انتعشت خزينة نادي الاتحاد بتلقي مبلغ 10 ملايين ريال قدمتها هيئة الرياضة برئاسة تركي آل الشيخ، لتسيير أعمال النادي (مرتبات ومستحقات حتى آخر الموسم الحالي)، بحسب البيان الصادر من الهيئة العامة للرياضة، في الوقت الذي كانت فيه الهيئة قد أعلنت قبل ذلك إنهاء تكليف إدارة أنمار حائلي برئاسة النادي «لشبه مخالفات تزوير» وتعيين حمد الصنيع رئيسا مكلفا حتى نهاية الموسم.
ومنذ سنوات ومحاولات السلطة الرياضية تتوالى لإنعاش نادي الاتحاد من مأزق الديون التي رمت به خارج دائرة المنافسة حتى أصبحت خزينته خاوية على عروشها، فباتت جماهيره تترقب أن ينتهي يومها دون وصول عقوبة جديدة من اتحاد كرة القدم الدولي «الفيفا» كأبرز إنجاز لمجالس الإدارات المتعاقبة على النادي الأقدم في السعودية خلال السنوات الأخيرة.
وقصة مشكلات الاتحاد المالية ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج فوضى إدارية في السنوات الماضية، الأمر الذي كلف خزينة النادي الأصفر ملايين الريالات من عمولات مثيرة للشك والشبهة، تبعها عقوبات متواترة على النادي وتهديد بالتهبيط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى كأحد الطرق التي يتخذها «الفيفا»، للحد من عدم الوفاء بالالتزامات المالية تجاه الأطراف المتعاقدة.
محاولات إنعاش الاتحاد والخروج به من رحم المعاناة المالية التي كبلت أطرافه وبات بعيدا عن الاستقرار الإداري موسما عن آخر، تأتي ضمن رغبة حكومية للوقوف مع النادي الذي ما زال مصدر العبث فيه مجهولا، وينتظر الكشف عنه خلال لجنة التحقيقات التي شكلت مؤخرا من تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة.
وقبل دعم الاتحاد بالملايين العشرة اتخذت عدة خطوات للنهوض بالنادي من أزمته التي لم تنته، وذلك بإحالة ملف هذه المخالفات والتجاوزات إلى هيئة الرقابة والتحقيق باعتبارها الجهة المختصة لمثل هذه القضايا. وأكد آل الشيخ حينها، أنه سيتم التعاون بين هيئة الرياضة وهيئة الرقابة والتحقيق خلال التحقيقات لتحديد المسؤولية ومساءلة المتجاوزين وفقا للأنظمة والأحكام، بهدف الحفاظ على سمعة الأندية السعودية والحد من التجاوزات المالية والمخالفات المالية فيها وتضخيم المديونيات. أعقبها إعفاء مجلس الإدارة السابق برئاسة أنمار الحائلي لوجود شبهة تزوير مالي، بحسب ما أعلنت الهيئة العامة للرياضة حينها، وتكليف حمد الصنيع برئاسة النادي حتى نهاية الموسم الجاري.
وكان الحائلي تسلم زمام القيادة الإدارية بالتكليف في يونيو (حزيران) الماضي من قبل الهيئة العامة للرياضة التي يرأسها حينها محمد آل الشيخ.
خطوات الهيئة العامة للرياضة الحالية برئاسة تركي آل الشيخ لإنقاذ نادي الاتحاد من مشكلاته المالية التي دخلت مرحلة الخطر تأتي ضمن سلسلة من الحلول المتعاقبة التي حاولت النهوض بنادي الاتحاد منذ عهد الأمير نواف بن فيصل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب (هيئة الرياضة باسمها القديم)، مرورا بعهد الأمير عبد الله بن مساعد الذي غادر منصبه في أبريل (نيسان) الماضي.
وبدأت رحلة البحث عن المتسبب في تحميل نادي الاتحاد هذه الأرقام المليونية في عهد الأمير نواف بن فيصل الذي شكل لجنة لتقصي الحقائق موسم 2014 في ديون الاتحاد التي بلغت حينها حاجز الـ130 مليونا قبل أن ترتفع تباعا حتى تجاوزت الربع مليار ريال سعودي، ونجحت محاولات الأمير نواف بن فيصل الذي كان يتبوأ منصب الرئيس العام لرعاية الشباب في إسقاط ملايين الريالات من الديون حتى تقلصت لأقل من مائة مليون ريال.
وفي عهد الأمير عبد الله بن مساعد الذي تسلم زمام قيادة السلطة الأعلى رياضيا على الصعيد المحلي خلفا للأمير نواف بن فيصل أجرى عدة محاولات بهدف تخفيض ديون الاتحاد وإنقاذه من المشكلات المتتابعة، أبرزها القرض البنكي الذي تم تسهيله لإنقاذ النادي من هبوطه لمصاف أندية الدرجة الأولى بقرار مشروط من «الفيفا».
