الخلافات الانتخابية الألمانية تنتقل إلى معسكر ميركل

أمامها 30 يوماً لتشكيل حكومة جديدة... وعينها على الليبراليين والخضر

الخلافات الانتخابية الألمانية تنتقل إلى معسكر ميركل
TT

الخلافات الانتخابية الألمانية تنتقل إلى معسكر ميركل

الخلافات الانتخابية الألمانية تنتقل إلى معسكر ميركل

يتفق جميع المحللين السياسيين على أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ستخوض مفاوضات عسيرة مع الليبراليين والخضر لتشكيل حكومتها الرابعة. وسبق لميركل أن عبرت عن استعدادها للحوار أيضا مع الاشتراكيين، من أجل التوصل إلى خريطة طريق تقودها إلى مقر الحكومة في برلين. إلا أن الخلافات داخل معسكرها، والمقصود الخلاف في وجهات النظر بين الديمقراطيين المسيحيين والديمقراطيين الاجتماعيين، لا تقل عن الخلافات المتوقعة مع الخضر والليبراليين عند صياغة البرنامج الحكومي المتوقع لتحالف القوى الثلاث.
لم تشر ميركل، في دعوتها الحوارية لتشكيل الحكومة، بكلمة واحدة إلى الموقف داخل الاتحاد المسيحي المؤلف من حزبها «الديمقراطي المسيحي» والحزب البافاري الشقيق ممثلاً بـ«الاتحاد الاجتماعي المسيحي» وزعيمه هورست زيهوفر.
وهذا ما دفع زيهوفر للقول في مؤتمر صحافي في العاصمة المحلية ميونيخ إن على المستشارة في البداية تسوية الخلافات داخل الاتحاد المسيحي أولاً. وقال زيهوفر: «مستعدون للمشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة، ولكن ليس قبل تسوية الخلافات داخل الاتحاد المسيحي». وأضاف أن «من الصحيح أن تدعو المستشارة الجميع إلى الحوار، ولكن ليس قبل أن نتفق على مسار موحد داخل اتحادنا». ووعد زيهوفر ميركل بخوض النقاشات «بكل صداقة أخوية» مع الحزب الديمقراطي المسيحي حول برنامج العمل المقبل. وأشار زيهوفر إلى أن القضايا الأساسية التي تنغص الأجواء بين الديمقراطيين المسيحيين والاجتماعيين المسيحيين، هي: الموقف من قضية اللجوء، وقضية لمّ شمل عائلات اللاجئين، واعتماد سياسة ترحيل جماعية للاجئين الذين ترفض طلبات لجوئهم؛ إذ يطالب زيهوفر منذ أكثر من سنة، ولو أنه تخلى عن هذا الموقف إبان الحملة الانتخابية، بوضع حد أقصى للاجئين الذين يتم استقبالهم، في حين تفرض ميركل ذلك، وتستعيض عنه بجملة ترتيبات وقوانين تحدّ من الهجرة. وعدّ زيهوفر «الحد الأعلى» مطلباً لا يجوز التنازل عنه في بافاريا. ومعروف أن زيهوفر هدد سنة 2016 بكسر عرى تحالف «الأشقاء المسيحيين» ما لم تتراجع ميركل عن سياسة الباب المفتوح للاجئين. كما هدد، قبل بدء الحملة الانتخابية بقليل، بدخول الانتخابات بصفته حزبا منفصلا عن الحزب الأم، وهدد بترشيح نفسه لمنصب المستشارية أمام المستشارة المخضرمة. وتوّج زيهوفر تهديداته بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة، وتحت تأثير الخسارة الثقيلة التي لحقت بحزبه، بدخول البرلمان بوصفه كتلة منفصلة عن كتلة الحزب الديمقراطي المسيحي. وعدّ مثل هذا الإجراء ضروريا ما لم تتم تسوية الخلافات في قضايا اللاجئين والهجرة.

