قلعة ستوكساي من أجمل المزارات التاريخية في إنجلترا

معلم ومعلومة

قلعة ستوكساي التاريخية  -  تعتبر زيارتها من بين أجمل زيارات المهتمين بالتاريخ في بريطانيا
قلعة ستوكساي التاريخية - تعتبر زيارتها من بين أجمل زيارات المهتمين بالتاريخ في بريطانيا
TT

قلعة ستوكساي من أجمل المزارات التاريخية في إنجلترا

قلعة ستوكساي التاريخية  -  تعتبر زيارتها من بين أجمل زيارات المهتمين بالتاريخ في بريطانيا
قلعة ستوكساي التاريخية - تعتبر زيارتها من بين أجمل زيارات المهتمين بالتاريخ في بريطانيا

على مقربة من الحدود الويلزية، وعلى مسافة 50 ميلا غرب مدينة برمنغهام، يقع قصر «ستوكساي كاسل» الذي يعد أحد أكثر القصور البريطانية جمالا وعراقة. يعود تاريخ القصر إلى العصور الوسطي في إنجلترا، حيث كان مِلكا لأحد أكثر الإنجليز ثراء في زمانه. ويوصف القصر بأنه أحد أجمل قصور الإقطاعيين في العصور الوسطى بإنجلترا، والتي لا تزال محتفظة بحالتها.
يعود تاريخ بناء القصر الذي يقع في وادي على مقربة من الطريق الفاصل بين منطقتي لودلو وشروزبري إلى الثمانينات والتسعينات من القرن الثالث عشر، وكان مِلكا للورنس لودلو الذي كان أكبر تجار الصوف في إنجلترا.
كان لودرو يشتري الصوف من المزارعين المحليين في إنجلترا ثم يسافر به إلى ما يعرف اليوم بهولندا وبلجيكا. كان نجاحه تاجرا سببا في أن يفكر في شراء قطعة أرض بمنطقة ستوكساي ليبنى فوقها قلعة صارت محل لإقامته ومكانا لاستقبال ضيوفه. كان الرجل ثريا للحد الذي جعل الملك إدوارد الأول يقترض منه المال ويطلب مشورته في الأمور المالية. في عام 1294، عندما احتاج الملك إدوارد الأول إلى المال إلى تمويل حرب ضد فرنسا، نصحه لورانس بزيادة الضرائب على موردي الصوف بواقع 300 في المائة. غير أن تلك الزيادة لم تكن معتادة لدى تجار الصوف آنذاك، ويقال إنهم لم يستطيعوا إخفاء سعادتهم عندما غرق لورنس أوف لودلو في البحر نتيجة عاصفة هبت على سفينته خلال رحلته إلى أوروبا في نوفمبر (تشرين الثاني) 1294، وبقي القصر ملكا لأحفاده لنحو 350 عاما بعد ذلك.
للوهلة الأولى، يبدو قصر ستوكساي قلعة عسكرية؛ نظرا لتصميمه وللخندق المائي الذي يحيطه، والأسوار العالية من حوله، والبرج الذي يتخذ وضعية دفاعية. غير أن تلك الهيئة ليست سوى مظهر خارجي؛ فلم يكن القصر يقوى على مواجهة حصار حقيقي بسبب النوافذ والفتحات الكبيرة التي تفضي إلى مبني الصالة الرئيسية. بيد أنه لم يكن هناك الكثير من الزخارف في الحوائط ولا في الخندق المائي، فقد كان اهتمام لورانس ينصب على حماية ثروته؛ ولذلك عزز دفاعات القلعة بالشكل الذي يكفي لمنع تسلل اللصوص.
ويدخل الزوار القصر اليوم من خلال بوابة خشبية رائعة الشكل يعود تاريخ بنائها إلى عام 1640، وهي قريبة الشبه بأبواب غيرها من المنازل بالمنطقة. وعلى امتداد الساحة التي تغطيها الأعشاب ستجد الصالة الأصلية التي كان يستقبل فيها ضيوفه، وبها نوافذ كبيرة تطل على الخندق المائي. في أحد أركان الصالة يصعد الضيوف إلى الطابق الثاني باستخدام سلم خشبي عمره نحو 700 عام. وفي أعلى السلم غرف تضمها ردهة خشبية تطل أيضا على الخندق المائي. وبمحاذاة الصالة الرئيسية هناك برج حصين مبني من الحجر كان لورانس أوف لودلو يحتفظ بمقتنياته الثمينة بداخله. وتضم الأدوار العلوية غرفا جرى تعديلها وتحديثها في القرن الثامن عشر بإضافة كسوة من الألواح الخشبية رائعة الجمال.
وشأن الكثير من القصور، فقد تحول قصر ستوكساي إلى مكان بارد وجاف ولا يصلح للعيش، وتحول إلى مكان مهجور بعد أن غرق في غياهب النسيان. لكن بحلول القرن التاسع عشر، آلت ملكية القصر والأرض المحيطة به إلى اللورد كرافين.
ونظرا لكونها سيدة محلية تلقت تعليما راقيا، أدركت فرانسيز ستوكهاوس أكتون قيمة القصر التاريخية وأهميته وأقنعت اللورد كرافين بإنفاق المزيد من المال لإيقاف تدهوره، وهو ما حدث، لكنه قرر بعدها بيع القصر إلى جون دربي ألكروف الذي وقع هو وأحفاده في غرام القصر وبذلوا أقصى ما في وسعهم للمحافظة على بقائه في حالة جيدة. لكن بنهاية القرن التاسع عشر، وجدت العائلة أن النفقات زادت عن مقدرتهم. وكان ذلك سببا في تحول ملكية القصر إلى ما يسمى بـ«هيئة التراث الإنجليزي» المنوط بها الاهتمام بعدد من أهم المباني التراثية في البلاد، منها قلعتا ستونهنغ، ودوفر كاسل.
القلعة مفتوحة سبعة أيام في الأسبوع حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام. وفي شهور الشتاء يفتح القصر أبوابه في أيام عطلة نهاية الأسبوع فقط.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».