50 حصة صينية في القطاع المالي الأوروبي

اتجاه استحواذي متعاظم يقلق بروكسل

النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيرمانز يلقي كلمته في بروكسل أمس (رويترز)
النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيرمانز يلقي كلمته في بروكسل أمس (رويترز)
TT

50 حصة صينية في القطاع المالي الأوروبي

النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيرمانز يلقي كلمته في بروكسل أمس (رويترز)
النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيرمانز يلقي كلمته في بروكسل أمس (رويترز)

لاحظ مصرفيون أوروبيون في الآونة الأخيرة، زيادة لافتة في نوايا الاستحواذ الصيني على حصص في القطاع المالي الأوروبي. ويستدل هؤلاء على ذلك بمؤشرات واضحة، مثل استحواذ مجموعة «إتش إن إيه» الصينية القابضة على 10 في المائة من مصرف «دوتشيه بنك» الألماني العالمي، وإعلان نية استحواذ مجموعة «سينو غارونتيه» الصينية على حصة من شركة «كوفاس» الفرنسية الأولى المتخصصة في التأمين والتمويل وضمان الاستثمار.
وفي فرنسا أيضاً يرصد مراقبون نية صندوق «أوسيون وايد» الصيني شراء حصة أغلبية في شركة «سي إيه بي» للتأمين.
ويضاف إلى ذلك إعلان مجموعة «أنبانج» الصينية أنها تدرس شراء حصص في شركة «آليانز» الألمانية العملاقة للتأمين، ضمن خطط لتأسيس إمبراطورية مالية عالمية، وأعلنت النية نفسها مجموعة «إتش إن إيه» الصينية، علماً بأن الصفقة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وأكد مصرفي متابع لهذا النوع من العمليات «أن الصينيين باتوا أكثر تركيزاً من ذي قبل، ويعرفون ماذا يريدون للمرحلة المقبلة. فبعد الاستحواذات العشوائية الكثيفة في عشرات القطاعات، يركزون الآن على القطاع المالي». وذكر أن الحصص الصينية في القطاع المالي الأوروبي يتجاوز عددها الخمسين حصة الآن، أبرزها في بريطانيا (18) وفي هولندا (6) وفي ألمانيا (5) وفي البرتغال (5) وفي لوكسمبورغ (4) وفي بلجيكا (3)، بالإضافة إلى حصص أخرى في وحدات مالية ومصرفية فرنسية ونمساوية وبلغارية وتشيكية ودانماركية وسويسرية.
وورد في إحصائية وضعت بتصرف المفوضين الأوروبيين الأسبوع الماضي «أن الاستحواذات الصينية تستهدف القطاع المالي الأوروبي أكثر من نظيره الأميركي، وبفارق 100 في المائة من حيث القيمة منذ 2014. أي أن الاستحواذات الصينية في أوروبا تساوي ضعف تلك المنفذة في الولايات المتحدة».
وأشارت الإحصائية إلى أن المسألة تتسارع منذ سنتين، وتحديدا منذ استكمال شركة «فوسان» الصينية وضع يدها على أكبر بنك برتغالي مدرج وهو «بي سي بي».
وفي تحليل لتلك الإحصائية جاء «أن المجموعات الصينية التي توسعت كثيراً في شراء حصص أغلبية أو أقلية في قطاعات السياحة والفندقة والطيران والتجارة والصناعة والتكنولوجيا... تسعى الآن لإحاطة كل ذلك باستحواذات في قطاعات المصارف والتأمين وإدارة الثروات، أي في قطاعات تخدم مالياً الاستحواذات الأولى التي استهدفت القطاعات الإنتاجية. ويذكر في هذا السياق أن القطاع المالي مستثنى من الإجراءات الصينية الجديدة التي حدت من شراء حصص في عدد من القطاعات، مثل العقار والرياضة والترفيه، لا بل إن السلطات في بكين تشجع الاستثمار المصرفي ضمن مشروع طريق الحرير الممتد من بكين إلى لندن. فعلى طول هذا الطريق مطلوب وحدات لتمويل المشروعات على أنواعها، لا سيما مشروعات البنية التحتية واللوجستية. وتشجع السلطات المجموعات المرتبطة بها أيضاً على ذلك لتحسين إدارة المخاطر لديها، والتركيز على الأهداف الاستراتيجية. وهذا يناسب تلك المجموعات التي تسعى إلى التكامل في أنشطتها التي كان ينقصها التمويل أحيانا وهي الآن تسعى إليه».
ويوضح المصرفيون المتابعون أن: «تلك المجموعات الاستثمارية الصينية تريد استكمال ما تقدمه للطبقة المتوسطة والأثرياء الصينيين بخدمات مالية وتأمينية في الخارج. وهذا يلتقي مع هدف السلطات في مراقبة خروج الرساميل، ومعرفة كيف تدار الثروات الصينية في الخارج؛ لا سيما أنها لا تثق كثيرا بالقطاع المالي المحلي الهش».
