يقول جيمس جيفري سفير أميركا السابق لدى تركيا والعراق والباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني سيحمل عواقب، وهو مسار لخيارات كثيرة إذا قررت الإدارة الأميركية المضي قدماً فيه. ويشرح الطريقة التي ستعمل بها الولايات المتحدة في التعامل مع موضوع التصديق المرتقب في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ومستقبل خطة العمل الشاملة (الاتفاق النووي) والخيارات المطروحة.
ووفقاً لبنود الاتفاق، فإنه بحلول 15 أكتوبر سيكون على الرئيس الأميركي أن يجيب عن 4 أسئلة؛ الأول ما إذا كانت إيران تنفذ الاتفاق أم لا، الثاني تقرير أن إيران لم ترتكب خرقاً مادياً، والثالث أن إيران لا تعمل على تحقيق تقدم في برنامجها للأسلحة النووية. والسؤال الرابع هو ما إذا كان تعليق العقوبات الأميركية بعد الاتفاق مناسباً ومتناسباً مع الخطوات التي تتخذها إيران لإنهاء برنامجها للأسلحة النووية وأنه يصب في المصالح الحيوية للولايات المتحدة أم لا.
وإذا وافق الرئيس على ذلك، فإنه يعني إقراره بأن إيران ملتزمة بالاتفاق وأن إيران لا تقوم بخطوات في برنامجها للأسلحة النووية بما في ذلك ما هو خارج حدود اتفاقية العمل المشترك الشاملة، وأن الاستمرار في تعليق العقوبات أمر منطقي ويتناسب مع المصلحة الأميركية، وفي هذه الحالة يتوجب على الولايات المتحدة أن تتعامل مع تصرفات إيران الإقليمية على مسار آخر.
أما في حال رفض الرئيس ترمب التصديق على الاتفاق، من منطلق المبررات التي تقدمها الإدارة على تصرفات إيران المزعزعة للاستقرار، يشير السفير جيفري إلى أنه نظراً لعدم وجود انتهاكات إيرانية لخطة العمل الشاملة، فإن المبرر سيكون أن تعليق العقوبات ضد إيران ليس متوافقاً مع مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة. وقد أشار وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى أن التوقعات الواردة في مقدمة خطة العمل الشاملة المشتركة تقول إن أطراف الاتفاق يتوقعون أن التنفيذ الكامل لبرنامج العمل المشترك سيسهم بشكل إيجابي في تحقيق السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا لم يحدث.
وهذا السؤال الرابع واسع بما يكفي لكي يتخذه الرئيس الأميركي مبرراً لعدم التصديق، وسيتعين على الإدارة شرح أن أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار والقيام بتجارب صواريخ باليستية لم تتغير بأي شكل من الأشكال.
وفي توضيح ماذا سيحدث إذا رفض ترمب التصديق على الاستمرار في الاتفاق، يقول السفير جيمس جيفري: الخيار الأول سيكون عدم المتابعة، أي عدم اتخاذ أي إجراء بعد رفض التصديق، حيث من الصعب إقناع المجتمع الدولي برفض الاتفاق مع عدم وجود أدلة عدم امتثال إيران ووجود صعوبات لإعادة التفاوض أو فرض نظام عقوبات دولية جديدة. وستكون القرارات الأميركية مجرد إدانة أخلاقية لكل العيوب الواردة في الاتفاق وإدانة لسلوك إيران في المنطقة والضغط على مجتمع الأعمال العالمي لعدم الانخراط في أنشطة مع إيران، لكن التحدي هو إذا أعلن الرئيس عدم التصديق على الاتفاق مع إيران من منطلق أنه ليس في صالح الأمن القومي الأميركي، وبالتالي سيكون السؤال ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة أن تتابع وتحمي مصالح الأمن القومي أم لا.
وإذا رفض الرئيس التصديق، فالإمكان متابعة خطوات أخرى، وهنا سيكون على الإدارة الإجابة عن 3 أسئلة؛ أولها ما الخطوة المقبلة إذا قررت المضي قدماً؟ هل سيكون إصلاح الصفقة دون التفاوض أو فرض التفاوض مرة أخرى مع إيران أو مجرد الابتعاد عن الاتفاق؟ والسؤال الثاني سيكون تحديد أي فرع من فروع الحكومة سيأخذ زمام المبادرة؟ والثالث ما الآليات التي يمكن استخدامها؟
ويتساءل جيفري: «هل غرض إدارة ترمب الضغط على إيران أو التفاوض لعقد صفقة جديدة؟ وهنا سترد إيران على عدم الامتثال الأميركي بخطوات لتسريع تخصيب اليورانيوم، كما يمكنها اتهام أميركا بأنها تنتهك الاتفاق، حيث تشير المادتان 29 و33 من خطة العمل الشاملة إلى لغة مبهمة تدعم فيها الولايات المتحدة الاقتصاد الإيراني. كما ستواصل إيران الضغط من خلال الدول الأوروبية، إما للضغط على الولايات المتحدة للعودة للصفقة أو اقتراح نظام نووي جديد».
وافتراض سعي الإدارة الأميركية إلى إبرام صفقة جديدة يطرح صعوبات كبيرة، لأن ذلك يعني قبول النظام الدولي للجزاءات الدولية وقبول التهديدات الأميركية لقطاعاتها المصرفية خارج الحدود الإقليمية في التعاملات الاقتصادية، وخصوصاً في تجارة النفط الإيرانية، بما يؤدي إلى احتمال تعرض سيطرة الدولار في الأسواق العالمية للخطر.
وإذا رفض ترمب التصديق على الاتفاق، فإنه يلقي على الكونغرس مهمة العمل في غضون 60 يوماً للنظر في أمر إعادة العقوبات، ولا يحتاج الرئيس إلى تشريع جديد، وتوجد بالفعل عقوبات مختلفة ضد إيران تم رفعها بموجب الاتفاق، ويمكن أن يعاد العمل بها. المعضلة أن الإدارة ستواجه إما عدم اتخاذ قرار من قبل الكونغرس المنقسم أو ستواجه رفضاً من الكونغرس بحزبيه حول اتخاذ أي إجراء يقوض الاتفاق، وبالتالي سيكون خطوة تقوض سياسة إدارة ترمب.
ويتساءل السفير جيفري: هل تترك إدارة ترمب للجنة المشتركة لتسوية المنازعات (المنصوص عليها في الفقرتين 36 و37 من الاتفاق) مهمة الضغط على إيران؟ لكن المادة 36 تسمح لأي طرف في الاتفاق إذا اعتبر تسوية المنازعات غير مرضية بأن يوقف كلياً أو جزئياً هذه المناقشات، وتتمثل الخيارات الإيرانية بالانسحاب من الاتفاق والاستمرار في التمتع بعلاقات تجارية ودبلوماسية مع بقية دول العالم، بما يعني برنامجاً نووياً إيرانياً أقل تقييداً. وهناك خيار آخر يتعلق بالفقرة 37 من الاتفاق التي تسمح بتصويت تلقائي من مجلس الأمن بشأن القرار 2231 الذي يدين البرنامج النووي الإيراني، ويمكن لأميركا إحياء جميع قرارات الأمم المتحدة ضد إيران، لكنه سيعني في النهاية تدمير الاتفاق بأكمله.
خيارات واشنطن لرفض التصديق على الاتفاق النووي
خيارات واشنطن لرفض التصديق على الاتفاق النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة