معارضون: أميركا تخلي قاعدة في الصحراء الجنوبية بسوريا

مكاسب النظام وحلفائه جعلت القاعدة عديمة الجدوى

TT

معارضون: أميركا تخلي قاعدة في الصحراء الجنوبية بسوريا

قالت مصادر من المعارضة السورية، أمس، إن قوات أميركية ومقاتلين عرباً متحالفين معها أخلوا قاعدة عسكرية أقاموها في يونيو (حزيران) في الصحراء السورية، بالقرب من الحدود مع العراق، ونقلوا موقعهم إلى قاعدتهم الرئيسية في التنف.
وقالت المصادر لـ«رويترز»، إن هذه الخطوة تأتي بعد اتفاق بين واشنطن وموسكو لترك قاعدة الزكف، الواقعة على بعد نحو 60 إلى 70 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من التنف.
واكتسب الرئيس السوري بشار الأسد زخماً في الحرب الأهلية المستمرة منذ ستة أعوام، لكن جماعات معارضة ما زالت تسيطر على مناطق واسعة مزدحمة بالسكان في شمال غربي وجنوب غربي البلاد، فضلاً عن جيوب في مناطق أخرى.
وأنشأت الولايات المتحدة قاعدة الزكف لوقف تقدم الجيش السوري والمقاتلين المتحالفين معه، الذين تدعمهم إيران من المنطقة الواقعة شمال التنف تجاه الحدود العراقية، بعدما تمكنوا من عزل مقاتلين معارضين تدعمهم واشنطن وحصارهم.
وقال قيادي في جماعة «مغاوير الثورة» المعارضة: «أخلينا القاعدة بعد أن اتفق حلفاؤنا مع الروس للانسحاب. نقلنا كافة العتاد ودمرنا التحصينات حتى لا يعاد استخدامها مرة أخرى من قبل النظام وميليشياته الشيعية».
و«مغاوير الثورة» جماعة معارضة مسلحة تدعمها وزارة الدفاع الأميركية، أدارت القاعدة والدوريات العسكرية حول التنف. وأقيمت قاعدة الزكف في وقت كان التوتر فيه شديداً، عندما هاجم تحالف تقوده الولايات المتحدة، مقاتلين تدعمهم إيران، عدة مرات، لإيقاف تقدمهم صوب التنف، القريبة من حدود سوريا مع العراق، ليضمن سلامة قواته.
وقال القيادي بجماعة مغاوير الثورة: «القاعدة كانت خط دفاع أول ضد النظام والميليشيات الشيعية المتحالفة معه، ولكن الآن مبرر البقاء لم يعد قائماً، وهدفنا إعادة التجمع والتركيز على وجودنا في التنف».
وكانت المعارضة المسلحة المدعومة من الغرب تأمل في ذلك الحين أيضاً في استخدام القاعدة، لبسط السيطرة على مزيد من الأراضي على امتداد الحدود العراقية، والتقدم صوب دير الزور في شرق سوريا.
لكن تقدم قوات النظام وحلفائها من وسط سوريا، وتقدم القوات التي يدعمها «التحالف» من شمال سوريا اقترب من المدينة، ما جعل مسعى المعارضة من الجنوب عديم الفائدة.
ومع انتقال المعارك إلى دير الزور، قال دبلوماسي غربي مطلع على الوضع، وبناء على تقارير المخابرات، إن معظم القوات التي تدعمها إيران انسحبت من المنطقة حول التنف.
وفي الوقت نفسه، ضغطت دول غربية وعربية على جماعات المعارضة، التي تدعمها في المنطقة الصحراوية قليلة السكان، للانسحاب من سوريا والتقهقر إلى الأردن، الأمر الذي تقاومه جماعات المعارضة حتى الآن.
والآن عززت واشنطن وموسكو التعاون في سوريا، وتوسطتا في وقف إطلاق النار في الجنوب الغربي، وكان ذلك أول تفاهم بينهما منذ بداية الصراع.
وقال الدبلوماسي، إن التحرك الآخر جاء في إطار جهد أوسع اشتمل على وقف إطلاق النار. وأضاف الدبلوماسي (الذي طلب عدم نشر اسمه) لـ«رويترز»: «هذه أحدث نتيجة للمحادثات السرية الأميركية الروسية الجارية بشأن جنوب سوريا».
كانت قاعدة التنف، الموقع الوحيد الذي يضم قوات أميركية كبيرة في سوريا، خارج الشمال الخاضع لسيطرة الأكراد، حيث تملك واشنطن قواعد جوية أكبر كثيراً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».