بلجيكا: مداهمات جديدة تلاحق أعضاء جماعات متشددة

شرطي من أصول إسلامية أمام قاضي التحقيقات لتسريبه معلومات لمتطرفين

شارع في مولنبيك أغلقته الشرطة أثناء مداهمة («الشرق الأوسط»)
شارع في مولنبيك أغلقته الشرطة أثناء مداهمة («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا: مداهمات جديدة تلاحق أعضاء جماعات متشددة

شارع في مولنبيك أغلقته الشرطة أثناء مداهمة («الشرق الأوسط»)
شارع في مولنبيك أغلقته الشرطة أثناء مداهمة («الشرق الأوسط»)

قال الادعاء البلجيكي أمس إن الشرطة فتشت ثمانية منازل في العاصمة بروكسل وفي محيطها في إطار التحقيق بشأن مواطنين انضموا للجماعات المتشددة في سوريا عام 2014. ولم يذكر الادعاء ما إذا كانت قوات الأمن قد اعتقلت أحدا كما لم يعط معلومات إضافية عن سير التحقيق. وأثارت سلسلة من الهجمات على مدن أوروبية مخاوف من احتمال عودة المواطنين الذين سافروا للانضمام للمتشددين في سوريا والعراق بغية شن المزيد من الهجمات في أوطانهم.
ويأتي ذلك بعد أن جرى الإعلان في بروكسل أن السلطات البلجيكية أجرت تحقيقا، حول تورط رجل شرطة في بروكسل، بتسريب معلومات لأشخاص مشتبه في علاقتهم بالإرهاب، وذلك عبر رسائل عن طريق واتساب، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام في بروكسل، وأضافت أن رجل الشرطة ويدعى «مومو»، وهو ينتمي في أصوله إلى إحدى دول شمال أفريقيا، ويوجد حاليا داخل السجن. وحسب المصادر نفسها ومنها موقع صحيفة «لاتست نيوز» الناطقة بالهولندية، فقد بدأت الشرطة في بروكسل واللجنة البرلمانية «بي» المكلفة بمراقبة عمل الأجهزة الأمنية، في تحقيق منذ أسابيع للاشتباه في تورط رجل شرطة بتسريب معلومات سرية حول ملف تحقيقات تتعلق بالإرهاب ولكن لم يتم تحديد عدد الرسائل التي قام رجل الشرطة بإرسالها أو كم المعلومات التي قام بتسريبها. وأشارت إلى أن طبيعة عمل الرجل كانت توفر له معلومات حول مكان وتوقيت التحرك للعناصر الأمنية لإجراء مداهمات مما وفر الفرصة للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب للتعرف على كل الأمور في توقيتها نفسه ولكن لم يعرف حتى الآن الفترة التي استغرقتها المراسلات بين رجل الشرطة وهؤلاء الأشخاص. وأمر قاضي تحقيق في بروكسل باعتقال رجل الشرطة في مكتبه الأسبوع الماضي على خلفية التورط في أمور تتعلق بالفساد وخرق سرية العمل، ولم يتم حتى الآن توجيه أي اتهامات له تتعلق بالإرهاب، وجرى إيداعه السجن لحين عرضه على الغرفة الاستشارية في محكمة بروكسل خلال الساعات القادمة، لتقرر ما إذا كان سيتم التجديد له بالحبس أو إطلاق سراحه. ووفقا لتقارير إعلامية محلية ألقت الشرطة القبض على ضابط من أصل مغربي، وسيمثل أمام المحكمة في بروكسل، بتهمة إفشاء أسرار مهنية وتلقي الرشوة. ووفقا لمصادر إعلامية بلجيكية، أكدت نقل المتهم إلى سجن سانجيل، جراء تورطه في كشف معطيات سرية عبر وسائل إلكترونية «واتساب» لأشخاص متورطين في عمليات إرهابية. ويتعلق الأمر، حسب المصادر ذاتها، بياسين عطار شقيق أسامة عطار العقل المدبر لهجمات بروكسل وباريس وابن عم الأخوين إبراهيم وخالد البكراوي، اللذين فجرا نفسيهما في مطار ومترو بروكسل في 22 مارس (آذار) من السنة الماضية.
