وبإسناد جوي من التحالف الدولي تمكنوا صباح أمس من التصدّي لمحاولة تقدم قوات النظام والميليشيات الموالية لها إلى منطقة التنف في البادية السورية والحدودية مع العراق. وتتهم فصائل في المعارضة السورية والقوات الأميركية في التنف النظام السوري وحلفاءه بمحاولة التقدم نحو قاعدة التنف.
وكانت الولايات المتحدة استهدفت لأول مرة في 18 مايو (أيار) الماضي ميليشيات طائفية تساند النظام السوري، حاولت التقدم نحو القاعدة. وتكرر الموقف في 6 يونيو (حزيران) حين اضطرت القوات الأميركية إلى قصف رتل تابع لميليشيات موالية للنظام قرب معبر التنف مع الأردن. وحملت واشنطن الجانب الروسية المسؤولية عن تلك الحادثة، وقالت إن موسكو لم تتمكن من ثني قوات النظام السوري عن الاقتراب من القاعدة. إلى ذلك شهدت العاصمة الكازاخية أستانة أمس محادثات بين لافروف ونظيره الكازاخي خيرات عبد الرحمانوف، تناولا خلالها التحضيرات للقاء أستانة القادم. وفي كلمة له أمس خلال مشاركته في منتدى خريجي جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، التابعة للخارجية الروسية، عبر وزير الخارجية الكازاخي عن أمله بأن تساعد نتائج لقاءات أستانة في تسوية الأزمة السورية، وكشف أن «الدول الضامنة تنوي خلال أستانة القادم أن تبحث بالتفصيل مدى فعالية عمل مناطق خفض التصعيد. من جانبه أشاد لافروف عقب المحادثات بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في التسوية السورية»، وقال: «تقدم المملكة مساعدة جدية، وتعمل على توحيد مجموعات المعارضة المشتتة». كما أشار إلى الدور الذي لعبته مصر في التوصل لاتفاقات حول منطقتين من مناطق خفض التصعيد. وقال إن عملية أستانة ساهمت في دفع الحوار بين المعارضة والنظام في جنيف، وعاد وحمل المعارضة المسؤولية عن «العطل» في مفاوضات جنيف، وقال إن الجهود التي تبذلها السعودية تستهدف مفاوضات جنيف، التي ما زالت معطلة، بما في ذلك لأن بعض المعارضين يحاولون طرح شروط مسبقة مثل رحيل الأسد.
في شأن آخر، أكد برلمانيون روس إعدام «داعش» للجنديين الروسيين الأسيرين. وكانت وسائل إعلام تناقلت مؤخرا تسجيل فيديو يظهر فيه رجلان يؤكد أحدهما أنهما جنديان روسيان وقعا في الأسر قرب الشولا في دير الزور. إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت وقوع أي من الجنود الروس بالأسر، وقال مواطنون روس إنهم تعرفوا على الرجلين في الفيديو، وأكدوا أنهما من روسيا. وقال الكرملين إنه يتحقق من هوية الجنديين. غير أن البرلماني الروسي فيكتور فودولاتسكي، نائب رئيس لجنة الدوما لشؤون العلاقات مع الدول المستقلة والأورآسيا، أكد في تصريحات لوكالة «ريا نوفوستي» أن «داعش» قام بإعدام الأسيرين رومان زابولوتني، وغريغوري تسوركانو. وأكد البرلماني الروسي أنه شخصيا يعرف زابولوتني، الذي كان يشارك بنشاط في الحركة القوزاقية. وقال والد زابولوتني للوكالة إنه قلق جدا على مصير ابنه، ورفض الكشف عن أي تفاصيل.
وما زالت الجهات الرسمية في موسكو تلتزم الصمت بشأن الأنباء عن إعدام الجنديين، ولم يصدر عن وزارة الدفاع الروسي أي تعليق على تصريحات البرلماني الروسي.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».