يطوي الأمر السامي بمنح المرأة السعودية حق قيادة السيارة، الصادر مساء أول من أمس، الصفحة الأخيرة من هذه القضية المثيرة للجدل، إذ كسر «تابو» قيادة نساء السعودية للسيارة، وحسم إشكالية «مع» أو «ضد» التي انقسم حولها المجتمع لسنوات مضت، وهو ما اعتبر انتصارا للمرأة، وبوابة التمكين لها للانخراط في عجلة التنمية.
وأكدت الدكتورة هتون الفاسي، الأكاديمية السعودية المختصة في تاريخ المرأة، أن البلاد تعيش اليوم في مرحلة تاريخية مهمة في ظل حكم الملك سلمان. وتابعت: «خادم الحرمين الشريفين وضع بصماته الواضحة على ملف المرأة، وعلينا أن ندرك أن هذا الملف ليس سهلاً».
وأضافت الفاسي لـ«الشرق الأوسط»، أن منح المرأة حق قيادة السيارة كان نتيجة عمل دام أكثر من 27 سنة، من المطالبات المستمرة من نساء السعودية اللاتي بذلن الكثير من الجهد ومن التضحيات لتحقيق ذلك، مهنئة النساء في السعودية والرجال الذين لطالما وقفوا أيضا إلى جانب المرأة.
إلى ذلك، أبدى الكاتب السعودي عبد الله العلمي، سعادته البالغة بالأمر الملكي الصادر بمنح المرأة حق قيادة السيارة. وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2011 شهد صدور قرار ملكي بممارسة المرأة السعودية حقها في قاعة الشورى، وفي شهر سبتمبر من عام 2017 صدر أمر سام بممارسة حقها في قمرة القيادة.
ولفت العلمي الذي ألّف كتابا حمل عنوان «متى تقود السعودية السيارة؟» قبل سنوات قليلة، إلى أن الحكم الشرعي في قيادة المرأة من حيث الأصل الإباحة، خصوصا أن سد الذرائع المحتملة لا تصل ليقين ولا غلبة ظن.
وعبّرت نورة الشعبان، عضو مجلس الشورى السعودي، عن احتفائها بهذا القرار، وأوضحت أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هو أمر اختياري «وهو ليس إلزامياً، فالكرة الآن في ملعب المجتمع، وكل أسرة تستطيع تقدير احتياجها بحسب ثقافتها ومدى رغبتها»، مضيفة أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هو قرار حكيم، يزيد المجتمع نضجا ومسؤولية.
وتطرقت الشعبان، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الشباب والفتيات يمثلون نحو 70 في المائة من المجتمع السعودي، وهذه الشريحة الكبيرة تغيرت رؤيتها في السنوات الأخيرة، وأصبحنا نلمس هذه التحولات في تطور ثقافة العمل، وارتفاع حس المسؤولية عند هؤلاء الشباب تجاه وطنهم، ووعيهم وإدراكهم المهام المنوطة بهم.
وينهي منح المرأة السعودية حق قيادة السيارة آلاف النقاشات والمقالات التي استنزفت وقت وجهد السعوديين لسنوات، وأشغلت المنابر الخطابية في أوقات متفرقة، ليحسم الأمر السامي الانقسام الاجتماعي ما بين فريقي المؤيدين والمعارضين، خصوصا أن الأمر السامي يرمي الكرة في ملعب المجتمع، بحيث يصبح القرار بين السيدات أنفسهن، سواء من أرادت أن تقود السيارة ومن أحجمت عن القيادة، كحال دول العالم.
أمام ذلك، سارع القطاع الخاص للتفاعل مع الأمر الملكي، إذ أعلنت شركة «كريم» التي تملك أشهر تطبيق لخدمة سيارات التوصيل أمس، عن توفير 100 ألف وظيفة شاغرة للسائقات من النساء.
واستهدفت بعض شركات التأمين السعودية المرأة في إعلاناتها الأخيرة، وبادرت شركات أخرى إلى تقديم المباركة للسيدات بعد صدور القرار مباشرة.
احتفال شعبي بقرار قيادة المرأة للسيارة... وتبادل للتهاني
احتفال شعبي بقرار قيادة المرأة للسيارة... وتبادل للتهاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة