اعتداء «داعش» و{بريكست} يتقاسمان اهتمام صحف بريطانيا

«كاسيني» توحد الصحف الأميركية وسط انقسام إزاء مواقف ترمب

اعتداء «داعش» و{بريكست} يتقاسمان اهتمام صحف بريطانيا
TT

اعتداء «داعش» و{بريكست} يتقاسمان اهتمام صحف بريطانيا

اعتداء «داعش» و{بريكست} يتقاسمان اهتمام صحف بريطانيا

عاد إرهاب «داعش» إلى واجهة الصحف الأوروبية وخاصة البريطانية نهاية الأسبوع بعد اعتداء إرهابي فاشل استهدف محطة بارسونز غرين لمترو أنفاق غرب لندن صباح الجمعة وجرح على أثره 30 راكبا مما دفع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى رفع مستوى التأهب الأمني إلى أقصى درجة.
وقبل الحادث الإرهابي كان النقاش ساخنا في الصحف البريطانية طيلة الأسبوع حول ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى جانب ملف كوريا الشمالية وأقلية الروهينغا إضافة إلى الحرب في سوريا واستعدادات أربيل للقيام باستفتاء الاستقلال.
الصحف الصادرة صباح الأحد خصصت أغلب عناوينها الأولى للحادث، وتفاصيل مداهمات في جنوب لندن بحثا عن مشتبه بهم في تنفيذ العملية الإرهابية. فيما أثارت بعض الصحف النقاش حول القوانين التي تهدف إلى منع الإرهابيين من الحصول على مكونات صنع قنابل. وتحدثت في تقاريرها عن وجود ثغرات في طرق بيع المواد الكيماوية.
أما الصحف الفرنسية فتنقلت بين ملفات تهديد الخطر النووي ومخاوف من صعود النازيين الجدد وتدفق اللاجئين إلى فرنسا. وخصصت «لوفيغارو» المانشيت لمعضلة الهجرة السرية. «المحاكم طفحت بقضايا المتسللين» عنونت الصحيفة في معرض حديثها عن اكتظاظ أروقة قصور العدل بمحاكمات تطال «شبكات تهريب البشر وأيضا أعمال النهب والسرقة وكلها مرتبطة» وتحدثت «لوفيغارو» عن تدفق المهاجرين وقد أحصت من بينهم 18 ألف قاصر.
«لوموند» من جهتها خصصت عناوينها الكبرى لمخاطر انتشار السلاح النووي على خلفية أزمة كوريا الشمالية وكذلك إيران. «لوموند» تناولت أيضا موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وقد أشارت إلى أنه يتردد بالقضاء عليه رغم معارضته الشديدة لنص يعتبر من إنجازات خلفه باراك أوباما.
وفي «لوموند» نقرأ عن «جحيم بورما بأعين الأيتام الروهينغا» كما عنونت مقالها. موفد الصحيفة الخاص إلى مخيمات اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش ينقل شهادات ثمانية أطفال فقدوا أهلهم.
واهتمت الصحف البلجيكية بهجمات لندن والهجوم على جندي فرنسي في باريس وذلك في صحيفتي «ستاندرد» و«دي مورغن»، كما اهتمت الصحف بخطاب رئيس المفوضية الأوروبية أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ جون كلود يونكر. وتحت عنوان «آخر فرصة ليونكر» كتبت «لوسوار» أنه ألقى خطابا حول حالة الاتحاد وتناول فيه بعض الملفات الساخنة والاستراتيجية وخاصة مستقبل الاتحاد الأوروبي والتجارة والهجرة. من جانبها، أشارت جريدة «ليكو» إلى أن المفوضية الأوروبية أعلنت حزمها خلال هذه الولاية التشريعية في حين يعيش فيه الاتحاد الأوروبي اضطرابات منذ سنوات لا تبدو أنها ستتوقف بسبب ملفات كالبريكست، وأزمة المهاجرين، وتنامي الشعبوية والانقسام بين شرق وغرب أوروبا والتوتر مع تركيا».
من جهة ثانية، غطت افتتاحيات الصحف الأميركية الرئيسية، تقلبات الرئيس دونالد ترمب بعدما دعا فجأة قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس إلى اجتماع في البيت الأبيض، واتفقوا على إجازة الميزانية السنوية (لأول مرة منذ سنوات)، وعلى رفع سقف ديون الحكومة من البنوك (وصل السقف إلى 20 مليار دولار). ثم دعاهم، مرة أخرى، واتفقوا على إمكانية إجازة قانون «داكا» (إعفاء مليون مهاجر غير قانوني لأن أهلهم أحضروهم إلى أميركا وهم صغار في السن. يسمون بالحالمين بالحلم الأميركي).
وتحت عنوان «ترمب الجبان» قالت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»، إنه لم يتجرأ على تقديم مبادرة لإعفاء «جيل الحالمين»، بل تذرع باتفاق مع الديمقراطيين.
وقالت افتتاحية صحيفة «لوس أنجليس تايمز» تحت عنوان «ترمب عديم القلب»، إنه قدم استئنافا إلى المحكمة العليا (وكسبه) بمنع دخول عشرات الآلاف من اللاجئين. وأضافت الافتتاحية: «ها هو ترمب، في عصر تضاعفت فيه أعداد اللاجئين حول العالم، يمنع دخولهم الولايات المتحدة. ظلت الولايات المتحدة، دائما، ملجأ للاجئين. لكن، ليس في عهد ترمب كما يبدو».
غير مشاكل ترمب، شهد الأسبوع الماضي حدثا وحد الأميركيين: وصول مركبة الفضاء «كاسيني» إلى كوكب زحل، محققة انتصارات تاريخية. صحيفة «شيكاغو تربيون» رأت أن «كاسيني» لم تكتشف خفايا كوكب زحل فقط. حيث اكتشفت قمرين يدوران حوله «تيتان» و«انكلاديوس». هكذا أسهمت في معرفة مزيد من أسرار الفضاء، وربما إمكانية وجود حياة هناك. وذكرت صحيفة «ديلي برورغريس» أنه «على مسافة 5 مليارات ميل في الفضاء البعيد، وبعيدا جدا عن مشاكلنا واشتباكاتنا وحروبنا، أوضحت كاسيني أن البشر، رغم كل هذه، قادرون على أن يكونوا إنسانيين».
وكتبت صحيفة «بتسبيرغ بوست»: «يقولون: صار العالم قرية. لكن، أثبتت سفينة الفضاء كاسيني أن الفضاء، أيضا، أصبح قرية». بدورها، قالت صحيفة «نيويورك بوست»: بعد رحلة 20 عاما، وصلت «كاسيني» إلى هدفها. لسوء حظها، وحظنا، كان لا بد أن تتحطم عندما تصل إلى الهدف (تحطمت على سطح زحل). لكن، ربما هذا أعظم «انتحار» في تاريخ البشرية.
وقالت افتتاحية صحيفة «وول ستريت جورنال»: «بعد 20 عاما في رحلة كاسيني في الفضاء «انتحرت». يا له من أعظم «انتحار».


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.