العطر الفرنسي والتقنية اليابانية في كوفنت غاردن

يوم في واحدة من أكثر مناطق لندن شهرة

العطر الفرنسي والتقنية اليابانية في كوفنت غاردن
TT

العطر الفرنسي والتقنية اليابانية في كوفنت غاردن

العطر الفرنسي والتقنية اليابانية في كوفنت غاردن

لطالما كانت كوفنت غاردن من أجمل المناطق السياحية في لندن، نسبة لموقعها في وسط العاصمة وما تزخر به من معالم وحكايات وتاريخ وفن ومسارح ومطاعم وعروض... فهي باختصار صورة كاملة متكاملة للمنطقة السياحية التي تمنح السائح ما يطلبه مهما كانت متطلباته.
كوفنت غاردن منطقة حيوية جداً، فيها حركة غير عادية، ومتناقضة لأنها جدية؛ تضم مكاتب العمل وسياحية لدرجة أنها تُلقَّب بـ«شريان لندن السياحي»، وأنا أعتقد أنه يمكن منحها عدة ألقاب أخرى، من بينها: «رئة لندن»، ولو كانت ملوَّثَة بحكم نسبة تلوث الجو العالية في مدينة مكتظة مثل لندن.
وهذه الرئة تتنفس من خلالها العاصمة الفن لأنها مهد المسارح الذي يفوق عددها الـ250 مسرحاً، واليوم أصبحت من أهم الأماكن التي تضم أفضل مطاعم المدينة وهي قريبة من النهر، فتوجد بها بعض الأماكن التي تسرق نظرة من التيمس من بين الأبنية الفيكتورية المتراصة على جنبات الطرقات.
أجمل ما يمكن أن تفعله في كوفنت غاردن زيارة ساحتها الشهيرة «بياتزا» التي تجد فيها السوق الشعبية حيث تنتشر فيها بسطات لبيع التحف والملابس والحرفيات على مدى أيام الأسبوع، وهذه السوق كانت في الماضي سوق الجملة للخضراوات والفاكهة والزهور التي تعتمد عليها لندن منذ القرون الوسطى حتى منتصف السبعينات، فهذه المنطقة بدأ تاريخها مع الرومان عام 47 بعد الميلاد وحينها كان يُطلَق على لندن اسم «لندينيوم».
- مدينة العروض الفنية
«كوفنت غاردن» هي المنطقة الوحيدة التي يُسمَح فيها بالعروض الفنية الحية في الهواء الطلق، ففيها تُكتشف المواهب الفنية، وتؤخذ العروض الفنية على محمل الجد وتتراوح مدة كل عرض ما بين ثلاثين إلى أربعين دقيقة والأهم في «كوفنت غاردن» أنها منطقة نابضة لا تعرف النوم ولا تقفل إلا يوماً واحداً في العام.
- التسوق
أصبحت «كوفنت غاردن» في الآونة الأخيرة تنافس جارها «أكسفورد ستيريت» الشهير بمحلاته التجارية، بل إنها رسمت لنفسها خطاً مختلفاً للتسوق، لأنها استقبلت البوتيكات الفريدة برحابة صدر، فهناك عدة محلات لا تجدها إلا في تلك المنطقة، كما أن موقعها الجغرافي القريب من «ريجنتس ستريت» و«تشارينغ كروس» جعلها على خريطة المتسوِّقين لأنه من السهل المشي إليها من أي منطقة متاخمة.
ومن الأماكن الجميلة فيها، «سيفين دايلز» التي صممها توماس نيل في القرن السادس عشر على شكل سبعة شوارع تصب كلها في ساحة واحدة.
- عطور فرنسا وخبرة اليابان تحت سقف واحد
عندما توجَد في منطقة كوفنت غاردن ومحيطها، لن تفوتك طلة مبنى فندق «روزوود» عند شارع «هاي هولبورن»، فيعود تصميم هذا المبنى بلونه القرميدي إلى الحقبة الإدواردية وتحديداً إلى عام 1914، وعندما تراه تظن نفسك في تلك العصور، فينسيك لندن الحديثة بمعمارها العصري، تدخل إليه عبر قنطرة من الحجارة، ليستقبلك رياض خلفي جميل وعمال بزي موحد وقبعة سوداء ومعاطف طويلة، فتشعر بالروح الإنجليزية التقليدية التي لا تزال تعشش بين ثنايا المدينة العتيقة.
