أنماط التغذية... وتأثيراتها على قلبك

صرعات غذائية مفيدة للحد من تناول الدهون المتحولة والسكريات والملح

أنماط التغذية... وتأثيراتها على قلبك
TT

أنماط التغذية... وتأثيراتها على قلبك

أنماط التغذية... وتأثيراتها على قلبك

لقد تغير نوع وكمية الدهون والكربوهيدرات والسكر والملح في طعامك بمرور السنوات، سواء كان ذلك نحو الأفضل أو الأسوأ. هل تذكر متى كانت الأطعمة المعبأة التي تحمل عبارة «خال من الدهون» منتشرة؟ ثم ظهرت بعد ذلك الملصقات التي تعلن بفخر أن المنتج «لا يحتوي على أي غرامات من الدهون غير المشبعة أو المتحولة»، وسرعان ما لحقت بها ملصقات «خال من السكر»، و«قليل الصوديوم»؛ أما الصيحة هذه الأيام فهي عبارة «خال من الغلوتين».
تعبر تلك التوجهات في صناعة الأغذية في أغلب الأحوال عن أنماط التغذية الشائعة في وقتها، وتستهدف تحسين الصحة، وبخاصة صحة القلب والأوعية الدموية؛ فليس ذلك لأن أمراض القلب هي السبب الأول للوفاة في البلاد فحسب، بل لوجود أدلة قوية على أن خيارات التغذية السليمة قد تساعد في الوقاية من الإصابة بالأزمة القلبية والسكتة الدماغية. مع ذلك، إلى أي مدى نجحت تلك الجهود والمحاولات؟
يقول الدكتور والتر ويليت، أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: «إن الصورة مختلطة، لكن بوجه عام أعتقد أننا نسير في الاتجاه الصحيح». ويرى أن التغير الأكبر والنجاح الأهم هو عدم استخدام الدهون غير المشبعة في تصنيع الأطعمة المعالجة.

مشكلة الدهون المتحولة
المصدر الرئيسي للدهون المتحولة trans fats الضارة هو الزيوت المهدرجة. والزيت المهدرج هو المكون المفضل لفترة طويلة في صناعة الغذاء؛ نظراً لثمنه الزهيد، وسهولة استخدامه، ومدة صلاحيته الطويلة. وقد استمرت صناعة الأطعمة السريعة المقلية، والمخبوزات، والمقرمشات، ورقائق البطاطس، والسمن النباتي لعقود من الزيوت المهدرجة.
مع ذلك، في التسعينات بدأ الباحثون في جامعة هارفارد دق ناقوس الخطر، والإشارة إلى التأثير الضار للدهون المتحولة على الصحة. إذ تتسبب تلك الدهون في تكون الكولسترول الضار أو الدهون منخفضة الكثافة، وهو ما يزيد احتمالات تجلط الدم، وحدوث التهاب في الجسم، وهو ما يؤدي بدوره إلى احتمال الإصابة بأمراض القلب. وبدأت إدارة الغذاء والدواء في عام 2003 اشتراط توضيح استخدام الدهون المتحولة على الملصقات الغذائية من أجل رفع وعي المستهلك. نتيجة لذلك؛ اختارت الكثير من الشركات الامتناع عن استخدام الدهون المتحولة في المنتجات الخاصة بها.
وأعلنت مدينة نيويورك في عام 2007 حظر استخدام الدهون المتحولة في الأطعمة المبيعة في الأماكن العامة، وبدأت الفائدة الصحية تظهر في غضون بضع سنوات. وقد اكتشفت دراسة حديثة انخفاض معدل الإصابة بالأزمة القلبية، والسكتة الدماغية في المناطق الحضرية التي نفذت حظر استخدام الدهون المتحولة، مقارنة بالمناطق الأخرى التي لم تنفذ ذلك الحظر. من المقرر العمل بهذا التوجه الصحي في كل المقاطعات التي أسهمت في القرار الذي أصدرته إدارة الغذاء والدواء بمنع استخدام الدهون المتحولة في الأطعمة بحلول يونيو (حزيران) 2018.
ويقول ويليت: «تخلصت المنتجات الغذائية في الوقت الحالي من نحو 85 في المائة من الدهون المتحولة». وحلت الدهون غير المشبعة unsaturated fats الأكثر صحية، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون، وزيت الذرة، وزيت الكانولا، وزيت زهرة عباد الشمس، وزيت العصفر، محل تلك الدهون المتحولة إلى حد كبير.
وتحتوي بعض المنتجات حالياً على كمية صغيرة من الدهون المشبعة saturated fat غير المحببة كثيراً مثل تلك الموجودة في زيت جوز الهند وزيت النخيل. مع ذلك، بدأ الحد من استخدام الدهون غير المشبعة في الكثير من المنتجات، التي تتم إعادة تصنيعها، دون أن تتم زيادة الدهون المتحولة بحسب مسح شمل 83 علامة تجارية لمنتجات، وأطباقا تقدم في المطاعم. ويشير الدكتور ويليت إلى أن تلك التغيرات قد ساهمت في تحسن جودة الدهون في الولايات المتحدة الأميركية. ويساعد هذا التوجه في تفسير سبب تمتع الأشخاص الذين يتناولون أغذية تحتوي على كمية كبيرة من الدهون، وبخاصة غير المشبعة، أفضل من الذين يتناولون أغذية تحتوي على كمية قليلة من الدهون، بحسب ما تشير دراسة أجراها الدكتور ويليت وزملاؤه العام الماضي.

