«الاتحاد الديمقراطي» يتبنى خيار التفاوض... ومعارضون أكراد يرونه «سلطة ظل للنظام»

الجلسة الختامية لمؤتمر «الاتحاد الديمقراطي» شرق سوريا («الشرق الأوسط»)
الجلسة الختامية لمؤتمر «الاتحاد الديمقراطي» شرق سوريا («الشرق الأوسط»)
TT

«الاتحاد الديمقراطي» يتبنى خيار التفاوض... ومعارضون أكراد يرونه «سلطة ظل للنظام»

الجلسة الختامية لمؤتمر «الاتحاد الديمقراطي» شرق سوريا («الشرق الأوسط»)
الجلسة الختامية لمؤتمر «الاتحاد الديمقراطي» شرق سوريا («الشرق الأوسط»)

بعد اختتام أعمال مؤتمره السابع، الذي عقد في بلدة الرميلان شمال شرقي سوريا، اختار «حزب الاتحاد الديمقراطي السوري» عائشة حسو وشاهوز حسن للرئاسة المشتركة، إضافةً إلى انتخاب 49 عضواً لمجلسه العام بينهنّ 23 امرأة.
وكان الحزب أكد في بيانه الختامي والذي نشر يوم أمس على حسابه الرسمي، العمل على إنجاح «العملية التفاوضية لإيجاد حل للأزمة السورية، بالاستناد على مشروع الفيدرالية والقرار الأممي 2254»، متخذاً جملة من القرارات التنظيمية والسياسية «لتنفيذ استراتيجيته كحزب مؤسساتي فعال، يحظى بقاعدة جماهيرية واسعة في شمال سوريا وعمومها، وتحظى فيه المرأة والشبيبة بدورهما الطليعي». ولفت البيان إلى الدور الريادي للحزب في تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية أواخر 2015، وتأسيس المجلسين التأسيسي والتنفيذي لفيدرالية شمال سوريا ربيع 2016.
وقال شاهوز حسن رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السوري لـ«الشرق الأوسط» إن «حزبنا اعتمد على نهج وفلسفة الأمة الديمقراطية، فمنذ بداية الأزمة السورية أثبت للجميع صحة رؤيتنا للصراع الدائر في أرجاء البلاد وعموم أزمات الشرق الأوسط»، منوهاً أن الحزب اختار الخط الثالث وأضاف: «عبر ترجمة وتأسيس مشروع سوري ديمقراطي يلبي طموحات جميع مكونات شعب سوريا، المتمثل في مشروع فيدرالية شمال سوريا».
لكن معارضين أكرادا يرون أن «حزب الاتحاد» امتداد لمنظومة حزب العمال الكردستاني. وقال إبراهيم برو رئيس المجلس الوطني الكردي لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «حزب شمولي لا يقبل الشراكة السياسية، وارتباطاته منذ بداية الثورة شابها الشك والريبة، لقد اختار أن يكون في صف النظام والتحالف معه، لوجود علاقات قديمة بين حزب العمال والنظام السوري في ثمانينات القرن الماضي»، ولفت أنه «لم يعد خافياً على أحد وجود مربع أمني للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي وتتابع أجهزته الأمنية عملها من خلاله».
وينقسم أكراد سوريا بين إطارين سياسيين رئيسيين، الأول يتزعمه حزب الاتحاد الديمقراطي ويعمل تحت راية حركة المجتمع الديمقراطي (tev.dem)، وأعلن بداية العام الماضي مشروع فيدرالية شمال سوريا، كما يدير المناطق ذات الغالبية الكردية منذ نهاية العام 2012.
فيما يتمثل الثاني في كتلة المجلس الوطني الكردي والذي يضم 15 حزباً سياسياً وتنسيقيات شبابية، إضافة إلى شخصيات مستقلة وتأسس أواخر 2011. وهو جزء من الائتلاف الوطني المعارض.
واتهم إبراهيم برو حزب «الاتحاد» أنه «سلطة بالوكالة عن النظام الحاكم في سوريا، فبعد انسحاب الأخير من المناطق الكردية أفسح المجال لعناصر الحزب إلى فرض سيطرتهم، إدارته لم تأت عبر صناديق الانتخاب، بل بقوة السلاح».
وكشف برو إلى وجود معتقلين سياسيين في سجون الإدارة الذاتية، وقال: «لدينا أكثر من 122 معتقلا سياسيا معارضا في سجون حزب الاتحاد، يواجهون تهما عديدة أبرزها عدم الاعتراف بالإدارة الذاتية، والخروج بمظاهرات من دون الحصول على ترخيص، نحن لا نعترف بإدارته حتى نطلب منها الترخيص»، مؤكداً أن ما يفعله حزب الاتحاد في المناطق الكردية، «لم يفعله النظام عندما كان يحكم المنطقة، حيث إن الأول تسبب في هجرة الآلاف من أبناء المنطقة، وفرج منهاج كردي مؤدلج ومنع الحياة السياسية، وعمد إلى الاعتقالات لقمع الرأي الحر والمعارض»، على حد تعبير رئيس المجلس الوطني الكردي إبراهيم برو.
وأجرت الإدارة الذاتية في شمال سوريا في 22 من الشهر الجاري، انتخابات محلية في مناطق سيطرتها بعد نحو عام ونصف من إعلان نظام فيدرالي هناك، على ثلاث مراحل تبدأ باختيار لجان الأحياء الصغيرة التي تعرف محلياً باسم «الكومين»، وتنتهي في 19 يناير (كانون الثاني) 2018، لكنها اقتصرت على الأحزاب المنضوية تحت راية الإدارة، في حين امتنعت أحزاب المجلس الوطني الكردي عن التصويت، إلى جانب رفض المنظمة الآشورية المشاركة في العملية الانتخابية.
وقال كبرئيل موشية كورية مسؤول المكتب السياسي للمنظمة الآشورية، إن عدم مشاركتهم كانت «لأن هذه الإدارة جاءت من طرف واحد، وقامت على أساس الهيمنة والاستئثار، ولم تبنَ على أسس الشراكة والتوافق بين كافة الأحزاب والمكونات الموجودة في الشمال السوري».
واستبعد كورية المشاركة في مشروع فيدرالية شمال سوريا، وقال: «نحن غير معنيين بالانتخابات التي جرت وستجري، وننظر إليها مثل الكثير من الأطراف والقوى السياسية، باعتبارها خطوة ترمي لإضفاء نوع من الشرعية على سلطة الأمر الواقع».
من جانبه، رحب حسن، بتصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم، واستعداد النظام التفاوض والحوار مع الأكراد الذين يريدون شكلاً من أشكال الإدارة الذاتية، قائلاً: «إننا مستعدون للتفاوض على النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي نراه حلاً شاملاً لكل سوريا».
بدوره، شدد كبرئيل موشية القيادي في المنظمة الآشورية، أنّه «مع الدخول في مفاوضات جادّة، وانطلاق عملية سياسية حقيقية لرسم مستقبل سوريا، سيكون من الصعب على كافة الأطراف تجاهل وجود ودور هذا الحزب»، ويعزو السبب إلى «تنامي دوره على الصعيدين السياسي والعسكري، وهذا بلا شك سيفرض على قادته الجدد انتهاج سياسة واقعية في ملاقاة الأطراف السورية الرافضة لمشاركته في محادثات السلام السورية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.