والمعروف عن هذا الفندق أنه يضم واحداً من أجمل المراكز الصحية في لندن، وإذا كانت زيارتك الأولى فستشدك عند دخولك إلى «سينس سبا» Sense Spa رائحة الأعشاب، وستجد نفسك تسبح فيها في دهاليز تحت الأرض لا يتخللها إلا صوت مرور مترو الأنفاق الذي يعبر جوف أرض لندن تماماً مثل المركز الصحي وعلى المسافة ذاتها.
العلاجات المتوفرة ترتكز على الزهور الفرنسية فيطلق عليها اسم «ذا إيفيدينس»The EvidenS De Beaute وقصتها بدأت مع مؤسسها الفرنسي شارل إدوار بارث الذي ابتكر نوعاً جديداً من الكريمات يتناسب مع بشرة زوجته اليابانية إيريكو ناكاموا الحساسة، وكانت النتيجة علاجات رائعة تعتمد على مستحضرات تمزج ما بين الأناقة الفرنسية والتكنولوجيا اليابانية والنتيجة مرسومة على البشرة لأنها أثبتت أنها تبطئ الشيخوخة وتساعد على التخلص من التجاعيد.
العلاج الذي اخترته نفذته ولحسن حظي اختصاصية يابانية تدعى ماريكو، وبعد 90 دقيقة من التدليك بالكريمات المعطرة التي تتناسب مع احتياجات بشرتي يمكنني التأكيد بأن ماريكو هي من بين أفضل الاختصاصيين في لندن، لأنها تعرف كيف تتعامل مع كل عضلة من الجسم، وتعرف كيف تدلكها، وبعدها قامت بعلاج آخر يستمر على مدى 60 دقيقة خاص ببشرة الوجه.
- أهم العلاجات
العلاجات المتوفرة أربعة: The Essential Detox Ritual ويعتمد على تنظيف البشرة على الطريقة اليابانية «ساهو» وهذا العلاج يناسب البشرة الجافة مع منطقة «تي زون» دهنية، ويساعد على التخلص من البقع البنية على البشرة نتيجة عوامل وراثية أو التعرض للشمس أو الإنجاب.
أما علاج The Essential Fresh and Tone Ritual فيوصَى به لأصحاب البشرة المتعبة والخالية من النضارة، وخلال الجلسة يتم وضع أكثر من قناع على الوجه لمساعدة البشرة على التخلص من المسامات المفتوحة، والجميل في هذا العلاج أن نتيجته فورية.
وعلاج The Ultimate Instant Lifting Ritual يساعد على التخلص من التجاعيد في منطقتي الوجه والرقبة من خلال وضع قناع من الكولاجين.
وللبشرة التي تعاني من التجاعيد نتيجة للجفاف، تم تطوير علاج The Extreme 360 degree Global Ani Age Ritual الذي يساعد على ترطيب البشرة من خلال قناعات وكريمات خاصة تعطي إشراقة للبشرة.
- راحة تامة
وبعد الانتهاء من إجراء العلاج الذي تختاره الاختصاصية بحسب حاجة بشرتك، يكون قد حان وقت الراحة الذاتية، فتتوجه إلى غرفة على شكل بيضاوي، لا تسمع فيها إلا صوت نفسك بإضاءة خافتة، وأَسِرَّة مريحة مخصصة للزوار، مع صنبور للمياه بنكهة الليمون والزنجبيل يوصى بتناولها بعد العلاج لأنها تساعد على التخلص من السموم من الجسم.
ويوجد أيضاً في السبا مركز رياضي مجهز بأحدث المعدات التي تعتمد على تكنولوجيا عالية.
وقاعة تغيير الملابس تضم غرفة «سونا» سويدية وغرفة بخار خاصة بالسيدات وأخرى بالرجال، وتم التركيز على تقديم كل ما يحتاج إليه الضيف، لأنه يسمح لغير النزلاء في الفندق بزيارة المركز الصحي والاستفادة من كل ما يقدمه من خدمات.
وبما أن اليوم في منطقة كوفنت غاردن مخصص للراحة، فأنصحكم بزيارة الردهة الرئيسية في الفندق لتناول الشاي الإنجليزي بعد الظهر أو التوجه إلى المطعم «ذا هولبورن داينينغ روم» الذي يضم شرفة خارجية وهو من تصميم مارتن برودنيزكي ويقدم ألذ الأطباق الأوروبية بالإضافة إلى بعض الوصفات الإنجليزية التقليدية مثل السمك مع البطاطس وفطيرة السمك بالفرن.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».