كارثة الكربوهيدرات
تبين أن الهوس بقلة الدهون، الذي ساد خلال فترة الثمانينات، كانت له نتائج غير مقصودة، وغير صحية. واتباعاً للاتجاه الغذائي الرائج، خفضت الشركات المصنعة للطعام الدهون من منتجاتها. مع ذلك كثيراً ما كانوا يستخدمون بدلا من الدهون الكربوهيدرات المكررة مثل الدقيق الأبيض، والسكر، حيث بدأ الأميركيون يتناولون كمية أكبر من الكربوهيدرات مثل المعكرونة، والبطاطس، والخبز الأبيض، والحلويات. مع ذلك؛ لا يساعد تناول كمية أقل من الدهون بالضرورة في إنقاص الوزن، بل قد يساهم النظام الغذائي، الذي يحتوي على قدر كبير من الكربوهيدرات المكررة، في زيادة الوزن، والإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وأمراض القلب.
ومثلما هو الحال في الدهون، فإن بعض الكربوهيدرات صحية أكثر من غيرها. وتشمل الخيارات الأفضل لها المنتجات من الحبوب الكاملة غير المعالجة، أو التي خضعت لقدر ضئيل من المعالجة، مثل خبز القمح الكامل، وخبز الجاودار، والأرز البني، وقمح البرغل، والشوفان، والذرة، وتورتيلا الذرة. وتشير استطلاعات الرأي الحديثة الخاصة بالأنظمة الغذائية إلى زيادة بطيئة لكن ثابتة الخطى في تناول الحبوب الكاملة في الأنظمة الغذائية للأميركيين. وتمثل تلك المواد مصادر جيدة للمواد المغذية التي تحمي القلب مثل الألياف، والفيتامينات، والمعادن.

الغلوتين
هل هناك وجه اعتراض على الحبوب؟ تحتوي بعض الحبوب مثل القمح، والشعير، والجاودار، على الغلوتين، وهو بروتين جذب الانتباه كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية. ورغم انتشار التوجه نحو تناول الأغذية الخالية من الغلوتين، لا يوجد دليل قوي يدعم فائدة اتباع هذا النظام الغذائي بالنسبة لأكثر الناس على حد قول الدكتور ويليت. من الاستثناءات الأشخاص المصابون بالداء الجوفي celiac disease،، الذي تبلغ نسبتهم نحو واحد في المائة من السكان. ويتسبب تناول هؤلاء المرضى للغلوتين في إثارة وتهيج جهاز المناعة، وتحفيزه على مهاجمة الأمعاء الدقيقة؛ مما يؤدي إلى حدوث التهاب، وألم وظهور أعراض أخرى مزعجة. كذلك، هناك مجموعة من الأشخاص، الذين يقولون إنهم يشعرون بأنهم في حال أفضل عند الامتناع عن تناول الأغذية التي تحتوي على الغلوتين، وربما يكون لديهم حساسية تجاه الغلوتين، لكن هذه الحالة غير موثقة بشكل منضبط.
وحسب استطلاع رأي أجراه المركز القومي لتقارير المستهلكين، يعتقد 63 في المائة من الأميركيين أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين قد يساعد في تحسين الصحة البدينة والنفسية. كذلك يخفض نحو ثلث المشاركين كمية الغلوتين التي يتناولونها؛ أملا في أن يحسن ذلك صحتهم ويقيهم من الأمراض.
في الواقع، قد يكون العكس هو الصحيح، فقد أشارت دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد إلى أن الأشخاص، الذين يتجنبون تناول الغلوتين، قد يتناولون كمية أقل من منتجات الحبوب الكاملة. كذلك قد تحتوي المنتجات الغذائية المعلبة الخالية من الغلوتين على كمية أكبر من السكر، والدهون، والملح مقارنة بالمنتجات المماثلة التي تحتوي على غلوتين.
لا يمكن القول إن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين سيئ بطبيعته، لكن الطريقة التي تحول بها إلى نظام معتاد ليست بالضرورة صحية، على حد قول الدكتور ويليت. ينبغي أن يحرص الأشخاص، الذين يحتاجون إلى أو يرغبون في تجنب تناول القمح، على تناول حبوب كاملة خالية من الغلوتين مثل الأرز البني، والشوفان، والحنطة السوداء، والكينوا.