في هذه الأثناء، بدأت قيادة «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» تصب غضبها على زيهوفر بسبب الهزيمة «الكارثية» لحزبه في الانتخابات. وقذف يوخين كولر، رئيس الحزب في مدينة نورمبيرغ وعضو قيادة الحزب، أول حجر باتجاه بيت زيهوفر الزجاجي حينما طالب باستقالة رئيس الحزب. وقال كولر: «إذا كان رئيس الحزب لا يفكر لثانية واحدة بذلك، فنحن نذكره». وأيده في ذلك توماس زيمايستر، رئيس منظمة الحزب في منطقة غروسهابسدورف، الذي طالب باستقالة زيهوفر، وحمله المسؤولية الشخصية عن «أكبر كارثة» ألمت بالحزب نتيجة «سياسة العناق» مع ميركل.
وشارك في الحملة ضد رئيس الحزب ألكسندر كونيغ عضو البرلمان البافاري الذي قال: «نحن بحاجة إلى مرشح جديد للانتخابات المحلية». وهي إشارة إلى انتخابات بافاريا المحلية في خريف 2018، ودعوة مباشرة لإزاحة رئيس الحزب، لأن المعتاد أن يكون رئيس الحزب هو رئيس الحكومة في بافاريا أيضاً. الأدهى من ذلك، أن كونيغ رشح وزير المالية في الولاية ماركوس زودر لرئاسة الحزب والوزراء في الولاية. ويعرف الجميع بالعلاقة المتوترة بين زيهوفر وزودر ورغبة الأول بإزاحة الأخير عن وزارة المالية.
ومن ناحية الحزب الديمقراطي المسيحي، قال أرمين لاشيت، رئيس الكتلة المسيحية في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، إنه ينتظر مباحثات صعبة للغاية مع حزبي الخضر والليبراليين بسبب الخلافات الكثيرة بين الأطراف الثلاثة.
ودعا البروفسور فيرنر فايدنفيلد، المتخصص بالعلوم السياسية، إلى حظر استطلاعات الرأي في ألمانيا قبل أسبوعين من موعد الانتخابات. وأكد فايدنفيلد أن استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة تؤثر في خيارات الناخبين، خصوصاً المترددين منهم. وأشار الباحث إلى الفرق الكبير نسبياً بين نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة ونتائج الانتخابات الحقيقية، وقال لا بد من وجود خطأ في طريقة استطلاع الرأي.
وقال فايندفيلد إن مفاجأة صعود حزب «البديل لألمانيا» الشعبوي بهذه القوة، وهبوط الأحزاب الكبيرة، يمكن تفسيرها على أساس تردد كثير من الناس في الكشف عن نيتهم انتخاب حزب يميني متطرف حتى في استطلاعات الرأي. كما أشار إلى فشل استطلاعات الرأي في تقدير خسارة «الاتحاد المسيحي» التي تقترب من 9 في المائة. ويبدو أن الملل من «التحالف الكبير» يدفع الألمان، وفي ضوء واقع الحال، إلى تغيير رأيهم بسرعة؛ إذ كشف استطلاع للرأي أجراه معهد «ديماب» بعد الانتخابات أن 57 في المائة يفضلون «التحالف العريض» بين «المسيحيين» و«الليبراليين» و«الخضر» (تحالف جامايكا). وكانت هذه النسبة قبل الانتخابات لا تزيد على 34 في المائة.

ماذا يحدث إذا فشلت ميركل في تشكيل الحكومة؟
ينص الدستور الألماني على أن يجتمع البرلمان الألماني بعد 30 يوماً من موعد الانتخابات. وتنتهي فترة حكم المستشارة، وفترة حكم الحكومة، حال انعقاد الاجتماع الأول للبرلمان الذي يقوده النائب الأكبر سناً بغض النظر عن جنسه أو انتمائه. تواصل الحكومة السابقة مهامها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب المستشار داخل جلسات البرلمان. وتسري جميع القوانين السابقة خلال هذه الفترة الانتقالية، لكنه يتم تجميد أي قوانين جديدة. يسمح القانون الألماني للحزب الفائز بأعلى الأصوات بتشكيل حكومة أقلية. ويبقى على هذه الحكومة أن تبحث في البرلمان عن تحالفات جديدة مؤقتة كل مرة بهدف إقرار أي قرار يتخذ أو أي قانون جديد. يمكن لرئيس الجمهورية أن يدعو إلى حل البرلمان الجديد والدعوة إلى انتخابات جديدة إذا فشل البرلمان 3 مرات في انتخاب مستشار جديد.
نجحت الحكومات المتتالية في الخمسينات والستينات في إنجاز التحالفات الحكومية قبل انعقاد الجلسة البرلمانية الأولى. واستغرق ذلك 73 يوماً في السبعينات والثمانينات بوصفه معدلا. واحتاجت ميركل إلى 90 يوماً سنة 2013 إلى أن توصلت إلى صياغة برنامج التحالف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.