ألمانيا ترحب بـ«يورو» للجميع

رغم انتقادات الضعف الاقتصادي لبعض أعضاء الاتحاد الأوروبي

المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وبجانبها روبرت ستادلر رئيس مجلس ادارة مصانع أودي للسيارات في معرض السيارات الذي أقيم في فرانكفورت (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وبجانبها روبرت ستادلر رئيس مجلس ادارة مصانع أودي للسيارات في معرض السيارات الذي أقيم في فرانكفورت (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا ترحب بـ«يورو» للجميع

المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وبجانبها روبرت ستادلر رئيس مجلس ادارة مصانع أودي للسيارات في معرض السيارات الذي أقيم في فرانكفورت (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وبجانبها روبرت ستادلر رئيس مجلس ادارة مصانع أودي للسيارات في معرض السيارات الذي أقيم في فرانكفورت (إ.ب.أ)

أكدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، ضرورة الالتزام الصارم بالمعايير، وذلك في تعقيبها على مقترح رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر بشأن تطبيق عملة اليورو في جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.
وقالت ميركل أمس الجمعة في تصريحات تلفزيونية «بصورة مبدئية ينبغي أن يكون (تطبيق) عملة اليورو متاحا للجميع. ويتعين في الوقت نفسه تحقيق الشروط اللازمة لذلك. وسيظل الأمر على هذا النحو في المستقبل أيضا».
وبددت ميركل مخاوف من إمكانية حدوث أزمة ديون على غرار اليونان حال توسيع منطقة اليورو، وقالت: «لدينا معايير واضحة تماما تحدد متى يمكن لدولة الانضمام إلى اليورو».
وفي الوقت نفسه، حذرت ميركل من النظر إلى كل الدول في الاتحاد على حد سواء، موضحة أن بلغاريا على سبيل المثال لديها سياسة موازنة تقييدية، كما أن عجزها في الموازنة ضئيل للغاية، وذكرت ميركل أن الأمر أيضا يتوقف على رغبة بعض الدول في الانضمام إلى منطقة اليورو، وقالت: «أعلم أنه لا يوجد دافع حاليا لذلك في بولندا والتشيك».
واستقبلت ميركل في وقت لاحق أمس رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في برلين، خلال زيارته الأولى للبلاد. ومن المتوقع أن تدور المحادثات حول مقترحات يونكر بشأن توسيع منطقة اليورو.
كما رحب وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله بمبادرة رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر لتطبيق عملة اليورو في جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة الالتزام بالقواعد السارية في هذا الأمر.
وقال شويبله أمس الجمعة في العاصمة الأستونية تالين: «أرى أن يونكر تقدم بمقترح كبير للمضي قُدما بأوروبا. كان خطابا عظيما... لكن يتعين التحدث أكثر عن تفاصيل المقترح».
وكان يونكر حث خلال خطابه الذي ألقاه الأربعاء الماضي في البرلمان الأوروبي بستراسبورج عن الأوضاع في الاتحاد الأوروبي على انضمام كل الدول الأعضاء لمنطقة اليورو.
في حين تجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر منصوص عليه في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي لجميع الدول الأعضاء، باستثناء بريطانيا والدنمارك. إلا أن هذا الأمر يواجه انتقادات بسبب الضعف الاقتصادي لدول في الاتحاد الأوروبي، مثل بلغاريا ورومانيا، كما لا ترغب بعض الدول في تطبيق عملة اليورو لديها.
وقال شويبله «هناك شروط اقتصادية يتعين تحقيقها للدخول في الاتحاد النقدي، طالما أن هذه الشروط لم تتحقق فإنه ليس من مصلحة دولة عضوة (في الاتحاد الأوروبي) الانضمام إلى الاتحاد النقدي، كما لا يمكن للاتحاد النقدي قبول ذلك؛ لأن هذا يعرض استقراره للخطر».
وعن مقترح يونكر باستحداث منصب وزير للمالية للاتحاد الأوروبي، ذكر شويبله أن مسمى المنصب ليس مهما، لكن الأهم هو تحديد اختصاصات وصلاحيات من سيتولى هذا المنصب.
في حين كانت الحكومة الألمانية رحبت بالخطاب الذي ألقاه رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر عن مستقبل أوروبا يوم الأربعاء الماضي أمام البرلمان الأوروبي، إلا أنها لم تعلق على مقترحه بشأن تطبيق عملة اليورو في كافة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، إن أوروبا في وضع أفضل اليوم بصورة واضحة مقارنة بعام مضى.