السكريات
هل السكر نافع أم ضار؟ الكربوهيدرات التي تمثل التهديد والخطر الأكبر على صحة القلب هي الكربوهيدرات البسيطة المكررة، وبخاصة السكر. هناك علاقة بين النظام الغذائي، الذي يحتوي على كمية كبيرة من السكر، وبين زيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب حتى لدى الأشخاص الذين لا يعانون من السمنة. وتمثل المشروبات المحلاة بالسكر مثل المشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الرياضية المصدر الأكبر للسكر المضاف الذي يتضمنه النظام الغذائي الشائع بين الأميركيين. مع ذلك، توضح بيانات صدرت حديثاً أن استهلاك المشروبات السكرية قد انخفض بنحو 25 في المائة في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات العشر الأخيرة بفضل حملات التوعية، ومنع بيع المشروبات الغازية في المدارس. كذلك، يبدو أن تشجيع هذا التوجه يساهم في الحد من الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، والذي يرتبط بأمراض القلب كما يوضح دكتور ويليت.
للأسف، توقفت المحاولات الأخرى للتوعية بخطر السكر، ففي عام 2016 وافقت إدارة الغذاء والدواء على مراجعة الملصقات الغذائية التي تتطلب من الشركات المصنعة للمنتجات الغذائية توضيح استخدام السكر المضاف في منتجاتها إلى جانب اشتراطات أخرى. وكان من المفترض تفعيل هذا القرار في يوليو (تموز) 2018، لكن أعلنت الإدارة في بداية العام الحالي أنها سوف تؤجل تنفيذه إلى أجل غير مسمى.
من الفوائد التي كان من المتوقع أن يحققها ذلك التغيير المذكور دفع الشركات نحو الحد من استخدامها السكر في تصنيع منتجاتها، مثلما حدث في حالة الدهون المتحولة. وقد قامت بعض شركات الزبادي والمشروبات بالفعل بذلك. ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية سوف تنجح أم لا، فقد عادت بعض شركات الأغذية، التي حاولت الحد من استخدام الصوديوم في بعض منتجاتها، مثل الحساء وعصائر الخضراوات، إلى استخدامها على حد قول الدكتور ويليت.
وأضاف قائلا: «لم تقم الشركات المنافسة لهم بهذا التغيير، في حين أن المنتجات التي تحتوي على قدر أقل من الصوديوم مذاقها مختلف.
هناك حاجة حقاً إلى المساواة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص».

اختيار المنتجات الغذائية الأكثر صحية
> عند التسوق لشراء المنتجات المعالجة، التي تشمل أي منتج معبأ داخل كيس، أو علبة، أو زجاجة، ينبغي قراءة الملصق الغذائي جيداً. كذلك، ينبغي ملاحظة أن القيمة اليومية هي مقدار المادة الغذائية الذي يُنصح الشخص تناوله، إذا كان يتناول ألفي سعر حراري يومياً.
> بالنسبة إلى الدهون المشبعة، ينبغي أن تكون النسبة 5 في المائة أو أقل.
> بالنسبة إلى الصوديوم، ينبغي أن تكون النسبة 5 في المائة أو أقل.
> بالنسبة إلى السكر، ينبغي ألا يكون هناك سكر تماماً، لكن يوصي الخبراء النساء بتناول 24 غراما يومياً حدا أقصى، في حين على الرجال تناول 36 غراما يومياً حدا أقصى
> عند اختيار الخبز، وحبوب الإفطار، والأطعمة التي قوامها الحبوب، ينبغي فحص المكونات. أول مكون ينبغي أن يكون حبوبا كاملة مثل القمح الكامل. تعني الحبوب المتعددة، أن المنتج يحتوي على أكثر من نوع من الحبوب، وهي لا تكون بالضرورة حبوب كاملة.

الحدّ من الملح
> اقترحت إدارة الغذاء والدواء في عام 2016 على صناعة المنتجات الغذائية إرشادات وتوجيهات تطوعية تضمنت الحد من كمية الصوديوم المستخدمة في الطعام، حيث توجد صلة بين زيادة الصوديوم، الذي يمتزج مع الكلوريد ليكون الملح، وبين ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالأزمة القلبية، والسكتة الدماغية. ويتناول الأميركي في المتوسط كمية صوديوم أكبر بنحو 50 في المائة من الكمية التي ينصح الخبراء بتناولها، وتكون النسبة الأكبر منها موجودة بالفعل في طعامهم قبل أن تصل إلى موائدهم.
ويشير الخبراء إلى أن الزمن سيكشف لنا عما إذا كانت الإرشادات التي اقترحتها إدارة الدواء والغذاء سوف تحدث فرقاً أم لا، وبالفعل أشارت دراسة حديثة إلى أننا نسير في الاتجاه الصحيح، حيث انخفضت كمية الصوديوم، التي يحصل عليها القطاع المنزلي من المنتجات الغذائية المعلبة، بمقدار 400 مليغرام للفرد خلال الفترة من 2000 إلى 2014، كذلك يمكنك زيارة «اختيار منتجات السوبر ماركت الأكثر صحية» للحصول على نصائح خاصة بكيفية قراءة الملصقات الغذائية، وقوائم المكونات أثناء التسوق.

* رسالة هارفارد للقلب خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.