وأصدرت الهيئة العامة للرياضة «الرئاسة العامة لرعاية الشباب»، برئاسة الأمير عبد الله بن مساعد، بيانا صحافيا في صيف 2015 قالت فيه: «تلقينا تقريرا من مجلس إدارة نادي الاتحاد تضمن إيضاحا عن الوضع المالي للنادي وما يمر به من أزمة مالية نتج عنها مطالبات كثيرة وقرارات وأحكام صادرة عن (الفيفا) ومحكمة التحكيم الدولية بلوزان، وأفاد تقرير مجلس إدارة نادي الاتحاد أن النادي سيواجه عقوبات تصل إلى الحسم من نقاطه وتحويله إلى الدرجة الأولى إذا لم يتمكن من حل هذه الأزمة خلال الفترة القصيرة المقبلة».
وقالت الرئاسة، «إنه حرصا على مصلحة النادي ووقوفا معه في أزمته واستشعارا للدور الذي تحمله الرئاسة العامة لرعاية الشباب تجاه أندية الوطن، فقد عقد الرئيس العام لرعاية الشباب اجتماعات متعددة مع مسؤولي النادي، واطلع على المقترح المقدم من رئيس مجلس الإدارة الذي يتضمن تمويلا ماليا بضمان عوائد الدخل التلفزيوني لخمس سنوات مقبلة، ورغبة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب في حماية النادي من أي عقوبات دولية في حال عدم تسديد ديونه وفقا لتقرير إدارة النادي؛ فقد تمت دراسة الأمر من كل جوانبه القانونية، وأصدرت الرئاسة موافقتها حيال ذلك، وكلفت لجنة ثلاثية مكونة من لؤي هشام ناظر النائب التنفيذي لرئيس اللجنة الأولمبية، وأمين الصندوق بنادي الاتحاد، ومدير مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بجدة، للإشراف على صرف هذا التمويل لسداد مديونيات النادي الخارجية فقط، على أن يستكمل الاتحاد السعودي لكرة القدم الإجراءات التي تخصه وفق ما يراه».
وأشار البيان إلى أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تسعى من جانبها لوضع ضوابط وإجراءات لإيقاف مديونيات الأندية، وسيتم إصدارها في القريب العاجل بالتنسيق مع الاتحاد السعودي لكرة القدم. ودعت الرئاسة العامة لرعاية الشباب في ختام بيانها جميع الأندية إلى ضرورة مراعاة مديونياتها والسعي لتجنب مضاعفتها لضمان القيام بدورها نحو رياضة الوطن وخدمة شبابه.
ورغم تلك المحاولات الجادة والصادقة لإنقاذ الاتحاد من أزمته المالية الخانقة فإن المشكلات تبدو أكبر بكثير مما هو متوقع، حيث ما زالت القرارات تتعاقب من اتحاد «الفيفا» أو حتى محكمة التحكيم الرياضي ضد نادي الاتحاد، وكان أبرزها منع النادي من تسجيل اللاعبين الجدد خلال الموسم الرياضي الحالي.
ولم يعرف نادي الاتحاد الاستقرار الإداري منذ بدء أزمته المالية التي لم تنته بعد، حيث تعاقب على رئاسة النادي خلال عشرة مواسم منذ 2007 وحتى الآن 11 رئيسا هم تباعا المهندس جمال أبو عمارة، والدكتور خالد المرزوقي، والمهندس إبراهيم علوان، واللواء محمد بن داخل، ومحمد الفايز، ثم المهندس عادل جمجوم، ثم إبراهيم البلوي، يليه أحمد مسعود الذي وافته المنية وهو على رأس العمل، ليكمل الموسم المهندس حاتم باعشن، ثم يتم تكليف أنمار الحائلي مطلع الموسم الحالي قبل إعفائه وتكليف حمد الصنيع برئاسة النادي.
وكان تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للرياضة، أوضح في حديث إعلامي قبل عدة أيام، أن ما يحدث لا يليق بناد بحجم الاتحاد الذي يعتبر من أقدم الأندية الرياضية في السعودية، وأن هناك رغبة جادة في مساعدته لتجاوز أزمته المالية، وجاءت هذه الخطوات مصادقة للأحاديث الإعلامية التي كان آخرها وأبرزها دعم الملايين العشرة.
هيئة الرياضة ترمي طوق إنقاذ جديد للاتحاد
الملايين العشرة ستمثل دفعة قوية لتجاوز الأزمة المالية والإدارية
هيئة الرياضة ترمي طوق إنقاذ جديد للاتحاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة