أنقرة تتداول سيناريوهات الرد على استفتاء كردستان... وتحذر من «اللعب بالنار»

TT

أنقرة تتداول سيناريوهات الرد على استفتاء كردستان... وتحذر من «اللعب بالنار»

في محاولة لإظهار إبقائها على كل الاحتمالات مفتوحة في مواجهة الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق المزمع أجراؤه الاثنين المقبل واصلت أنقرة تجهيز جميع أوراقها للضغط على إدارة مسعود بارزاني بدءا من التهديد بالتدخل العسكري إلى فرض العقوبات إلى مساعي الوساطة بين أربيل وبغداد.
وفي هذا الإطار، عقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اجتماعا أمس الأربعاء مع قادة القوات المسلحة التركية (البرية والجوية والبحرية) إضافة إلى قائد قوات الدرك في العاصمة أنقرة الكل على حدة.
وذكرت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات ركزت على التطورات المتلاحقة في سوريا والعراق لا سيما استفتاء انفصال إقليم شمال العراق، والتوقعات بقرب إطلاق الجيش التركي عملية عسكرية في شمال سوريا فضلا عن احتمالات التدخل العسكري في شمال العراق وتأمين الحدود التركية تحسبا لأي تطورات. وجاءت اللقاءات قبل يومين فقط من اجتماعين لمجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي التركي الذي قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه سيتم خلالهما إقرار خطط تركيا للرد على استفتاء كردستان.
ونشرت تركيا قواتها وآلياتها العسكرية أول من أمس بمواجهة إقليم كردستان وحذرت من أن أي محاولة لتقسيم العراق أو سوريا ستؤدي إلى صراع عالمي.
في السياق ذاته، وصف نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، في كلمة خلال مؤتمر دولي حول الثقافة والديمقراطية عقد في العاصمة أنقرة أمس، إصرار مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان على إجراء الاستفتاء بأنه لعب بالنار قائلا إنه (بارزاني) أول من سيكتوي بهذه النار، ومن ثم سيتسبب بمشاكل كبيرة في المنطقة. ودعا بوزداغ بارزاني إلى العدول عن قرار إجراء الاستفتاء قائلاً: «قرار الإقليم الكردي بشأن» الاستفتاء على الانفصال، طريق خطر وخاطئ، وبارزاني يلعب بالنار، عليه العدول عن الاستفتاء والاحتكام للعقل السليم.
واعتبر بوزداغ الاستفتاء بمثابة قنبلة موجهة إلى أمن واستقرار ورخاء منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن شمال العراق يقطنه إلى جانب الأكراد، التركمان والعرب أيضا، كما أن جزءا من الأكراد يرفضون إجراء الاستفتاء، كما ترفضه تركيا وإيران والأمم المتحدة والحكومة المركزية في بغداد.
وأضاف أن من حق تركيا اتخاذ جميع التدابير اللازمة تجاه أي تطور يهدد أمنها القومي، وأنّ موقف تركيا من الاستفتاء واضح وعلى الجميع أن يدرك ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.