ويضاف إلى ما سبق بعض الأسباب الأخرى، مثل «أن اليوان ليس عملة تحويل عالمية، لذا فأي استحواذ على بنك أوروبي سيسمح بدخول الأسواق المحلية (الأوروبية) للحصول على عملات صعبة لتمويل الاستحواذات الاستراتيجية الأخرى؛ لا سيما الصناعية التي تعتبرها بكين حجر الزاوية الأول والأخير في توسعها العالمي».
ويشير محلل أسواق مالية أوروبية إلى «أن الاستثمار في مؤسسات عملاقة مثل (دوتشيه بنك) و(آليانز) و(كوفاس) يدر عوائد أكيدة ومستدامة. وتأتي هذه الاستثمارات في وقت جيد لأن الأسعار مغرية، إذ إن أسهم كثير من المؤسسات المالية الأوروبية الآن دون الأسعار العادلة. ويتزامن ذلك مع نقص في الرساميل أوروبياً. وما قبول تلك الاستحواذات من الخارج إلا لسد ذلك النقص».
على صعيد متصل، هناك محاولات أوروبية لضبط تلك العمليات ومراقبتها. وأقرت المفوضية الأوروبية الخميس الماضي نصاً أولياً يحدد قاعدة مشتركة جديدة تقوم على تبادل المعلومات بين دول الاتحاد حول عمليات الاستحواذ الجديدة، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية والحساسة. ويحتاج هذا النص إلى موافقة البرلمان الأوروبي، كما حكومات كل الدول الأعضاء؛ لكنه شكل منعطفاً كبيراً بعد عقود من الانفتاح بلا أي سؤال أو عقبة تذكر. والآلية المقترحة تنص على طلب رأي الدول الأعضاء في أي عملية استحواذ من طرف خارجي، وفي غضون شهر من إعلان ذلك الطرف نيته الشرائية. وهذا التطور يأتي بتفاهم فرنسي ألماني، وفق مبدأ تحدث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الراغب بـ«أوروبا حامية» لأفرادها وشركاتها من أي تملك أجنبي يأتي من دول متهمة بالمنافسة غير العادلة، ولا تعامل الأوروبيين بالمثل، وتسعى لوضع اليد على القطاعات الأوروبية الاستراتيجية.
وقال بعض من تابع نقاشات الخميس الماضي في المفوضية الأوروبية: «اتفق الأوروبيون على ذلك النص الذي لا يأتي على ذكر الصين؛ لكن كل من تابع في الكواليس يعرف أن بكين هي المقصودة». وأضاف المتابعون: «سيوسع تبادل المعلومات دوائر البحث عن المخاطر المحتملة في هذا الاستحواذ أو ذاك. لكن النص المقترح يبقي على الحق السيادي لأي دولة أوروبية في قبول الاستحواذ الذي تريده، مهما كان رأي الآخرين فيه. أما ما ورد في النص المقترح من تحذيرات خاصة بـ(حفظ الأمن الاقتصادي) و(النظام العام)، فقد أثار شكوك البعض حول إمكان تطبيقه الحرفي؛ لأن تلك المفاهيم فضفاضة كثيراً، وقد تعني الشيء القليل عند التطبيق. وبذلك يبقى الطريق أمام الصين مفتوحاً لمزيد من الاستحواذات لا سيما في القطاع المالي».



مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

قال مجلس الوزراء المصري، في بيان، السبت، إن مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية وقعتا اتفاقين باستثمارات إجمالية 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

يأتي توقيع هذين الاتفاقين اللذين حصلا بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث يهدف المشروع إلى دعم استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تستهدف تحقيق 42 في المائة من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وفق البيان.

ويُعد هذا المشروع إضافة نوعية لقطاع الطاقة في مصر؛ حيث من المقرر أن يُسهم في تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير فرص عمل جديدة.

وعقب التوقيع، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية الوطنية المصرية في قطاع الطاقة ترتكز على ضرورة العمل على زيادة حجم اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة إسهاماتها في مزيج الطاقة الكهربائية؛ حيث تنظر مصر إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة بها على أنه أولوية في أجندة العمل، خصوصاً مع ما يتوفر في مصر من إمكانات واعدة، وثروات طبيعية في هذا المجال.

وأشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة موسعة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الدولة المصرية في توفير بيئة استثمارية مشجعة، وجذب الشركات العالمية للاستثمار في قطاعاتها الحيوية، بما يُعزز مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة.

وأشاد ممثلو وزارة الكهرباء والشركة الإماراتية بالمشروع، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.