شاشة الناقد

سام إليوت في «البطل».
سام إليوت في «البطل».
TT

شاشة الناقد

سام إليوت في «البطل».
سام إليوت في «البطل».

> الفيلم: The Hero
> إخراج: ‪برت هايلي‬
> النوع: دراما. الولايات المتحدة (2017)
> تقييم: **

• الممثل سام إليوت هو قطعة من السينما الذابلة. تلك التي كان هو، في السبعينات أحد وجوهها المعروفة. لم يكن نجماً في حياته، لكنه كان ممثلا هام حبّـاً بأفلام الوسترن وهام به حبّـاً جمهور أميركي؛ كونه يحمل تقاسيم الوجه المناسبة والروح الملائمة لشخصيات الغرب التي مضت. هو وصل إلى قمّـة شهرته عندما قاد بطولة عدد من المسلسلات والأفلام التلفزيونية في الثمانينات في «كوناغر» و«السريع والميت» و«ترافيز ماكجي» من بين أخرى كثيرة.
هو أيضاً موضوع هذا الفيلم. ليس أن «البطل» هو فيلم تسجيلي عن الممثل إليوت، لكن الشخصية التي يؤديها باسم لي هايدن، وهي الشخصية الأولى، تستعير بكثافة من صعود وهبوط سام إليوت كممثل أفلام كاوبوي سابقة يعيش الآن حياة هادئة على عكس رغبته.
في مطلع الفيلم نراه يمثل إعلاناً لإحدى الإذاعات حول منتج بقري مناسب للعشاء. بعد ذلك نراه يتلقف الخبر السيئ: هو مصاب بالسرطان ولديه بعض الوقت ليعيش. وفي محطة لاحقة سيتعرف إلى امرأة تصغره سنا (لورا بريبون) التي لا يبدو أنها مرتبطة، بل منفتحة على علاقة عاطفية لا تعرف سببها ولا نحن كذلك.
بين هذه المحطات وسواها، يهوى الفيلم تصوير هايدن وحيداً في البيت ووحيداً على شاطئ البحر وفي السيارة التي يقودها. فكرة المخرج (الذي شارك في كتابة السيناريو) هي تقديم تراجيديا ممثلة في شخص رجل ما عاد يطلبه أحد، وعندما تأتيه الفرصة لاستعادة بعض كيانه السابق، يرتبك ويقدم تجربة فاشلة.
الحبكة بسيطة كذلك معالجتها. آخر ما يمكن أن نجده هنا هو عقدة سواء بحل أو من دون حل. نعم هناك مسألة إصابته بالسرطان وهناك مشكلة أنه بات في سن متقدمة خسر معها تلك الهالة التي كانت تحيط به، لكن هذه مجرد لزمات عضوية للحكاية ولا ينتج منها ما يحولها إلى تحديات مهمّـة تؤدي إلى تصاعد في الأحداث.
لهايدن ابنة شابة اسمها لوسي (كرستن ريتر) وجلّ ما يستطيع الفيلم فعله في هذا الشأن هو إظهار رغبة بطله في التواصل مع ابنته بعد قطيعة طويلة شاهدنا مثيلاً لها في أفلام أخرى سابقة. كان من الأجدى التطرّق إلى مواضيع أعلى وأهم، لكن المخرج أراد للفيلم البساطة الفكرية والدرامية والنتيجة أن العمل هو كذلك وعلى نحو سلبي.
على الرغم من ذلك، هناك ما يتسلل إلى ذوات مشاهديه مقدرين قيام الممثل إليوت بتقديم ما يبدو سيرته الخاصّـة أو ما يقاربها. وهو يؤدي الدور بعاطفة مكبوتة ومناسبة. كذلك يقدّر للفيلم أنه، وفي الجانب الإيجابي من تلك البساطة، حافظ على سلاسة سرده من دون معيقات. طبعاً، ما بين هذه السلاسة وبعض التحديات والمجابهات التي كان يمكن للفيلم الإتيان بها، يفضل الناقد الحل الثاني عوض أن يأتي العمل خاليا من النزاعات ذات الحدة، على الرغم من أنه يملك أسبابها.
سام إليوت ليس لديه الكثير مما هو مطلوب منه. كل ما عليه القيام به هو أن يكون سام إليوت. وبينما هذا مناسب، وبل ضروري، لو كان الفيلم تسجيلياً عن حياته، إلا أنه ليس كذلك عندما يكون العمل روائياً يتطلب القدر الأدنى من الانفصال عن الواقع من دون خيانته.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.