وتتضمن الرسائل الذي بعث بها المتهم «محمد س» الملقب بـ«مومو» الذي يعمل كضابط شرطة بمقاطعة سكاربيك ببروكسل، مواعيد وعناوين المداهمات التي كانت الشرطة البلجيكية تعتزم القيام بها في محاولة منها لاعتقال المشتبه بهم، على حد تعبير المصادر المذكورة. وفي مطلع الشهر الحالي وافق القضاء البلجيكي على تسليم فرنسا، بموجب مذكرة توقيف أوروبية، ياسين عطار شقيق أحد المنسقين المفترضين لاعتداءات باريس وبروكسل، وقال متحدث باسم النيابة إن مذكرة التوقيف «باتت قابلة للتنفيذ» مؤكدا خبرا نشرته صحيفة «لا دارنيير أور» لكن تسليم المعني لفرنسا قد يتطلب عدة أشهر لأنه متورط في عدة ملفات في بلجيكا. وإصدار مذكرة توقيف أوروبية يعني أن قضاة التحقيق الفرنسيين المكلفين التحقيق في اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 بباريس (130 قتيلا) يرغبون في الاستماع إلى ياسين عطار كمقدمة ربما لتوجيه الاتهام إليه. وهو متهم في بلجيكا في الكثير من الملفات خصوصا في إطار القسم البلجيكي من التحقيق في اعتداءات 13 نوفمبر بـ«عمليات قتل إرهابية» و«المشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية كقيادي». وفي يونيو (حزيران) الماضي اعتبر قاضي التحقيقات في بروكسل، أن ياسين عطار «30 عاما»، مشتبه به في التورط بعملية قتل إرهابيه والمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية كــــ«قيادي»، وذلك بحسب ما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي البلجيكي.
وكانت السلطات اعتقلت ياسين في 27 مارس الماضي للاشتباه في علاقته بالإرهاب وكان يشتبه وقتها بأنه قام شخصيا بالتحضير لعمل إرهابي، كما عثر معه أثناء اعتقاله على مفتاح لسكن في بلدية سخاربيك ببروكسل، والذي استخدم كمقر لتصنيع المتفجرات التي استخدمت في هجوم باريس. وفي السكن نفسه اختبأ صلاح عبد السلام لفترة من الوقت بعد أن نجح في العودة من باريس إلى بروكسل، وكان هو الناجي الوحيد من فريق تنفيذ الهجمات، وقبل القبض عليه في مارس من العام الماضي قبل أيام من تفجيرات بروكسل، التي شملت مطار العاصمة البلجيكية ومحطة للقطارات الداخلية. وياسين عطار هو شقيق أسامة عطار والمشتبه في أنه لعب الدور الكبير في التخطيط لهجمات بروكسل وتربطه لصلة قرابة بالأخوين إبراهيم وخالد البكراوي وكلاهما فجر نفسه في هجمات بروكسل. وفي أغسطس (آب) من العام الماضي تطورت الأمور، وتصاعد الجدل، بشكل كبير، في ملف مشاركة الخارجية البلجيكية في ممارسة الضغوط على الحكومة العراقية، خلال حملة انطلقت في العام 2010 لإطلاق سراح أسامة عطار بسبب ظروف إنسانية، ولكن بعد إطلاق سراحه في 2012 وخضوعه للتحقيق لفترة من الوقت في بلجيكا اختفى أسامة عن الأنظار. وأصبح أسامة عطار 32 سنة هو المطلوب الأمني الأول في بلجيكا، فهو صديق شخصي لأبوبكر البغدادي زعيم «داعش» وكان معه في السجن بالعراق عام 2005، كما أنه نجح في إقناع خالد وإبراهيم البكراوي بالمشاركة في تنفيذ تفجيرات بروكسل في مارس الماضي، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية، وأضافت بأن شقيقته أسماء نجحت في العام 2010 في تدشين حملة شارك فيها شخصيات سياسية ومنها أعضاء من حزب الخضر، وأيضا منظمة العفو الدولية، للضغط من أجل إطلاق سراح أسامة من سجون العراق، بدعوى أنه مريض بسرطان الكبد. ونجحت تلك الحملة في إطلاق سراحه بعد سبع سنوات من السجن الذي دخله عام 2003. ولكن سرعان ما اختفى أسامة عن الأنظار وعن رقابة السلطات المعنية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».