العبادي في باريس... والمالكي يعود إلى الواجهة

بغداد تعلن الحداد على طالباني وترسل طائرة لنقل جثمانه من ألمانيا

TT

العبادي في باريس... والمالكي يعود إلى الواجهة

وصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إلى باريس في زيارة رسمية دعاه إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «لبحث تطوير العلاقات بين البلدين»، خصوصاً في «التعاون ضد الإرهاب الذي يشكل عدواً مشتركاً، ودعم القوات العراقية في حربها ضد (داعش)، وتعزيز انتصاراتها وقدراتها التسليحية»، بحسب بيان للحكومة في بغداد.
وتأتي زيارة العبادي لباريس، على رأس وفد رفيع، وسط تقارير عن نية ماكرون عرض التوسط بين بغداد وأربيل في الأزمة التي أثارها استفتاء الاستقلال الكردي الذي جرى الشهر الماضي. لكن مراقبين يقللون من فرص نجاح الوساطة الفرنسية المزمعة، بسبب محدودية أوراق التأثير التي تملكها باريس لدى الطرفين.
وأعادت المواجهة الحالية بين بغداد وأربيل نائب الرئيس نوري المالكي إلى صدارة مشهد القوى السياسية الشيعية مجدداً، بعدما رشحه «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه، أمس، لتولي رئاسة «التحالف الوطني»، خلفاً لعمار الحكيم. وتقول أوساط من «التحالف الوطني» إن المقربين من المالكي «يسعون بقوة إلى استثمار الأزمة القائمة حول الاستفتاء، من خلال الدفع باتجاه عودة قوية للمالكي إلى المشهد السياسي». ولفت هؤلاء إلى أن «غالبية القرارات التي اتخذها مجلس النواب ضد إقليم كردستان، أتت بدعم وتحريض من الأجنحة المتشددة في دولة القانون والمقربة من المالكي».
وكان نواب عن «دولة القانون» وقعوا، أول من أمس، على وثيقة يطالبون فيها رئاسة مجلس النواب بعدم السماح للنواب الأكراد المصوتين على الاستفتاء بدخول مجلس النواب، والسماح بذلك فقط «لمن يعدل عن المطالبة بالانفصال بشكل صريح ومكتوب».
وقال مصدر مقرب من «دولة القانون» لـ«الشرق الأوسط»، إن «غالبية الشخصيات المهمة في التحالف الوطني زاهدة بمنصب رئاسة التحالف». وأوضح أن «الزهد مرده علم الجميع بعدم فاعلية وتشتت التحالف، وذلك واضح من خلال انسحاب التيار الصدري، إلى جانب أن أطراف التحالف لا تلتزم بغالبية القرارات والتوصيات التي يقوم بها حيال مختلف القضايا».
إلى ذلك، أعلنت بغداد الحداد الرسمي ثلاثة أيام لوفاة الرئيس السابق جلال طالباني، وخصصت طائرة خاصة لنقل جثمانه من برلين التي توفي في أحد مستشفياتها أول من أمس.
ويميل كثير من المتابعين والساسة في بغداد إلى الاعتقاد بأن أزمة الاستفتاء الكردي الحالية المتفاقمة بين بغداد وأربيل، لم تكن لتحدث لو كان طالباني ما زال يمارس دوره السياسي.
وأشار إلى ذلك بيان التعزية الذي أصدره العبادي، عندما قال: «في هذا الظرف الحسّاس نحن أحوج ما نكون إلى اعتداله وعقلانيته وحكمته، وحرصه على وحدة العراق وتعزيز الأخوة العربية – الكردية، ضمن عراق واحد، ونتذكر دوماً وصفه للشعب العراقي بباقة الورد المتنوعة».
وتتزامن وفاة طالباني مع الإجراءات المشددة التي تتخذها بغداد ضد إقليم كردستان، لحمله على إلغاء نتائج استفتاء الاستقلال الذي جرى في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وصوّت مجلس النواب العراقي، أول من أمس، على إجراءات عقابية جديدة، آخرها إيقاف التعاملات المالية والمصرفية كافة مع إقليم كردستان، شرط «الحفاظ على حقوق المواطنين الأكراد والضغط على قيادة الإقليم»، بحسب بيان المجلس الذي ألزم البنك المركزي بعدم بيع العملة الأجنبية إلى المصارف العاملة في إقليم كردستان، والمصارف التي لديها فروع في الإقليم وزبائنها. وألزم هيئة الإعلام والاتصالات بتحصيل المستحقات المالية كافة لدى شركة «كورك» الكردية للاتصالات خلال عشرة أيام، أو وقف الطيف الترددي للشركة.
غير أن وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر في القطاع المصرفي العراقي أن البنك المركزي خفف، أمس، القيود المالية التي فرضها على إقليم كردستان، بعد أن تلقى تعهداً من بنوك كردية بالتعاون. وقال المصدر إن البنك المركزي سمح باستئناف تحويلات الدولار والعملة الأجنبية مع استثناء أربعة بنوك ذات ملكية كردية، انتظاراً لمراجعة تعاونها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».