وأضاف المتحدث، أنه من الجيد أن يضع يونكر أولوياته لمستقبل الاتحاد، مضيفا أنه يتعين مناقشة هذه الموضوعات خلال القمة الطارئة المقررة نهاية هذا الشهر في تالين وخلال القمة النظامية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في بروكسل.
وعن الخطاب، قال وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل: «جان - كلود يونكر يعرف الطريق السليمة لوحدة قارتنا»، موضحا أن هذه الوحدة تتطلب المزيد من الاندماج والتضامن والديمقراطية وسيادة القانون، وأضاف: «لا ينبغي أن نسمح بأي حال من الأحوال بانقسام الاتحاد الأوروبي إلى شرق وغرب وإلى جنوب وشمال وإلى فقير وغني».
وقال متحدث باسم وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله، إن يونكر وصف الوضع القانوني اللازم لتطبيق عملة اليورو على المدى الطويل في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، باستثناء بريطانيا والدنمارك، موضحا أن تحقيق ذلك يتطلب الإيفاء بمعايير محددة في إطار عملية طويلة من الإجراءات.
وكان يونكر طالب في خطابه بتطبيق سريع بقدر الإمكان لعملة اليورو في كل الدول الأعضاء في الاتحاد، وانضمام الدول الأعضاء كافة إلى منطقة الانتقال الحر (شينجن).
وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر دعا إلى تطبيق عملة اليورو في أنحاء الاتحاد الأوروبي كافة، بما فيها الدول الأكثر فقرا في شرق أوروبا.
كما دعا يونكر خلال خطابه في البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي إلى توسيع منطقة الانتقال الحر (شينجن) لتشمل الدول الأعضاء كافة في الاتحاد، إضافة إلى توسيع الاتحاد الأوروبي نفسه ليشمل 30 عضوا بحلول عام 2025.
وليس من المستبعد أن تثير مقترحات يونكر خلافا كبيرا بين قادة الدول الأعضاء في الاتحاد ومنطقة اليورو، حيث يعني توسيع منطقة اليورو انضمام دول ناقدة للاتحاد الأوروبي، مثل المجر أو بولندا إلى العملة الموحدة، أو انضمام دول فقيرة في الاتحاد مثل رومانيا وبلغاريا إلى اليورو.
وفي الوقت نفسه، عارض يونكر مشروعات إصلاحية موسعة في الاتحاد الأوروبي، مثل التي يقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان يونكر أكثر توافقا مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، التي تنظر بريبة إلى إعادة هيكلة موسعة للاتحاد.
تجدر الإشارة إلى أن خطاب يونكر عن أوضاع الاتحاد الأوروبي في البرلمان الأوروبي كان يتم انتظاره بترقب. فعقب قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد أثار يونكر جدلا حول إصلاح التكتل الأوروبي وطرح خمسة سيناريوهات لمستقبل الاتحاد في مارس (آذار) الماضي.
وبحسب مصادر دبلوماسية في بروكسل، لا يريد يونكر هياكل جديدة في الاتحاد أو إجراء أي تعديلات على مواثيق التكتل، وذلك على خلاف ماكرون، الذي طالب بتعيين وزير مالية خاص بمنطقة اليورو.
وكصيغة توافقية، يريد يونكر أن يصبح نائب رئيس المفوضية الأوروبية رئيسا رسميا لمجموعة اليورو من دون هيكل إداري جديد.
ويسعى يونكر لوضع بند خاص في ميزانية الاتحاد الأوروبي لمنطقة اليورو؛ وذلك بغرض دعم دول في الاتحاد مثل رومانيا أو بلغاريا في النهوض باقتصادها لتصبح مؤهلة للانضمام لمنطقة اليورو.
وتجدر الإشارة إلى أن عملة اليورو مطبقة في 19 دولة من بين 28 دولة في الاتحاد الأوروبي. وهناك دول لم تتخط العقبات الاقتصادية للانضمام إلى منطقة اليورو، كما توجد دول أخرى لا ترغب في تطبيق العملة لديها.
وبحسب بياناته، يخطط يونكر إلى طرح مبادرات محددة خلال الأشهر المقبلة بصورة مستقلة عن الجدال الدائر حول إصلاح الاتحاد.
وذكر يونكر، أن المفوضية الأوروبية تعتزم إبرام اتفاقيتين لتحرير التجارة مع أستراليا ونيوزيلندا بحلول عام 2019، موضحا أن هاتين الاتفاقيتين سيجرى التفاوض حولهما بأكبر قدر من الشفافية، حيث سيجرى إطلاع البرلمانات القومية والإقليمية على تفاصيلها منذ اليوم الأول.
كما اقترح يونكر التحقق على نحو دقيق في المستقبل من المستثمرين القادمين من دول خارج الاتحاد، للحيلولة دون استحواذات غير مرغوب فيها من شركات حكومية من الصين على سبيل المثال.
كما يخطط يونكر إلى تطبيق إجراءات وقائية من الهجمات الإلكترونية وطرح مبادرة لتبادل البيانات واستراتيجية لتعزيز ورقمنة الصناعة الأوروبية.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.